الترنيمة الأخيرة ليست هى الأجمل

الترنيمة الأخيرة ليست هى الأجمل

المغرب اليوم -

الترنيمة الأخيرة ليست هى الأجمل

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

كثيرًا ما نقرأ أو نشاهد أو نسمع آخر ما أبدعه الفنان، ونُضفى عليه الكثير من الظلال على اعتبار أنه الأجمل. الواقع يؤكد أنه ليس بالضرورة كذلك، كما أننا نبحث بين السطور عن شىء يشير إلى أن الفقيد كان يتوقع الموت، ونمسك بكلمة أو موقف عابر ونعتبره دلالة على أنه كان موقنًا باقترابه من شاطئ النهاية!!.

مثلًا قبل رحيل نجيب الريحانى، التقى بليلى مراد فى أسانسير عمارة (الإيموبيليا)، حيث كانا يقطنان معًا، وقال لها: (ألم يَحِن الوقت أن نقدم معًا عملًا فنيًّا قبل ما أموت؟!)، قالت له: (بعد الشر يا أستاذ!)، وبمجرد أن عادت إلى الشقة أخبرت زوجها أنور وجدى، وأخرج من درج مكتبه ملخص قصة (غزل البنات)، التى كان بصدد إعدادها للسينما، ليلعب البطولة أمام ليلى مراد، منح القصة لنجيب الريحانى وتوأمه بديع خيرى ليُجريا التعديلات المطلوبة على السيناريو، وقبل تصوير المشهد الأخير، رحل الريحانى، وكما قال لى مونتير الفيلم، الأستاذ كمال الشيخ، إنه تم تغيير التتابع، وجاءت النهاية بأغنية: (عينى بترِفّ وراسى بتلِفّ) أحلى وأعمق. موت الريحانى لم يكن فى الحسبان، ودموعه فى هذا المشهد لم تكن كما فسرها البعض حزنًا على اقتراب مغادرة الحياة.

وذلك على عكس رحيل أحمد زكى مثلًا. فى فيلم (حليم) كان هناك سيناريو مُعَد وجاهز فى حالة الرحيل، وهو ما دفع المخرج شريف عرفة إلى إعداد خطة أطلق عليها (رقم 2)، وهكذا تمت الاستعانة بهيثم أحمد زكى، بطل السيناريو البديل. بعض الأخبار تناثرت أثناء تصوير الفيلم تؤكد أن أحمد زكى فقد الرؤية، ورغم ذلك لا يزال يقف أمام الكاميرا حتى النفَس الأخير، الشركة المنتجة حرصت على نفى الخبر، السؤال الأهم: ما الذى حققه (حليم) لأحمد زكى؟. الشريط السينمائى لم يملك مقومات البقاء فى دار العرض، وخفت مع الزمن تواجده فى الفضائيات، قطعًا كانت تلك أمنية أحمد زكى، فهو كان مغرمًا بتقديم الشخصيات العامة، تمنى العديد منها مثل أسامة بن لادن والشيخ متولى الشعراوى والمشير عبدالحكيم عامر، وصرح أكثر من مرة بأنه سيؤدى شخصية حسنى مبارك فى فيلم عنوانه (الضربة الجوية)، خاصة أنه قدم فيلمين عن الرئيسين جمال عبدالناصر وأنور السادات، فبات لزامًا عليه أدبيًّا تقديم مبارك، ولا أدرى هل كان بالفعل فقط حريصًا على إعلان ذلك حتى يتجنب أى موقف قد يُحسب عليه أم أنه كان بصدد أداء دور مبارك. فى كل الأحوال، مهما تباينت الآراء حول أفضل أفلام أحمد زكى، لا يمكن أن نضع بينها (حليم).

آخر ما غنّت أم كلثوم (حكم علينا الهوى)، كتبها عبدالوهاب محمد، ولحنها بليغ حمدى، لم تستطع أم كلثوم تقديمها فى حفل، سجلتها فقط على أسطوانة لأنها صحيًّا لم تكن تقوى فى مطلع عام 1973 أن تغنى أمام جمهور. (حكم علينا الهوى) ليست أجمل ولا واحدة حتى من أجمل ما غنت أم كلثوم، رغم أنها ترنيمتها الأخيرة.

(السيد كاف) آخر فيلم أخرجه صلاح أبوسيف عام 1994، ورحل بعدها بعامين، ولم يكن بالقطع (كاف) أهم الأفلام، ولا من أهم أفلام «أبوسيف»، ولم يكن فى أحاديثه الخاصة يذكر (كاف) أبدًا بالخير!!.

آخر فيلم لعاطف الطيب (جبر الخواطر)، عُرض عام 1998 بعد رحيله بثلاثة أعوام. تدخلت عوامل عديدة فى الإعداد النهائى لهذا الفيلم الذى أنهى «الطيب» تصويره، لكنه لم يلحق المونتاج النهائى. لم يكن (جبر الخواطر) من بين الأفلام المهمة لهذا المخرج الاستثنائى، الذى نذكر له روائعه مثل (البرىء) و(الحب فوق هضبة الهرم) و(الهروب) و(سواق الأتوبيس) و(ليلة ساخنة) وغيرها..!.

الترنيمة الأخيرة مثل (غزل البنات) كانت هى الأجمل لنجيب الريحانى، إنه الاستثناء الذى يؤكد القاعدة، وهى أن آخر ترنيمة ليست بالضرورة تستحق توصيف ترنيمة!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الترنيمة الأخيرة ليست هى الأجمل الترنيمة الأخيرة ليست هى الأجمل



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي

GMT 08:03 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

ما الذي سيقدمه "الأسطورة" في رمضان 2018؟

GMT 20:50 2018 السبت ,24 شباط / فبراير

خفيفي يعترف بصعوبة مواجهة جمعية سلا

GMT 17:06 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

وليد الكرتي جاهز للمشاركة في الديربي البيضاوي

GMT 06:59 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

كليروايت تغزو السجادة الحمراء بتشكيلة متميزة

GMT 17:54 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الفالح يُعلن أهمية استمرار إجراءات خفض إنتاج الخام

GMT 19:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

مهرجان أسوان لأفلام المرأة يفتح باب التسجيل بشكل رسمي

GMT 05:45 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

ابتكار روبوت مصغر يتم زراعته في الجسم

GMT 23:06 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مشروع الوداد يؤخر تعاقده مع غوركوف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib