ساعة وفيلم

ساعة.. وفيلم

المغرب اليوم -

ساعة وفيلم

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

صدفة عجيبة أن تُباع هذه الساعة اليابانية فى مزاد، وأن يقام المزاد الذى بيعت فيه الساعة هذه الأيام بالذات.. أما الساعة المقصودة فهى ساعة يد رأيتها فى مدينة هيروشيما اليابانية حين زرتها قبل سنوات، وكانت محفوظة فيما يشبه المتحف، وكان اليابانيون يأخذون كل زائر للبلاد إليها، ليرى بعينيه ماذا جرى فى المدينة فى الثامنة والربع من صباح يوم ٦ أغسطس ١٩٤٥.

ففى ذلك اليوم أقلع طيار أمريكى بتكليف من الرئيس الأمريكى هارى ترومان، وكان التكليف أن يُقلع بطائرته فى اتجاه هيروشيما، وأن يُحلق فوقها قليلًا، ثم يُلقى فى سمائها حمولته، ومن بعدها يعود إلى الولايات المتحدة.

ولم تكن الحمولة سوى قنبلة نووية اخترعتها أمريكا للمرة الأولى فى تلك السنة، وقررت أن تجربها على الفور، وأن يكون تجريبها إنهاء للحرب العالمية الثانية.. فكأنها قد ضربت عصفورين بحجر واحد.. ولكن ما فاتها أنها وهى تضرب العصفورين قد قتلت فى طريقها ١٢٠ ألف يابانى فى لحظة إلقاء القنبلة فوق المدينة!

أذكر أن مرافقى خلال الزيارة أشار إلى ساعة اليد وقال: انظر.. إن عقاربها لاتزال تشير إلى الساعة الثامنة والربع صباحًا!

وكان هذا التوقيت هو بالضبط التوقيت الذى ألقى فيه الطيار حمولته وعاد إلى بلاده، ولم يكن يعرف أن عقارب ساعة يد فى المدينة سوف تظل شاهدة على جريمته وجريمة بلده فى حق مدينة بكاملها.. فالساعة توقفت تمامًا فى لحظة إلقاء القنبلة، وهى لم تتوقف وفقط، ولكن عقاربها تجمدت فى مكانها فلم تتحرك بعدها، ولا كان من الممكن تحريكها فى أى اتجاه، ونستطيع أن نقول إنها ماتت شأن الضحايا من أبناء المدينة.

ماتت ساعة اليد يومها ولم تتوقف كبقية الساعات، لأن توقفها فى الظروف العادية ينتهى بشحن بطاريتها، ولكن لأنها توقفت بقنبلة نووية، لا بنفاد طاقة البطارية، فإنها توقفت إلى الأبد، وبقيت على مدى سنين من بعدها شاهدًا حيًا، وإذا شئنا قلنا شاهدًا ميتًا، على هول ما عاشته هيروشيما.. وإذا كان الشخص الذى اشتراها قد دفع فيها ٣١ ألف دولار، فهو يعرف أنها تستحق هذا الثمن وأكثر، لا لأنها من الساعات الثمينة التى نتابع أخبارها هذه الأيام، ولكن لأنها تسجل بعقاربها المتجمدة فى مكانها ما لم تسجله ساعة أخرى سواها.

أما الفيلم الذى صادف عرضه فى دور السينما بيع الساعة فى المزاد، بل وحصوله على سبع جوائز من أكاديمية السينما البريطانية، فهو فيلم «أوبنهايمر» الذى يحكى قصة حياة جوليوس روبرت أوبنهايمر، مخترع القنبلة التى جمدت عقارب الساعة وأفقدتها الحياة!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ساعة وفيلم ساعة وفيلم



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib