طغيان الصوت على اللحن

طغيان الصوت على اللحن!

المغرب اليوم -

طغيان الصوت على اللحن

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

عدد قليل من النجوم يضع أشواكا تحميه حتى من نفسه، قد ينفلت النجم فى لحظة غضب وينسى أن السهم الذى سيطعن به الآخر سيمتد إليه لا محالة.

أراد الموسيقار محمد الموجى أن يلقن محرم فؤاد درسا، كان الموجى قد أنشأ فى الخمسينيات مدرسة موسيقية فى مكتبه الكائن بوسط المدينة فى شارع الشواربى، وقدم للساحة العديد من المطربين والمطربات، كمال حسنى ومحرم فؤاد وأحمد سامى وماهر العطار وعبداللطيف التلبانى وشريفة فاضل ومها صبرى، وصولا لهانى شاكر وغيرهم، وتباينت حظوظهم فى النجاح، منح الموجى لمحرم فى البداية أهم لحنين بدأ بهما علاقته بالجمهور، (رمش عينه) و(الحلوة داير شباكها)، فى فيلم (حسن ونعيمة)، وانطلق محرم وفتحت السينما له أبوابها وانهالت عليه الحفلات، إلا أنه لم يمنح الموجى حقوقه الأدبية والمادية، فقرر الانتقام وسحب منه أغنية (يا حبيبى قولى آخرة جرحى إيه )، التى قدمها فى ثانى أفلامه (وداع يا حب).

الانتقام الموجع أن يغنيها عبدالحليم حافظ، فى حفل (أضواء المدينة)، وبهذا تصبح أغنيته، وكان عبدالحليم يملك أسبابا خاصة للانتقام، لأنه عندما اعتذر عن تسجيل أغنية فريد الأطرش (يا وحشنى رد عليه إزيك سلامات) أسندها فريد إلى محرم، إلا أن عبدالحليم لم يرض لنفسه الدخول لتلك المعركة التى تجعله ندًا لمحرم، عبدالحليم كان يرى وحتى رحيله أنه لا يجوز أساسا أن تحدث تلك المقارنة، وبذكاء انسحب من المعركة، بينما رحبت نجاة، وفى أول حفل (أضواء المدينة) قررت أن تقدمها، وعلم محرم بما يجرى فى الكواليس وتظاهر بأن هذا الأمر أساسًا لا يعنيه، ولأن اسم نجاة الأكبر فإنها ستنهى الحفل، وصعد محرم قبلها وغنى (يا حبيبى قولى آخرة جرحى إيه)، ورددتها بعده نجاة، إلا أن الناس لم تتقبلها إلا بصوت محرم.

قطعا أداها محرم بإحساس وصدق، لأنه هضم اللحن، بينما فى تسجيل الفيلم بالفعل كان بعيدا تماما عن روح اللحن.

استمعت إلى صابر الرباعى فى لقاء قبل أسبوع مع أنغام فى برنامجها التليفزيونى، سألته كيف يختار ألحانه؟ أجابها عندما أستمع إلى اللحن وأسمع صوتى أتحمس إليه، تفصيلة فتحت أمامى إجابات للعديد من الأسئلة، لو أخذنا نموذجا (يا وحشنى رد عليه)، التى اعتذر عبدالحليم عن أدائها، ستكتشف أن اللحن كان كامنا فيه صوت فريد الأطرش، وليس فقط أنغامه، ولهذا حقق نجاحا متوسطا مع محرم، وربما نكتشف أن السبب الحقيقى أن أم كلثوم وعبدالحليم لم يقدما ألحانًا لفريد الأطرش هو كمون صوت فريد فى ألحانه، وله طغيان، فتشعر بأن أفضل من يغنى ألحان فريد هو فريد.

الملحن المطرب من الصعب أن يتحرر من هذا القيد، إلا فى القليل، عبدالوهاب كان قادرا أن يحلق بعيدا عن صوته، الأغانى التى لحنها مثلا لعبدالحليم من المستحيل أن تصدقها بصوت غيره، ولا حتى عبدالوهاب، فلا يمكن أن يغنى عبدالوهاب ألحانه مثل (عشانك يا قمر) أو (توبة) أو (أنا لك على طول).

محمد فوزى كان يستطيع التلحين للأصوات النسائية بروعة، وهكذا نجح مع ليلى مراد وشادية وهدى سلطان، وغيرهن، وأتصور أن هذا هو سبب عدم غناء عبدالحليم لألحانه، ستجد له مع عبدالمطلب اللحن الشهير (م السيدة لسيدنا الحسين) لأنه يبدو وهو يلحن كأنه يغنى بطريقة (طلب)!!.

وربما تكتشف إجابة لسؤال لم يتردد كثيرا، لماذا لم يغن عبدالحليم ألحان سيد مكاوى؟ إجابتى هى طغيان صوت سيد مكاوى، صوته دائما ممزوج بموسيقاه، حتى لحنه الشهير لأم كلثوم (يا مسهرني) تشعر بأن أم كلثوم صارت تحاكى سيد مكاوى!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طغيان الصوت على اللحن طغيان الصوت على اللحن



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 16:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مباحثات مغربية أميركية لتعزيز التعاون العسكري المشترك
المغرب اليوم - مباحثات مغربية أميركية لتعزيز التعاون العسكري المشترك

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 08:18 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:18 2022 الأربعاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

« بكتيريا متطرفة » لإزالة التلوث النفطيِ

GMT 23:41 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

هامبورغ أكثر الأماكن المذهلة لقضاء شهر العسل

GMT 14:14 2017 الإثنين ,05 حزيران / يونيو

اتحاد طنجة يخطط لضم نعمان أعراب من شباب خنيفرة

GMT 16:18 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الإتحاد الأوروبي يطلّق تحقيقاً مع تيك توك ويوتيوب

GMT 22:58 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

الأحرش بطلا للمغرب في القفز على الحواجز

GMT 02:12 2021 الجمعة ,17 أيلول / سبتمبر

أجمل المعالم السياحية في جزيرة كريت اليونانية

GMT 16:08 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

بني ملال تبحث تدبير ما بعد فترة "الحجر الصحي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib