مدن الصيف عند كبير القوّالين

مدن الصيف: عند كبير القوّالين

المغرب اليوم -

مدن الصيف عند كبير القوّالين

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

يدخل، أو يقتحم، أو يتسلل (إلى) حياة الشعوب منذ وعيهم الأول. إنه الملح والبهار لحياة الشعوب الأدبية مهما كانت نوعية الطعام. إنه أشهر قوّالي البشرية، وربما أعمقهم أيضاً. الكوميديا هو، والدراما هو، وفي الحب هو روميو، والحسد، والطمع، والتآمر، وصوت الساحرات الناعقات شؤماً وشراً ورعباً، وهو الخلق والفروسية والملك لير، وهو شايلوك البخيل الكريه، وهو الذي عمم إيطاليا، وإنكلترا، والدنمارك، وأسكوتلندا دون أن يغادر مسرحه الفقير. صارت لحيته الصغيرة علامة كونية مثل الشمس والقمر، وأحد عشر كوكباً، وطبعت من كتبه مليارات النسخ، واقتبس منه مئات الآلاف، وكتب عنه عشرات الآلاف، وشكك في وجوده الذين لم يستطيعوا التصديق أنه رجل واحد، من مدينة تدعى ستراتفورد أبون أفون.

كانت ستراتفورد أول مدينة نريد رؤيتها عندما بلغنا الجزر البريطانية. وكل من يأتيها يشعر أنه كان على ضفة الأفون من قبل. وبعض الأسماء كانت مألوفة مثل أشياء الطفولة. ولولا الخوف من تهافت المبالغة، لقلنا إن الشاعر مقامات مقامات مثل بدائع محمد الحريري البصري، وأستاذه بديع الزمان الهمذاني. وويلتاه، ويلاه، ليلاه، على ما حل بالبصرة. يقول كاتب عراقي من ذوي النثر المرصع بالحزن مثل مواويل الفرات إن الحروب أفرغت البصرة، وهجرتها المآسي.

وسوف تجد من أجل وصفها قصصاً كثيرة في ستراتفورد. لا ينضب ولا يجف نهر الأفون عندما يمرّ بالمدينة. أنا اخترت يومها أن نزورها، زوجتي وأنا، ومعنا (مرة أخرى) كتاب «رحلات في إنكلترا» لشاعر اليونان ورحالاتها، نيكوس كازانتزاكيس. لكن هذا العبقري لا يتركك على الضفاف. إنه رجل الأعماق كما في التقاليد الإثنية الهيلنية. وبدل أن أقرأ كيف دخل إلى ستراتفود، رأيتني أقرأ شرحه للإمبراطورية: «في نفس كل إنكليزي، مهما كان محدوداً، نافذة صغيرة تطل على المحيط. سحر غريب. أصوات غامضة، نداءات لا تقاوم، حنين دفين لركوب البحر والشروع في مغامرة. منذ تلك اللحظة الأولى التي تحطمت عمارته البحرية على الصخور، امتلك الإنكليزي البحر. المحيط هو أكبر مدافن الإنكليز. موجة تغطي إنكليزياً».

إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الصيف عند كبير القوّالين مدن الصيف عند كبير القوّالين



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib