الحاجة إلى سقراط

الحاجة إلى سقراط

المغرب اليوم -

الحاجة إلى سقراط

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

فى ذكرى مرور سنة كاملة على الحرب الروسية الأوكرانية، يحتاج العالم وهو يتطلع إليها ويتعامل معها، إلى شىء من حكمة الفيلسوف سقراط.

أما السبب فهو أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين راح يتعهد بالنصر مع حلول هذه الذكرى الأولى، ثم راح الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى فى المقابل يتعهد بالنصر أيضاً.. والمشكلة ليست فى هذا التعهد المتبادل بينهما، لكنها فى أننا لا نعرف بالضبط ماذا يعنى النصر لدى الطرفين.

وهذه القضية هى التى كانت قد شغلت جانباً لا بأس به فى عقل فيلسوف اليونان الأكبر، الذى عاش لا يهتم بشىء قدر اهتمامه بضرورة تحديد معانى الأشياء التى نتحدث عنها قبل أن نمضى فى الحديث عنها.. وكان تقديره أن هذا التحديد لا بد منه، لأننا إذا لم نتفق على المعانى بيننا سنكتشف فى مرحلة من مراحل الحديث، أن كل طرف يتكلم عن شىء مختلف عما يبدو للناس من بعيد عن الشيء ذاته، بل ويختلف عما يبدو للطرف الآخر، إذا كان الطرفان يتحدثان عن قضية واحدة أو يتصوران ذلك على الأقل.

ومن الطبيعى أن تحديد معانى الأشياء قبل الخوض فيها، سوف يوفر الكثير من الوقت، ومع الوقت سوف يوفر الكثير من الجهد الذى قد نبذله فى غير مكانه.

قد يكون معنى النصر لدى الجانب الأوكرانى واضحاً، وقد يكون أوضح منه لدى الجانب الروسى، الذى يتحدث منذ بدء عمليته العسكرية على أوكرانيا فى ٢٤ فبراير الماضى، عن أن عمليته لن تتوقف حتى تحقق أهدافها.. والمشكلة هنا هى نفسها فى حالة حديثه عن تحقيق النصر.. فلا هو قال لنا منذ البداية ما هى هذه الأهداف، ولا هو كشف عن معنى النصر الذى يتصوره ويقصده.

فالطبيعى أن النصر فى نظر الأوكرانيين وحلفائهم ألا يتبقى جندى روسى واحد على أرض أوكرانية، ولكن معنى النصر لدى الروس يبدو أنه مطاط وأنه متغير، وإلا ما كان مسؤول روسى كبير قد خرج مؤخراً يقول إن عين بلاده هى على حدود بولندا.

ولما كانت أوكرانيا تفصل بين روسيا وبولندا، فهذا معناه أن الأراضى الأوكرانية بالكامل تمثل ميداناً للنصر بالنسبة للرئيس بوتين، وأن النصر فى تقديره لا يتوقف عند حدود الاحتفاظ بالقرم التى ضمها إلى روسيا فى ٢٠١٤، ولا حتى عند حدود المناطق الأربع التى قضمها من شرق أوكرانيا، وأجرى حولها استفتاءً صورياً عند بدء الحرب، ثم أعلن ضمها هى الأخرى إلى بلاده.

أين من هذا كله سقراط، الذى كان إذا ألقى أحد عليه السلام استوقفه على الفور قائلاً: ولكن.. بالله عليك.. ماذا يعنى السلام عندك بالضبط؟!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحاجة إلى سقراط الحاجة إلى سقراط



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 16:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مباحثات مغربية أميركية لتعزيز التعاون العسكري المشترك
المغرب اليوم - مباحثات مغربية أميركية لتعزيز التعاون العسكري المشترك

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 08:18 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:18 2022 الأربعاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

« بكتيريا متطرفة » لإزالة التلوث النفطيِ

GMT 23:41 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

هامبورغ أكثر الأماكن المذهلة لقضاء شهر العسل

GMT 14:14 2017 الإثنين ,05 حزيران / يونيو

اتحاد طنجة يخطط لضم نعمان أعراب من شباب خنيفرة

GMT 16:18 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الإتحاد الأوروبي يطلّق تحقيقاً مع تيك توك ويوتيوب

GMT 22:58 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

الأحرش بطلا للمغرب في القفز على الحواجز

GMT 02:12 2021 الجمعة ,17 أيلول / سبتمبر

أجمل المعالم السياحية في جزيرة كريت اليونانية

GMT 16:08 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

بني ملال تبحث تدبير ما بعد فترة "الحجر الصحي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib