الجيش ونجيب عملوا ترتيب

الجيش ونجيب عملوا ترتيب!!

المغرب اليوم -

الجيش ونجيب عملوا ترتيب

طارق الشناوي
بقلم : طارق الشناوي
 

تستطيع أن تقرأ الحياة في مصر بكل أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية من خلال الأشرطة السينمائية، انتشر على (النت) بعد زيادة معدلات التحرش والتنمر، لقطة من فيلم (سيدة القصر) فاتن حمامة تمضى مسرعة في الشارع بينما رجل من الاتجاه الآخر يقطع الطريق، الكاميرا لقطة عامة تسمح بأن نرى وجه فاتن، بينما الرجل يضع لا شعوريا يده اليسرى خلف ظهره، اللقطة لا أهمية درامية مباشرة لها في تصاعد الأحداث، والرجل لن نراه ثانية، المخرج الكبير كمال الشيخ فقط أراد أن يمنح للمشهد مصداقيته الواقعية، لم يكن الشارع يعرف الحجاب بعد، ولم نلمح في يد الرجل سبحه ولم يطلق ذقنه، ولكنه فقط ملمح في الحياة يوثق نهاية الخمسينيات، يقول لنا أين كنا وكيف أصبحنا؟.

مع قيام ثورة يوليو كان لدينا أكثر من فيلم يجرى تصويره، حسين صدقى مثلا أطلق على فيلمه الجديد عنوان (يسقط الاستعمار) وعلى الأفيش كتب الدرس الأول في الوطنية وسبق اسمه توصيف المناضل حسين صدقى، وهو نموذج للفنان الذي يسارع بتأييد كل ما تعلنه الدولة.

عرض في بدايات عام 1953 فيلم (اللص الظريف) بطولة إسماعيل يسن وشادية وذلك مع تدشين إسماعيل كنجم جماهيرى، كان بينهما ثنائية ناجحة، لم يكن توصيف الثورة مستخدما بعد، تعددت الأسماء، انقلاب وحركة وحركة مباركة وتطهير وغيرها، ويقال إن توصيف الثورة منسوب إلى عميد الأدب العربى طه حسين، فما هو الاسم الذي تناولته السينما؟ اختارت (ترتيب)، أضافوا مونولوج بصوت إسماعيل تحية للثورة، كتبه الشاعر (ابن الليل) وهو من صعاليك الشعراء بقدر ما كان أيضا من الموهوبين، وضع الألحان عزت الجاهلى، المونولوج اسمه (20 مليون وزيادة)، مقصود بالرقم طبعا عدد سكان مصر في تلك السنوات، وجاءت الكلمات (الجيش ونجيب عملوا ترتيب)، إنها المرة الأولى والوحيدة التي جاء في سياق غنائى اسم اللواء محمد نجيب قائد الضباط الأحرار وأول رئيس للجمهورية بعد ذلك، هل من الممكن أن يستخدم الشاعر توصيف ترتيب عشوائيا، لمجرد ضبط القافية مع نجيب؟ وزارة الداخلية كانت هي الجهة المنوط بها التصريح بالأفلام، لا يمكن أن تسمح قطعا بذلك، فيما يبدو وحتى عرض الفيلم لم يكن قد حسم الأمر بعد، وبالطبع منع الفيلم من العرض تليفزيونيا طوال حكم جمال عبدالناصر لأن به إشارة لنجيب.

لم يمض أكثر من أسبوعين على قيام ثورة 23 يوليو، حتى أصدر اللواء «محمد نجيب» بياناً وجهه للفنانين عنوانه (الفن الذي نريده) وانتقد الأفلام المصرية، لأن بها رقصة أو أكثر، عقد عدد من رجال الثورة اجتماعاً مع بعض السينمائيين طالبوهم فيها بأن يقدموا فناً يتوافق مع روح الثورة، أغلب السينمائيين رحبوا، بل وزايدوا، ورغم ذلك، لم تختف الرقصات من الفيلم المصرى ولم تُظهر الدولة وقتها غضبا، الكل تعامل مع الموقف على أساس أن البيان الرسمى لا يعنى الالتزام الحرفى، شريط السينما يُصنع بشروط السينما، وهذا ملمح آخر من الممكن أيضا أن تقرأه في العلاقة بين الفنانين والسلطة في مطلع الثورة!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجيش ونجيب عملوا ترتيب الجيش ونجيب عملوا ترتيب



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 12:48 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان السبت 26-9-2020

GMT 11:52 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

تشكيل الوداد لمواجهة النجم الساحلي

GMT 04:35 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

إليكم أفضل الأماكن في لبنان لهواة رياضة ركوب الشواطيء

GMT 12:34 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

موزيلا ستطرح نسخة مدفوعة من فايرفوكس

GMT 01:29 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

10 صنادل مميّزة تكمل أناقة الرجل العصري في 2019

GMT 19:33 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

بايرن ميونخ يفقد أحد أسلحته أمام بريمن
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib