منة شلبي في جحيم من الأحجار

منة شلبي في جحيم من الأحجار

المغرب اليوم -

منة شلبي في جحيم من الأحجار

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

القضية لا تزال في حوزة القضاء الذي أثق تماماً بعدالته. مع الأسف تحولنا إلى رؤساء محاكم نصدر أحكاماً مغلظة، قبل أن نتيقن من حيثيات الإدانة. تشعر أن كل شيء سابق التجهيز ومعد سلفاً. وهكذا تسارع «السوشيال ميديا» بتأكيد كل الملابسات التي تؤدي إلى توجيه أقصى درجات العقوبة.
لا تزال منة شلبي حتى الآن تحصل على جوائز «أفضل ممثلة»، من مختلف الجمعيات والمهرجانات، وعن جدارة، عن مسلسلها الأخير «بطلوع الروح» الذي احتل المكانة الأولى مصرياً وعربياً، كما أن منة هناك شبه إجماع أيضاً على تفردها وأحقيتها عبر مشوارها (20 عاماً) بكل لك الحفاوة.
هناك خط فاصل يجب احترامه بين الإنجاز الفني وتطبيق القانون. الشهرة لا تمنح الإنسان درعاً واقية تتيح له، كلما عنَّ له، اختراق القانون والقواعد والأعراف، طبعاً لا، ولكن من حق المشهور أن يتمتع بحقوقه باعتباره إنساناً، فلا يصبح مستباحاً على هذا النحو الذي رأينا عليه منة. ما هو في حقيبة السفر -مهما كان توصيفه- يظل يتمتع بالخصوصية، فلا أحد من حقه أن يؤكد ما هو بالضبط، ولهذا حرص قرار النيابة على إضافة توصيف: «يشتبه أنه مواد مخدرة»، ولم يذكر مباشرة أنها كذلك. هذا اليقين لا يتم تداوله إلا بعد أن يذكر ذلك صراحة «المعمل الجنائي».
هل لدى الجمهور نهم في متابعة ما يفضح النجوم، على الرغم من أن الناس هي التي تمنح الفنان وهج النجومية؟ أظن ذلك، فالناس هي التي تحدد، وعبر الزمان، مواصفات النجوم، وفي كل المجالات، فهم صانعون وليسوا فقط شركاء النجاح. ولكن يبقى شيء مهم جداً في المعادلة، أن بعض هؤلاء الشركاء يستشعرون في لحظات أن من حقهم محاسبة الفنان وتوجيه اللوم إليه، وهذا طبعاً مباح لو كنا بصدد عمل فني، ولكننا الآن نتناول اتهامات جنائية، حددتها النيابة في إطارها الصحيح (يشتبه في كونها مواد مخدرة). حتى لو كانت بعض الدول مثل عدد من الولايات الأميركية وأيضاً الدول الأوروبية، قد سمحت بتداول بعضها في إطار قانوني وبجرعات مقننة، فهذا لا يلزم أي دولة أخرى بتطبيق تلك القواعد، فما تبيحه أميركا وغيرها لا يعني أنه يتمتع بالحماية في كل بقاع المعمورة.
الجمهور -أتحدث قطعاً عن الأغلبية، أو تحديداً الجزء الظاهر والمعلن من الناس الذين تسمع صوتهم صاخباً عبر وسائط التواصل الاجتماعي- ليسوا محايدين في وجهة نظرهم. التجربة أثبتت أن هناك انطباعاً مسبقاً ضد الشخصيات العامة، وخصوصاً لو كان يحمل صفة فنان. في الذاكرة الجمعية، لدينا انطباع مسبق بأن الفن قرين للرذيلة، ويذكرون عدداً من المشاهير وقعوا في براثن الإدمان، وما يتداول في جزء منه صحيح، إلا أنه لا يشكل قطعاً كل الصورة، جزءاً منها فقط، إلا أنه ينتقل بكثافة من جيل إلى جيل، على الرغم من أن الأغلبية ممن احترفوا الفن لم يمارسوا طوال حياتهم أي نوع من الانحراف أو حتى الخروج عن القواعد.
هناك رغبة عارمة في تحقيق «الترند» على حساب الحقيقة. الاتهام المباشر يشكل واحدة من أكثر الصور الذهنية تداولاً عند قطاع من الجمهور، يراه قريناً مباشراً لممارسة الفن (أنت فنان؛ إذن أنت مدمن)!
«من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر»، كما قال السيد المسيح، عليه السلام، فما بالكم أنها -أقصد منة شلبي- لم يثبت عليها حتى الآن أي خطأ وليس فقط خطيئة، وعلى الرغم من ذلك تنهال عليها كل هذه الأحجار القاتلة، وبلا رحمة أو شفقة أو حتى إنسانية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منة شلبي في جحيم من الأحجار منة شلبي في جحيم من الأحجار



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 16:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مباحثات مغربية أميركية لتعزيز التعاون العسكري المشترك
المغرب اليوم - مباحثات مغربية أميركية لتعزيز التعاون العسكري المشترك

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 08:18 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:18 2022 الأربعاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

« بكتيريا متطرفة » لإزالة التلوث النفطيِ

GMT 23:41 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

هامبورغ أكثر الأماكن المذهلة لقضاء شهر العسل

GMT 14:14 2017 الإثنين ,05 حزيران / يونيو

اتحاد طنجة يخطط لضم نعمان أعراب من شباب خنيفرة

GMT 16:18 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الإتحاد الأوروبي يطلّق تحقيقاً مع تيك توك ويوتيوب

GMT 22:58 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

الأحرش بطلا للمغرب في القفز على الحواجز

GMT 02:12 2021 الجمعة ,17 أيلول / سبتمبر

أجمل المعالم السياحية في جزيرة كريت اليونانية

GMT 16:08 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

بني ملال تبحث تدبير ما بعد فترة "الحجر الصحي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib