هذه التمثيلية المحبوكة

هذه التمثيلية المحبوكة

المغرب اليوم -

هذه التمثيلية المحبوكة

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

 

من الواضح أن القرار الذى مرّ فى مجلس الأمن بالوقف الفورى لإطلاق النار فى قطاع غزة كان تمثيلية سياسية كبيرة، والغريب أن التمثيلية انطلت علينا، ولم ننتبه إلى مساحة الخداع فيها، ولا خطر على بالنا أن يكون الموضوع تمثيلية بهذا القدر من الحبكة فى الإخراج.

فالمجلس كان قد تلقى يوم ٢٥ مارس الماضى مشروع قرار بوقف الحرب، وكان المشروع مقدمًا من الدول العشر ذات العضوية غير الدائمة فى المجلس، وبمجرد عرض المشروع عليه بأعضائه العشرة غير الدائمين والخمسة الدائمين مرّ بموافقة الجميع، ما عدا الولايات المتحدة الأمريكية، التى تتمتع بعضوية دائمة، والتى امتنعت عن التصويت. ولأن مشروع القرار الذى مر كان هو عاشر مشروع من نوعه يُعرض على المجلس، ولأنه جرى تمريره على عكس المشروعات التسعة السابقة التى تعثرت، فإن مروره قد بدا لنا وكأنه فتح من الفتوح، كما أن امتناع الولايات المتحدة عن التصويت بدا هو الآخر وكأنه انتصار للقطاع.

يومها، غضبت تل أبيب، وكان من علامات غضبها أن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، ألغى زيارة وفد إسرائيلى إلى واشنطن، بعد أن كانت الزيارة قد تقررت مسبقًا قبل تمرير مشروع القرار.

ولكن.. ما إن مضت أيام قليلة حتى تبين لنا أن هذا كله كان أقرب إلى التمثيلية منه إلى أى شىء آخر، وكان الدليل على ذلك أن إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن، التى امتنعت عن التصويت ولم ترفع سيف الڤيتو فى المجلس كالعادة، استمرت فى تزويد إسرائيل بالسلاح، وتواترت الأنباء ساعة بعد ساعة عن قنابل وعن طائرات حربية وصلت منها ولا تزال إلى الدولة العبرية!.

وعندما يحدث هذا يتضح أن الامتناع عن التصويت كان مجرد قناع للخداع، وأنه لم يغير فى الأمر شيئًا، وأنه كان باتفاق وتنسيق بين إدارة بايدن فى واشنطن، وحكومة التطرف فى تل أبيب، وأن الإدارة والحكومة اتفقتا على ما راح الغطاء ينكشف عنه فى مرحلة لاحقة.. ليس هذا وفقط، ولكن الزيارة التى كان نتنياهو قد ألغاها سرعان ما تقررت من جديد، وكأن شيئًا لم يحدث، أو كأن الغضب الذى رافق إلغاءها سرعان ما تبخر واختفى!.

وكانت النتيجة أننا وجدنا أنفسنا أمام الوضع نفسه، الذى كان قائمًا على الأرض قبل مرور مشروع القرار، فلا وقف إطلاق النار قد تحقق، ولا الامتناع الأمريكى عن التصويت قد أثر بشىء فى مجريات الحرب على المدنيين والأطفال والنساء فى غزة، ولا حتى الزيارة الإسرائيلية التى تقرر إلغاؤها قد أُلغيت.. لا شىء، وهكذا ابتلعنا وابتلع العالم معنا طُعمًا كبيرًا، وعشنا نشاهد ونتابع وقائع لم نظن أبدًا، ولا توقعنا، أن تكون تمثيلية محبوكة إلى هذه الدرجة!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هذه التمثيلية المحبوكة هذه التمثيلية المحبوكة



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
المغرب اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي

GMT 08:03 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

ما الذي سيقدمه "الأسطورة" في رمضان 2018؟

GMT 20:50 2018 السبت ,24 شباط / فبراير

خفيفي يعترف بصعوبة مواجهة جمعية سلا

GMT 17:06 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

وليد الكرتي جاهز للمشاركة في الديربي البيضاوي

GMT 06:59 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

كليروايت تغزو السجادة الحمراء بتشكيلة متميزة

GMT 17:54 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الفالح يُعلن أهمية استمرار إجراءات خفض إنتاج الخام

GMT 19:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

مهرجان أسوان لأفلام المرأة يفتح باب التسجيل بشكل رسمي

GMT 05:45 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

ابتكار روبوت مصغر يتم زراعته في الجسم

GMT 23:06 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مشروع الوداد يؤخر تعاقده مع غوركوف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib