استقالة رجل دولة

استقالة رجل دولة

المغرب اليوم -

استقالة رجل دولة

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

قبل فترة اتصل بي رجل في لهجة عراقية كاملة، وقال: «آني أيمن، مرافق السيد رئيس الوزراء. نحن في الطريق إلى أربيل. وعندما نعود، يريد السيد الرئيس التحدث إليك في السادسة، هل الموعد مناسب؟».
خُيِّل إليّ لوهلة أن في الأمر مقلباً. فما من عادات العرب تحديد موعد لمكالمات. خصوصاً كبار المسؤولين. لكن ذلك النهار كنت كتبت مقالاً عن الدكتور مصطفى الكاظمي، ومن عاداته التواضع. وفي الساعة السادسة تماماً، رن الهاتف باللهجة العراقية الغنائية نفسها: «آني أيمن، مرافق السيد رئيس الوزراء. الرئيس يريد التكلم إليكم». اعتقدت أن الرجل يريد شكراً مختصراً على المقال. لكنه مضى في حديث مسهب. قال إنه ينتمي إلى قِيَمه، وهذه القِيَم هي قِيَم العراقيين، ولن يساوم عليها لأنه لا بديل لها. وقال: لقد أغرقتنا الشعارات ودمّرتنا الحروب، ولقد آن أوان السلم والمصالحة والخروج من حمم الأيام.
بدا كلام مصطفى الكاظمي وكأنه يتحدث عن السويد أو الدنمارك. هل هذا كثير على الشعب العراقي؟ هل هو مجرد حلم قصير وانتهى؟ بكل هدوء، خرج الكاظمي من رئاسة الوزراء. لا صراخ ولا ثارات ولا تهديدات، وترك للحالمين بخلاص العراق أن يحاولوا ما حاول هو. وبكل شجاعة. ولم يكن ذلك أمراً عادياً. لا في دخوله ولا في خروجه. لقد حاولوا إقصاءه بتفجير بيته 50 ضعفاً. وحاولوا مرات أخرى. لكن الكاظمي ظل الرجل الذي يقود تجربة صعبة في بركان العراق.
يميل المعلقون العرب إلى المقارنة بين الوضع في العراق والوضع في لبنان. بل إلى الربط بينهما. ويكرر البعض جملة قالها الرئيس الراحل كميل شمعون في الخمسينات وهي: «عندما تحل في بغداد تنفرج في بيروت». وهذا كلام شاعري لا يصلح استخدامه في المقارنات بعدما اختلف الوضع السياسي في العاصمتين اختلافاً كلياً. ففي تلك الأيام، كانت إيران وتركيا خلف حدودهما، ولم تكن كل منهما على أرض العراق، كلٌّ من جهة. ومع الاثنتين هناك الوجود الأميركي. وكذلك حال لبنان، حيث الوجود الإيراني العسكري في أوجه، والوجود الأميركي السياسي في أوجه، بعدما رعت واشنطن ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، في احتفالات شبه يومية، ينفرد بها رئيس الجمهورية، ويوزع الأوسمة بسرعة على الذين تولوا التفاوض في غرفتين متلاصقتين ومنفصلتين في وقت واحد.
تسمى هذه الحال في لبنان الرسمي «الفذلكة»، أي تبرير التبرير وتفنيد الأمر الواقع. وقد استقال مصطفى الكاظمي بكل كبر وكأنه رئيس وزراء في بريطانيا، واللبنانيون غير واثقين حتى الآن أن ولاية الرئيس بلغها الفرض الدستوري وحتميات القانون.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استقالة رجل دولة استقالة رجل دولة



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 21:52 2019 السبت ,03 آب / أغسطس

"الفيل الأزرق 2" يعيد قوة موسم الصيف

GMT 16:19 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 14:20 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

طارق مصطفى يساند المنتخب أمام ساحل العاج

GMT 00:51 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

إسعاد يونس تعدّد صفات شريف مدكور برسالة دعم

GMT 09:39 2019 السبت ,06 إبريل / نيسان

أفضل الطرق لتسريحات الشعر الكيرلي في المنزل

GMT 05:32 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

قطر تُقرر مقاطعة نجوم " روتانا " بسبب الأزمة الخليجية

GMT 03:41 2015 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ستيفن كاري يشيد بجهود ليونيل ميسي مع "برشلونة" في الدوري

GMT 01:31 2018 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

أحمد صلاح حسني يشيد بشخصيته في مسلسل "أبواب الشك"

GMT 18:51 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الديكورات الفرنسية الكلاسيكية لمنزل أكثر أناقة

GMT 14:23 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلان الإيطالي يبدأ التفاوض مع لاعب تشيلسي فابريغاس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib