بقلم - سليمان جودة
دعا الملياردير وارين باڤيت إلى مزاد من أغرب المزادات في العالم لأن جائزة الفائز فيه هي تناول طعام الغداء معه في مطعم من مطاعم مانهاتن في نيويورك!.
ونحن نعرف أن باڤيت ملياردير أمريكى شهير، وأنه في الحادية والتسعين من عمره، وأنه رقم خمسة في قائمة أغنياء العالم، حسب إحصاء مجلة فوربس الشهيرة، وأن ثروته تصل إلى ١٠٦ مليارات دولار، وأنه اشتغل لفترة مع بيل جيتس في مؤسسة خيرية جمعت بينهما، ولكنه انفصل عن «جيتس»، وقرر التفرغ لجمعية خيرية تحمل اسمه في مدينة سان فرانسيسكو!.
وقد قرر تخصيص عائد المزاد للجمعية، وأطلقه من الأحد الماضى إلى اليوم، وبدأت عطاءات المزاد من ٢٥ ألف دولار، وانتهت إلى ثلاثة ملايين، دفعها شخص غير معروف، لا لشىء، إلا لأنه سيتناول الغداء في مطعم فخم بحضور سبعة أشخاص آخرين دعاهم باڤيت على مائدته!.
وهذه هي المرة ٢١ التي يدعو فيها الملياردير الأمريكى إلى هذا المزاد، ولم يوقفه إلا ڤيروس كورونا في ٢٠١٩، إلى أن عاد للمرة الأولى هذه السنة في مرحلة ما بعد كورونا!.. ومن أول مزاد إلى المزاد الأخير جمع باڤيت ٣٥ مليون دولار تنفق منها الجمعية على أنشطة خيرية واجتماعية كثيرة!.
ولا بد أنه شىء يدعو للتفاؤل أن يكون رجل مثله في هذه السن المتقدمة، ثم يظل يعمل بعزيمة الشباب، ويظل يرعى جمعيته التي أسسها عام ٢٠٠٠، ثم يظل يجمع لها من الأموال ما يجعلها قادرة على القيام بدورها كما يجب في المجتمع الأمريكى!.
وهو أقرب ما يكون إلى داهية السياسة الأمريكى، هنرى كيسنجر، الذي ذهب يتكلم أمام منتدى داڤوس في سويسرا الشهر الماضى، فأقام الدنيا وأقعدها بما قاله عن الحرب الروسية على أوكرانيا، رغم أنه في التاسعة والتسعين من العمر!.
وما يفعله باڤيت في جمعيته الخيرية ليس سوى دعوة غير مباشرة منه إلى أصحاب الأعمال في كل بلد، وفى بلدنا بالتالى، لعل كل واحد فيهم يرد بعض الفضل إلى مجتمعه الذي يعيش فيه.. ولا تزال الأميرة فاطمة، ابنة الخديو إسماعيل، هي القدوة في العمل التطوعى الهادف لأنها باعت مجوهراتها وجزءًا من أرضها لتُنشئ جامعة القاهرة، ولأن رهانها كان على التعليم ولا شىء غير التعليم!.