مصافحة الرياض وسباق التقدم
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

مصافحة الرياض وسباق التقدم

المغرب اليوم -

مصافحة الرياض وسباق التقدم

غسان شربل
بقلم : غسان شربل

أتاحتْ لي المهنةُ في السنواتِ الست الماضية أنْ أشهدَ مصافحاتٍ بارزةً على أرض السعودية. مصافحة الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس دونالد ترمب والتي ترافقت مع قمتين أميركية - خليجية وأميركية - عربية. ومصافحة محمد بن سلمان مع الرئيس فلاديمير بوتين. وتلامسُ القبضتين بينَ وليِّ العهد السعودي والرئيسِ جو بايدن والذي ترافق أيضاً مع قمة أميركية – سعودية، وأخرى أميركية - خليجية بمشاركة مصرَ والأردن والعراق. أتاحت لي المهنةُ أيضاً أن أشهدَ مصافحاتِ محمد بن سلمان في رحلاتِه الخارجية والتي تميَّزت بدبلوماسيةٍ مدروسة. زيارات دولية تعزّز العلاقاتِ مع موسكو ولا تنسَى واشنطن وترسّخ العلاقاتِ مع بكين من دون أن تنسَى نيودلهي وطوكيو. زيارات لاستكشاف فرصِ تعاونٍ أوسع وبناءِ شراكات على قاعدة المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل، وعدمِ التدخّل في الشؤون الداخلية. وعلى رغم أهميةِ تلك المصافحات، شعرت قبلَ أيامٍ في الرياض أنَّ مصافحةَ شي جينبينغ ومحمد بن سلمان كانت استثنائيةً لأسبابٍ سعوديةٍ وصينيةٍ ودولية.
شعرت كصحافيٍّ أنَّني أشهدُ مصافحةً من قماشةِ تلك التي تذهبُ إلى التاريخ. كانت المصافحةُ عميقةً ومثقلة بالمعاني والرموز. زعيم حزب ماوتسي تونغ يصافح الرجلَ الوافد من تراثِ المؤسس الملك عبدِ العزيز ومدرسةِ الملك سلمان بن عبد العزيز. رجلان من حضارتين وتراثين وجيلين يمثّل كلٌّ منهما منعطفاً في تاريخ بلاده. يحملُ الأولُ «الحلمَ الصيني»، ويحملُ الثاني «الحلمَ السعوديَّ». مصافحة بين نهضتين وحارسي النهضتين. يستطيعُ الأولُ القولَ، استناداً إلى الأرقام، إنَّ وضعَ الصيني اليوم أفضلُ بكثيرٍ ممَّا كان عليه يومَ تولى المقاليد. ويستطيع الثاني القولَ، استناداً إلى الأرقام، إنَّ وضعَ السعوديَّ اليومَ أفضلُ مما كانَ يوم أطلق شرارةَ تحولٍ واسعٍ ينطلق من الاقتصاد ويتخطاه. بدت المصافحةُ موعداً على طريقِ التقدم والمستقبل. موعد في النقطة التي تلتقي فيها مبادرةُ «الحزام والطريق» بـ«رؤية 2030». شراكة في الحلم برفع مستوى معيشةِ المواطن وصناعة الازدهار والاستقرار. وشراكة في قطفِ ثمارِ التكنولوجيا والابتكار والتنافس وضخّ الإمكانات في خدمة الصحة والتعليم، والتصدي للأوبئة وأزمة المناخ. تبادل تجاري وثقافي وتقريب بين القراءتين للوضع الدولي والإقليمي. مصافحة عميقة تضمنُ تبادلَ الخبرات وتفتحُ أمام الاستثمارات والصادرات السعودية أبوابَ «مصنع العالم» وتفتحُ أمامَ الشركات الصينية أبوابَ ورشةِ تقدمٍ هائلة تشهدها السعودية. ولأنَّ السعوديةَ يمكن أن تلعبَ بحكم موقعِها الجغرافي والتحول الحاصل فيها، دورَ الجسر والمحفز والبوابة، كانت الإطلالة الصينية من الرياض على العالم العربي والشرق الأوسط. وفي عمقِ المصافحةِ أيضاً شعورٌ بالمسؤوليةِ الدولية وتشديدٌ على حوار الحضاراتِ والحلول السلمية للنزاعات، واحترامُ حقِ الاختلاف، والابتعادُ عن لغةِ المحاورِ والمواجهات، وتأكيدُ حقِ الدول في السيادة واحترام تراثاتها وخياراتها السياسية والتنموية، وفتح أبواب الأمل لضمان الاستقرار الاقتصادي في العالم، وانسيابِ سلاسلِ التوريد.
جاءت المصافحةُ الصينية - السعودية ثمرةً لقراءةٍ متأنية للتحولات التي يشهدُها العالم، خصوصاً بعد الحربِ في أوكرانيا، ونذرِ التغييرات في توزيع المواقع في نادي الكبار، حيث لا ينفصل الثقل السياسي عن الثقلِ الاقتصادي. قراءة تدفع إلى توسيع دائرةِ العلاقاتِ والشراكات، ومن دون أن تحول علاقة عميقة مع طرف دون علاقة عميقة مع آخر. ففي العالم المتشابك المصالح لا تعتبر القطيعةُ نهجاً، ولا إغلاق الأبواب سياسة. لكنَّ العلاقاتِ بين الدول كمَا هِيَ بين الأفراد، تحتاج دائماً إلى صيانة يوفرُها فنُّ الاستماعِ إلى هواجس الآخر ومصالحِه.
يدركُ محمد بن سلمان ما أوجدته العولمةُ من ترابطٍ بين مصائرِ أبناءِ ما كان يسمى «القرية الكونية». يدركُ العلاقةَ بين ديمومة الازدهار وديمومة الاستقرار في المحيط والعالم. لهذا أرادَ أن تكونَ المصافحةُ الصينية - السعودية مشفوعةً بمصافحةٍ صينيةٍ -خليجيةٍ ومصافحةٍ صينيةٍ - عربية. وهذا مَا حدث.
كانت القمةُ العربية - الصينية مميزةً بالفعل. وجدَ المشاركون أنفسَهم أمام تجربتين للتقدم؛ الأولى صينية، والثانية سعودية. ظهرت لدى المشاركين ملامحُ قناعة أنَّ الانتظارَ والتأجيلَ لن يساهما إلا في تعميقِ المشاكل واستفحالها. ملامح قناعة بوجوبِ اتخاذ قراراتٍ صعبة؛ لأنَّ الطريقَ الوحيدَ الموصلَ إلى المستقبل هو طريق الإصلاح. والإصلاح يعني بناءَ المؤسسات ومكافحة الفساد الذي يلتهمُ البلادَ وتحديث القوانين والتعليم واللحاق بالتقدم التكنولوجي المتسارع وبناء العلاقات الدولية على قاعدة دعم المشروع التنموي، وتبادل الخبرات والانخراط في العالم المتحول وإنجازاته واشتراطاته. شعر المشاركون بأنَّ الدولةَ تستطيعُ الإمساكَ بقرارها ومصيرها إذا أحسنت الاستماعَ إلى نبضِ شعبِها، خصوصاً الأجيالَ الشابةَ منه. لا يجوز أن تستمرَّ دولٌ عربيةٌ منكوبةٌ في ضخّ شبابِها في «قوارب الموت». ولا يجوزُ الغرقَ في حروب الميليشيات وخوض الحروبِ بالوكالة، نيابة عن الخارج القريب أو البعيد.
وبدا واضحاً شعورُ المشاركين بسهولة التقاربِ مع الصين. لا تتدخَّل في شؤونِهم الداخليةٍ ولا تحاول فرضَ نموذجها. تتحدَّثُ بلغةِ المصالحِ المتبادلة، ولا تقدّم نفسَها جمعيةً خيرية. ثم إنَّ شي جينبينغ تجاوزَ سياسةَ التحفظ والكلمات القليلة، ليؤكد موقفَ بلادِه المؤيد حل الدولتين وحق الدول العربية في الأمن والاستقرار، بعيداً عن أي تدخلات خارجية.
امتدحَ عددٌ من العرب المشاركين ذكرياتِ «طريق الحرير» ونوَّهوا بمبادرة «الحزام والطريق»، لكنَّ سلوكَ هذه الطرق وما يشبهُها يبدأ بالضرورةِ بقرارِ الإصلاح وتجاوزِ الخوفِ من كل تغيير. ليس مطلوباً نسخُ أيِّ تجربة ناجحة. للتجارب علاقة بمسارحِها وخصوصياتها. لكنَّ حسنَ الإدارة يمكن أن يعوّضَ بعضاً من غيابِ الثروات الطبيعية، كما أظهرت تجاربُ كثيرةٌ في العالم.
التجربةُ الصينيةُ تحرِّضُ على سلوكِ طريق الإصلاح. والتجربةُ السعوديةُ تحرِّضُ أيضاً؛ كونَها ابنةَ مجتمعٍ عربيٍّ وإسلاميٍّ قريبِ الملامح. والأكيد هو أنَّ التخلفَ العربيَّ ليس قدراً. وصناعة المستقبل تبدأ بمغادرةِ الخطواتِ الخجولةِ أو المترددة، وخوضِ معركة الوقت لتعويض ما فاتَ واللحاق بمن حوَّلوا الوقتَ من وسادة إلى فرصة. لم يكن «الحلمُ الصيني» سهلاً. والأمر نفسُه بالنسبة إلى «الحلم السعودي». الحلمُ العربيُّ ممكنٌ شرطَ توافرِ الإرادة. وكانَ لافتاً أن يختتمَ الأمير محمد بن سلمان القمةَ بعبارة -رسالة، قال فيها: «نؤكد للعالمِ أنَّ العربَ سوف يسابقون على التقدم والنهضة مرة أخرى، وسوف نثبتُ ذلك كلَّ يوم».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصافحة الرياض وسباق التقدم مصافحة الرياض وسباق التقدم



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib