كلما تحدَّت إيران أذربيجان استفادت إسرائيل

كلما تحدَّت إيران أذربيجان استفادت إسرائيل!

المغرب اليوم -

كلما تحدَّت إيران أذربيجان استفادت إسرائيل

هدى الحسيني
بقلم : هدى الحسيني

حسب تقرير معهد استوكهولم الدولي لبحوث السلام الصادر مؤخراً، تبين أنه في فترة 2018 - 2022، أصبحت أذربيجان ثاني دولة تصدّر إليها إسرائيل معظم الأسلحة؛ إذ حصلت على 9.1 في المائة، وكانت الهند هي الأولى، حيث شكَّلت صادرات الأسلحة الإسرائيلية إليها 37 في المائة، والفلبين (8.5 في المائة) هي الدولة الثالثة، في تلك الفترة بلغت حصة إسرائيل من صادرات الأسلحة العالمية 2.3 في المائة. وفي الوقت نفسه، زادت أذربيجان من إمداداتها من الطاقة إلى دولة إسرائيل، فشكّلت 40 في المائة من طلبات الطاقة الإسرائيلية بعد حرب أوكرانيا. إلى جانب كل هذه الأسباب البراغماتية، فإنَّ العلاقة الوثيقة بين البلدين لها أسس تاريخية وثقافية أيضاً: أذربيجان هي موطن آخر جالية يهودية متبقية في القوقاز، والمعروفة باسم كراسنايا سلوبودا (المدينة الحمراء)، في حين تعيش جالية كبيرة من اليهود الأوروبيين في أذربيجان (معظمهم في باكو) منذ أواخر القرن التاسع عشر.

التعاون بين الدولتين لديه أيضاً القدرة على التأثير على سياساتهما الخارجية تجاه البلدان الأخرى، ويوضح التقارب الإسرائيلي - التركي الأخير هذه الإمكانية على أفضل وجه. في عام 2010، حدث انقطاع عميق في العلاقات بين البلدين في أعقاب حادث مافي مرمرة، عندما استهدفت البحرية الإسرائيلية سفينة تركية تحمل مساعدات إنسانية إلى غزة. في عام 2016، تصالحت تركيا وإسرائيل بشرط أن تدفع إسرائيل نحو 20 مليون دولار لأسر النشطاء الذين لقوا حتفهم في الحادث. على الرغم من ذلك، لم تدم هذه الاتفاقية طويلاً، حيث أنهت تركيا علاقتها بإسرائيل في عام 2018 بعد اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل.

معلَم مهم آخر للسياسة الإقليمية هو اتفاقات أبراهام، التي تم التوصل إليها بدعم من واشنطن في أغسطس (آب) 2020، بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب.

في البداية، كان رد فعل تركيا سلبياً، حيث هدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بقطع العلاقات بالإمارات العربية المتحدة. لكن انتهى الأمر بأنقرة والقدس على الجانب نفسه للدفاع عن أذربيجان عندما اندلعت الحرب في ناغورني قره باغ، والتي يبدو أنها تذكّر كلا البلدين بما يمكنهما إنجازه معاً. بحلول ديسمبر (كانون الأول) 2020، اكتشفت إدارة إردوغان أن الصراع الدبلوماسي مع إسرائيل كان يضعها في موقف غير مريح. بعد عقد من العلاقات المتوترة، غيّرت الحكومة مسارها وقررت العمل على إصلاح العلاقات التالفة.

كجزء من هذا التحول، قررت تركيا تحسين علاقتها بإسرائيل، حتى أنها أذعنت بصمت لاتفاقات أبراهام، على الرغم من انتقاداتها السابقة. كانت أذربيجان في وضع جيد للعب دور جسر محتمل في عملية التطبيع وفي ديسمبر (كانون الأول) 2020، قال وزير الخارجية الأذربيجاني جيهون بايراموف: إن باكو يمكن أن تتوسط بين تل أبيب وأنقرة. في وقت لاحق، صرح مساعد رئيس أذربيجان حكمت حاجييف بأن باكو يمكن أن تستضيف مفاوضات ثلاثية.

جاء هذا الذوبان في العلاقات الثنائية بعد أكثر من 10 سنوات من التوترات. وساعدت زيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتزوغ إلى تركيا في مارس (آذار) 2022، والتي تلتها زيارات متبادلة قام بها وزيرا خارجية البلدين، في تدفئة العلاقات. في يونيو (حزيران) من العام الماضي، عملت تركيا وإسرائيل معاً لتعطيل الخطط الإيرانية لخطف السياح الإسرائيليين من تركيا ومهاجمتهم. بعد شهرين، أعلنت الحكومتان أنهما استعادتا العلاقات الدبلوماسية بالكامل. بعد ذلك، في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، ساعد الاجتماع بين وزيري الدفاع في تركيا وإسرائيل في تعزيز عملية التطبيع، وكانت زيارة بني غانتس إلى أنقرة بارزة لكونها الأولى من قبل وزير دفاع إسرائيلي منذ أكثر من عقد من الزمان. بالإضافة إلى ذلك، أنقذ فريق إسرائيلي 19 مواطناً تركياً بعد أن ضرب زلزال كبير الجزء الجنوبي الشرقي من تركيا الشهر قبل الماضي. فشكر إردوغان وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، وقال إن تركيا ستتذكر دائماً المساعدات التي قدمتها إسرائيل.

جعلت أذربيجان التطبيع التركي - الإسرائيلي أحد أهداف سياستها الخارجية الرئيسية. مع استمرار تصاعد التهديد من جمهورية إيران الإسلامية، لم يكن بإمكان باكو أن تطلب توقيتاً أفضل لتعزيز العلاقات بين أقرب حلفائها.

عززت التوترات المتزايدة بين إيران وأذربيجان وإسرائيل الشراكة الاستراتيجية بين الأخيرتين. بعد أسبوعين من اشتباكات سبتمبر (أيلول) على الحدود بين أرمينيا وأذربيجان، زار بيني غانتس، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق أذربيجان، حيث التقى رئيس البلاد، إلهام علييف، ونظيره الأذربيجاني، زاكير حسنوف.

أضافت «اتفاقات أبراهام»، والتقارب بين تركيا وإسرائيل، والعلاقات المتوترة بين أذربيجان وإيران بعداً جديداً للشراكة الآذرية – الإسرائيلية. حتى وقت قريب، رفضت أذربيجان دائماً طلب إسرائيل بإرسال سفير دائم على الرغم من افتتاح إسرائيل سفارة في باكو في أغسطس 1993. تغير هذا عندما اتخذت أذربيجان القرار التاريخي بالرد بالمثل أخيراً بعد ما يقرب من 30 عاماً. يرجع السبب وراء تردد أذربيجان الأولي إلى المخاوف بشأن إزعاج البلدان الإسلامية الأخرى واستفزاز إيران، التي حمَّلت إسرائيل المسؤولية عن تدهور العلاقات بين باكو وطهران.

خلال حكومة بنيت - لبيد قصيرة الأجل في إسرائيل، تم رفع الشراكة بين أذربيجان وإسرائيل إلى مستوى استراتيجي جديد. وصف يائير لبيد أذربيجان بأنها شريك مهم لإسرائيل. في هذا السياق، كانت زيارة بيني غانتس، وزير الدفاع آنذاك، إلى أذربيجان حاسمة للغاية. طوال زيارته، أكد غانتس على أهمية «الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية بين دولة إسرائيل وجمهورية أذربيجان»، و«التفكير في التغييرات بالشرق الأوسط بعد توقيع اتفاقيات أبراهام». كذلك ناقش هو ومسؤولون في أذربيجان علاقات إسرائيل النامية بتركيا وبلدان إضافية في المنطقة والعالم. يمكن القول إن المناقشات خلال هذه الزيارة لعبت دوراً حاسماً في تمهيد الطريق لقرار فتح سفارة أذربيجان في إسرائيل.

لم يكن للتغيير الحكومي في إسرائيل أي آثار واضحة على الشراكة الاستراتيجية الآذرية - الإسرائيلية. تواصل حكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو التعاون الوثيق مع أذربيجان. عيّن إلهام علييف أول سفير أذربيجاني لدى إسرائيل، مختار ممادوف، في 11 يناير (كانون الثاني). وفي فبراير (شباط) الماضي، التقى وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الرئيس علييف على هامش مؤتمر ميونيخ الأمني.

عندما يتعلق الأمر بإمكانية نشوب صراع بين أذربيجان وإيران في ضوء التوترات الأخيرة، من الواضح أن طهران جهة فاعلة أكبر وأقوى من باكو، إلا أنها لا تستطيع أيضاً تجاهل الحقائق الجيوسياسية، ولا سيما الحاجة إلى الحفاظ على علاقاتها مع تركيا وروسيا، فضلاً عن اعتمادها على أذربيجان من حيث الخدمات اللوجيستية. لذلك؛ فإن احتمال حدوث أي نزاع مسلح بين البلدين يبدو بعيداً جداً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلما تحدَّت إيران أذربيجان استفادت إسرائيل كلما تحدَّت إيران أذربيجان استفادت إسرائيل



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:34 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"
المغرب اليوم -

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib