لماذا خسر خالد النبوي في «أهل الكهف» المعركة قبل أن تبدأ

لماذا خسر خالد النبوي في «أهل الكهف» المعركة قبل أن تبدأ؟!

المغرب اليوم -

لماذا خسر خالد النبوي في «أهل الكهف» المعركة قبل أن تبدأ

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

على (النت) ستجد الأغنية المبهجة لعبد الحليم حافظ (قولولو الحقيقة/ بحبه من أول دقيقة) التى كتبها مرسى جميل عزيز ولحنها كمال الطويل فى فيلم (شارع الحب)، وقد صارت أيضا بصوت عبد الحليم وبنفس النغمة والإيقاع (روحولو المدينة/ محمد نبينا)، الأغنية مع كل عيد أضحى تحقق رواجا، ويصدقها الناس، لأنها تذكرنا بزيارة الكعبة الشريفة. حتى إن الشيخ الجليل المفتى الأسبق د. على جمعة، اختلط عليه الأمر، واعتبر أن عبد الحليم غناها أولا حبا فى الرسول محمد عليه الصلاة والسلام. قبل أن يعاد تقديمها فى الفيلم، بينما الحقيقة هى أن عبد الحليم كان يتذكر فى أحد البرامج الإذاعية النجاح الجماهيرى الطاغى الذى حققته الأغنية بعد عرضها فى الفيلم، وقال إنها فى الموالد الشعبية يتم تغيير الكلمات لتتوافق مع مدح الرسول عليه الصلاة السلام، وغناها بصوته، أى أن الأغنية العاطفية هى الأصل وليست الدينية.

ما هى علاقة كل ذلك بفيلم (أهل الكهف)؟

الفيلم يستند إلى مسرحية أديبنا الكبير توفيق الحكيم، التى قدمها قبل نحو 90 عاما وأخرجها زكى طليمات على خشبة المسرح، الحكيم كعادته يشاغب فى كل شىء، وقدم ما يمكن أن نطلق عليه وكما وصفه عدد من النقاد (المسرح الذهنى)، القائم على تأمل ما وراء الفعل وليس مجرد الفعل، ولهذا لا تنجح عادة أعماله الدرامية، لأن المتلقى يأتى للمسرح أولا من أجل المتعة البصرية وبعد ذلك الذهنية، التى من الممكن أن يحصل عليها كاملة بمجرد قراءة النص المسرحى، بدون تكبد عناء مشاهدته.

الحكيم استند إلى النصوص القرآنية والمسيحية فى رواية (أهل الكهف) ومنها انطلق لقضايا مثل الزمن، نحن تتملكنا أحاسيس الفرح أو الحزن، الحب أو الكراهية، الانتصار أو الهزيمة من خلال المنظار الزمنى، الذى نطل به على حياتنا، ولو تغير الزمن ربما تتغير المشاعر، هذا هو العمق الفكرى لتوفيق الحكيم، الكاتب أيمن بهجت قمر فى صياغته للسيناريو، كان حريصا أن ينفى فى (التترات) أى صلة بالنص القرآنى وكان ينبغى أيضا نفى الصلة بالنص المسيحى، الإنجيل والقرآن أشارا للقصة وتوافقا فى الخطوط العريضة واختلفا فى التفاصيل والتحليل، نفى الصلة بالكتب المقدسة أراه ضرورة فى هذا الزمن، وإلا تعرض الفيلم للمصادرة قضائيا، ولنا تجربة فى فيلم (المهاجر) ليوسف شاهين، الذى واجه العديد من المشاكل أمام القضاء بسبب القراءة الدينية المباشرة والمتعسفة للشريط السينمائى.

مساحة الخيال ضرورية، معارك الموت فى الساحات تذكرنا بالفيلم العالمى (سبارتاكوس)، محرر العبيد، وهى معارك تصل بالمشهد الأخير إلى أن يتحول ملعب الأحداث للون الأحمر، الفيلم أخرجه ستانلى كوبريك قبل أكثر من 60 عاما بطولة كيرك دوجلاس وبيتر أستيوف ولورنس أوليفييه وتشارلز لوتون، الرهان على المعارك فى الأفلام المصرية مع تلك النوعيات أراه رهانا خاسرا، لأنك كمتلق لديك رصيد ضخم من عشرات الأفلام الأجنبية تصبح هى المرجعية، وهى ليست أبدا فى صالحنا، خاصة أن الإمكانيات حتى لو كانت بالنسبة للميزانيات فى السينما المصرية مرتفعة، فإنها تظل محدودة بالقياس للسينما العالمية.

المقارنة لا شعوريا تحدث لنا جميعا، وننطلق إلى تناسخ الأرواح بين زمن وآخر، المفروض أن بطل العمل فى الفيلم، خالد النبوى يرى حبيبته كما هى بعد مرور سنوات اختلف فى تحديدها ولكن تقدر بالمئات، أى أننا نتحدث عن الجيل العاشر مثلا كحد أدنى ورغم ذلك تتوقف عواطفه عند الزمن القديم وهو يرى حبيبته وكأنها تعيش هذا الزمن، هذا الخط الدرامى لو أخلص له الكاتب لوجدنا أمامنا، حالة سينمائية خاصة.

قدم المخرج عمرو عرفة عددا من النجوم، الذين لديهم مساحة من الحب والترقب عند الجمهور مثل محمد ممدوح ومحمد فراج وأيضا أحمد عيد، الذى شهد آخر عامين له حضورا واضحا عبر أكثر من عمل انطلق فيها بعيدا عن ملعبه الأثير الكوميديا، وهذه المرة يعود للكوميديا.

غادة عادل هى الأميرة بالتبنى للملك الذى أدى دوره مصطفى فهمى، كان الدور بحاجة إلى نجمة فى مرحلة عمرية أصغر وأعتقد أن اختيارها فرضه الاختيار المسبق لخالد النبوى، وضرورة التوافق العمرى حتى لو كان على حساب حالة الفيلم، قطعا الدور أيضا كان يتطلب نجما أصغر من خالد، وربما لو كان الأمر مطلقا لراهن المخرج على الجيل الجديد وأسند الدور مثلا لنور خالد النبوى.

أحيانا النجم يراهن على شىء أبعد من العمل الذى نراه على الشاشة، وأعتقد أن محمد فراج مثلا وافق على هذا الدور وأن يقف تحت مظلة خالد النبوى، لأنه سيؤدى دور توأم (نور ونار)، فراج يتطلع للبطولة المطلقة، ووجدها فرصة لكى يقول للمخرجين إنه قادر على أداء أكثر من شخصية، ولم يكن الرهان أبدا لصالحه.

(أهل الكهف)، بمعايير العيد، لا ينطبق عليه توصيف سينما العيد، المرتبط بشريحة عمرية واجتماعية تقطع التذكرة لنوعيات محددة من الأفلام والنجوم، ليس من بينها (أهل الكهف)، كما أن (أولاد رزق الجزء الثالث) يحقق أرقاما مرتفعة ويستحوذ تقريبا على كل القوة الشرائية التى تتعامل مع السينما، وأتصور أن (أهل الكهف) بعد العيد من الصعب إن لم يكن من المستحيل أن يجد جمهور السينما فى انتظاره، خاصة لو وضع فى المعادلة افتقاد البطل للجذب الجماهيرى، خالد ممثل حرفى من الطراز الأول، ولديه جمهور ينتظره فى المسلسلات الدرامية، إلا أن هذا الجمهور لا حس له ولا خبر لو كنا بصدد فيلم سينمائى، وهى ظاهرة عالمية، عدد من النجوم يحققون رواجا فى (ميديا) واحدة ويخفقون فى النوافذ الأخرى.

أيمن بهجت قمر الكاتب اعتبر أن مرجعيته (أهل الكهف) مسرحية توفيق الحكيم، فى مثل هذه الأعمال الدرامية يجب أن تعود للأصل وهو الحكاية التاريخية الموثقة، وتبدأ فى تأملها واختيار ملمح خاص بك.

الأمر يشبه تماما أن تعتبر أن أغنية الموالد (روحولو المدينة/ محمد نبينا) هى الأصل وليست (قولولو الحقيقة)

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا خسر خالد النبوي في «أهل الكهف» المعركة قبل أن تبدأ لماذا خسر خالد النبوي في «أهل الكهف» المعركة قبل أن تبدأ



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib