لا سفاهة في الحرية

لا سفاهة في الحرية

المغرب اليوم -

لا سفاهة في الحرية

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

من دون حرية، تموت الصحافة في بطء. ولا يمكن للبذور أن تنمو في التربة من دون مياه تمدها بالسقي الأول، أي الحياة. وتموت الصحافة فوراً إذا اختلطت الحرية بالسم، ولم يميز طالب الحرية بين السقط الأخلاقي والحقيقة، وإذا استوهم بأن للحرية معنى واحداً، هو الهدم والشتم والذم والصراخ. لا يمكن أن تكون هناك حرية من دون نبل ورقي وشهامة. الشتّام شتام، ولا اسم آخر له، ولا صفة ولا كنية. والذي يستسهل لغة الشتم ويحبذها ويصفق لها ويتلذذ بروائحها، هو مجرد ناقل أوبئة. لم ينسب إلى الزعماء الأحرار مرة واحدة كلمة نابية واحدة. حتى في حق الاستعمار. نستعيد تلك النضارات مع ذكرى ثورة 19 وإرث سعد زغلول، نستعيد صفحات الإشراق، في الحكم وفي المعارضة، ونحن نرى ما تتعرض له مصر اليوم من بعض المعارضين من شماتة وشتم، وهي تواجه أزمات مرعبة في تاريخها. ومن الجهل والتجاهل ألّا ينتبه مناضلو المعارضة إلى أن هذه الأزمات الوجودية آتية هذه المرة من الخارج، وليس من تقصير داخلي. ليست هي من أشعلت أزمة القمح العالمية في أوكرانيا منذ ثلاث سنوات إلى اليوم. وليس ذنب وزارة الاقتصاد أن مطاحن وأفران مصر لا يمكن أن تلحق بمعدل زيادة الاستهلاك، وليس ذنبها اشتعال حرب إقليمية وحشية في دارها وحول خواصرها.

برغم حجم هذه الأزمة الرهيبة، تصرفت مصر المسؤولة، حكومة ومؤسسات وجماعات وأهالي، بأرفع درجة من المسؤولية. أظهر الجميع أكبر درجة من التماسك والصبر واليقظة. وتذكر الجميع أن الذي يعاني كل هذه الآلام في نهاية المطاف هو شعب مصر، وليس حكومتها، ولا معارضتها، ولا الشتامين الذين لا يدركون على أي أرض يقفون.

من الغباء أن ننكر حجم الأخطار المحيقة بمصر. ولذا، فإن المرحلة ليست مرحلة لفظيات وشماتات شارعية، والوقوف عكس هذا التماسك الواعي والعفوي، فيما تهتز معظم الدول الأخرى بتبلبل مسارها كدول قائمة، بل تفقد صورتها كدول قائمة، بل تفقد صورتها كدول قابلة للحياة، وليس للانهيار أمام أكبر أو أصغر موجة من موجات التدمير.

ليس شعراً، ولا رومانسيات، القول بأن هذا الأسلوب الفارغ، والصدئ، في التعاطي مع المحنة القائمة، جريمة في حق كل مصري. وخصوصاً في حق الذين يعرفون معنى الفارق بين المشكلات الحكومية، ومسائل الوجود.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا سفاهة في الحرية لا سفاهة في الحرية



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib