«الكلمة نور وبعض الكلمات قبور»

«الكلمة نور وبعض الكلمات قبور»

المغرب اليوم -

«الكلمة نور وبعض الكلمات قبور»

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

«أزمة ورق»... كثيراً ما تتردد تلك الجملة في أحاديث السينمائيين، والتي تعني أننا نعاني من ضعف في العثور على سيناريو جيد صالح لتقديم فيلم ينعش شباك التذاكر، مخترقاً حاجز الزمن.

«في البدء كان الكلمة» كما قال السيد المسيح عليه السلام. أي عمل فني يبدأ بالكلمة، ولكنها على رأي خالد الذكر نزار قباني «كلمات ليست كالكلمات».

الشاعر والكاتب الكبير عبد الرحمن الشرقاوي حفظ له التاريخ تلك العبارة وكأنها تحليل «جيني» لما تفعله بنا الكلمات: «الكلمة نور وبعض الكلمات قبور». وما نعاني منه طوال العقود الماضية، انحسار الضوء وانتشار الأضرحة. بدأت أمس مسابقة جائزة «القلم الذهبي» في استقبال الأعمال الأدبية لكل من يكتب بالعربية، مع عدم الالتزام بشرط الجنسية العربية.

مفتاح الاختيار من خلال لجنة الفرز يتكئ على معيارين تتفاعل فيهما القيمتان الأدبية والدرامية؛ يجب أن تتوهج روح الأدب مع العمق الدرامي.

المشروع أطلقته «هيئة الترفيه» برئاسة المستشار تركي آل الشيخ، وتتبنى الهيئة الأعمال الفائزة حتى تصبح في المرحلة الأخيرة أفلاماً في متناول الجميع.

تابعنا أكثر من مسابقة في عالمنا العربي تُمنح لأفضل عمل أدبي، القسط الأكبر من هذه المشروعات اصطدم في النهاية بحائط لا يمكن اختراقه، وهو السوق السينمائية. هذه المرة العمل الفائز سيجد طريقه مباشرة من دون عوائق إلى شاشات السينما.

شرفت باختياري عضواً في لجنة تحكيم «القلم الذهبي» المتنوعة، التي تجمع بين الكاتب الروائي وكاتب السيناريو والمخرج والناقد والمنتج والموزع، كلٌّ لديه إطلالة بزاوية مختلفة، تبدو فروق دقيقة إلا أنها عميقة جداً؛ فهي التي تحدد مسار ومصير المشروع.

الرؤية الفكرية تتعانق مع الرؤية الإنتاجية. يجب أن نتذكر دائماً: السينما فن وصناعة وتجارة، وافتقاد أي عنصر من الثلاثة، يؤدي في النهاية إلى انهيار المشروع وتصلب الأفكار.

الرواية في العالم واحدة من أهم روافد السينما. لو تصفحت نتائج استفتاء أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية الذي أقامه مهرجان «القاهرة السينمائي» عام 1996، ولو قلبت في أوراق استفتاء مهرجان «دبي السينمائي الدولي» الذي أقيم عام 2013، لاختيار الأفضل عربياً؛ تكتشف أن قائمة الـ100 في الحالتين تزينت بالأعمال التي اتكأت على الرواية، العربية أو المترجمة، كلها نضجت تحت ومضات نيرانها الأفلام التي استقرت في وجداننا. لا تزال السينما تنهل من أدب نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس، حتى بعد الرحيل، لا يزالان يتصدران المشهد، ومن الجيل الجديد أحمد مراد، الذي تعلم الدرس من أستاذه نجيب محفوظ، وأصبح يمتلك حرفة كتابة السيناريو، الفارق أن محفوظ كان يكتب سيناريو روايات لكل الأدباء باستثناء نجيب محفوظ، أما مراد فلا يكتب سيناريو إلا فقط لروايات مراد. القصة الروائية العظيمة هي الوصفة السحرية على شرط أن يظل المعيار الزئبقي هو مدى امتلاك القصة لعوامل جاذبة درامياً بقدر ما هي جاذبة روائياً. هل ينسى أحد رائعة «دعاء الكروان» لهنري بركات الذي استمتعنا فيه ليس فقط بقصة طه حسين، ولكن أيضاً بصوته في دور الراوي؟ إلا أن «دعاء الكروان» لو ذهبت إلى يد مخرج أو كاتب لا يدرك قيمة الأدب، فمن الممكن أن نجد أنفسنا بصدد حادث ثأر تقليدي شاهدناه عشرات المرات، للدفاع عن الشرف!

مسابقة «القلم الذهبي» وُلدت لتبقى وتنتعش وتتوهج. الهدف يتجاوز اللحظة الراهنة؛ ستصبح هي البنية التحتية لإنشاء أول بنك للأفكار القابلة لتحويلها إلى أفلام، وبعدها حتماً ستختفي القبور وينتشر النور!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الكلمة نور وبعض الكلمات قبور» «الكلمة نور وبعض الكلمات قبور»



GMT 19:50 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

نكتة سمجة اسمها السيادة اللبنانية

GMT 19:48 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

اكتساح حلب قَلبَ الطَّاولة

GMT 19:46 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاءوا من حلب

GMT 19:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

هو ظل بيوت في غزة يا أبا زهري؟!

GMT 19:39 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

... عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض!

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 19:33 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 19:30 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بعيداً عن الأوهام... لبنان أمام استحقاق البقاء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:50 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود
المغرب اليوم - ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib