منير وعمرو اخترقا حاجز الزمن

منير وعمرو اخترقا حاجز الزمن

المغرب اليوم -

منير وعمرو اخترقا حاجز الزمن

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

مشهد سوف يستقر طويلاً في الوجدان؛ محمد منير وعمرو دياب معاً في «دويتو» على مسرح أبو بكر سالم بالرياض، تحت مظلة الموسيقار هاني شنودة. لقاء العمالقة من الجيل نفسه دائماً يصبح حلماً عصياً على التنفيذ، إلا أن المستحيل قبل أيام صار ممكناً.
كم حلمنا بثنائية تجمع أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب في عمل فني واحد أمام كاميرا السينما. تسعى الذائقة الشعبية دوماً للتحليق بخيال يتجاوز حدود ما هو متاح على الأرض ليرنو للسماء، وهكذا يتجدد الأمل في اللقاء بين العمالقة، إلا أن هناك دائماً عوائق مادية ضارية وأخرى أدبية لا تقل ضراوة، تحول دون استكمال اللقاء.
رائد الاقتصاد المصري طلعت باشا حرب، حاول إقناع القمتين أم كلثوم وعبد الوهاب، لتقديم فيلم غنائي مشترك، على غرار «روميو وجولييت» أو «قيس وليلي». بدأت المحاولة نهاية الثلاثينات مع انطلاق مشروعه «استوديو مصر»، كل شيء كان متفقاً عليه حتى تلك التفاصيل التي كثيراً ما تفسد اللقاءات بين الكبار، مثل «التترات» و«الأفيشات»، ومن يسبق الآخر. لم يكن لدى عبد الوهاب أدنى حساسية أن يسبقه اسم أم كلثوم، اشترط فقط أن يلحن كل الأغنيات التي تتخلل الفيلم. أم كلثوم قالت: «الدويتو» المشترك بيننا يلحنه عبد الوهاب ونغنيه معاً، إلا أنها اشترطت في أغانيها ألا ينفرد عبد الوهاب بتلحينها كلها، مشاركاً زكريا أحمد، ومحمد القصبجي، ورياض السنباطي، وهو ما رفضه تماماً عبد الوهاب.
السبب الحقيقي الذي لم تذكره أم كلثوم، صراحة، هو توجسها من عبد الوهاب. اعتقدت أنه سوف يستأثر بالجملة الموسيقية الحلوة، ويمنحها الأقل حلاوة وطلاوة، لتنجح أغانيه التي يرددها بصوته على حساب أغانيها.
أراه نوعاً من «الفوبيا» أو الخوف المبالغ فيه. عبد الوهاب الموسيقار لن يتحيز لعبد الوهاب المطرب على حساب المطربة أم كلثوم. مبدؤه أن يقدم الأجمل في الألحان؛ سواء رددها بصوته أو بصوت الآخرين.
وتعطلت لغة الكلام، وفشلت كل محاولات الجمع بين «الست» و«موسيقار الأجيال»، وأتصور أن كلاً منهما ندم بعدها، والدليل أنهما التقيا في نحو 11 أغنية، منذ «أنت عمري» عام 1964، ولكن بعد أن فاتهما للأبد قطار السينما.
تمكنت «هيئة الترفيه» التي التقطت بذكاء الرغبة العميقة داخل محبي الغناء في عالمنا العربي، من أن تجعلهم يشاهدون القمتين معاً في لقاء سيظل في ذاكرة تاريخ الموسيقى، في تلك الأمسية التي انطلقت يوم 8 مارس (آذار) الماضي، وكنت شاهداً عليها. وهكذا رددا معاً أغنية «أمي الحبيبة» بمصاحبة عزف هاني شنودة على البيانو. التاريخ هنا سيتوقف عند تلك الليلة الاستثنائية التي جمعت بين القمتين.
هل هي الإمكانات المادية التي يتم رصدها؟ أعتبره نوعاً من الكسل في التفسير. هناك أفكار مماثلة تم تسويقها بلا أي مقابل مادي، مثل زجاجات المياه التي تصدَّرتها صور هاني شنودة، كم تكلفت؟ لا شيء، بينما لو كان السؤال كم تساوي في قلب هاني وعشاقه، سنكتشف أنها تتجاوز حساب الملايين.
حرص عمرو دياب في الحفل على أن تصل تلك الرسالة للناس، عندما قال على الهواء: «أنا عطشان»، ثم أشار لهاني شنودة ليرى صورته على الزجاجة، ليسعد قلبه وقلوبنا بهذا التكريم، وبتلك الأمسية التي أراها استثنائية وغير مسبوقة.
أثق بأنه لا يزال لدى هيئة الترفيه الكثير الذي يحلِّقون به بعيداً عن الصندوق المتعارف عليه. ما شاهدناه لم يكن مجرد حفل ناجح بلغة الأرقام أو المشاعر، ولكنه حفل قادر على اختراق حاجز الزمن.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منير وعمرو اخترقا حاجز الزمن منير وعمرو اخترقا حاجز الزمن



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي

GMT 08:03 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

ما الذي سيقدمه "الأسطورة" في رمضان 2018؟

GMT 20:50 2018 السبت ,24 شباط / فبراير

خفيفي يعترف بصعوبة مواجهة جمعية سلا

GMT 17:06 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

وليد الكرتي جاهز للمشاركة في الديربي البيضاوي

GMT 06:59 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

كليروايت تغزو السجادة الحمراء بتشكيلة متميزة

GMT 17:54 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الفالح يُعلن أهمية استمرار إجراءات خفض إنتاج الخام

GMT 19:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

مهرجان أسوان لأفلام المرأة يفتح باب التسجيل بشكل رسمي

GMT 05:45 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

ابتكار روبوت مصغر يتم زراعته في الجسم

GMT 23:06 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مشروع الوداد يؤخر تعاقده مع غوركوف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib