بقلم: سليمان جودة
ليس أفدح من الجريمة التى شهدتها مدينة المنصورة إلا انشغال الناس بعدها بتفاصيل ليست هى أصل الموضوع، ولا هى التى تصل بنا إلى الأسباب ومعها الحلول!.وإذا لم تكن الدولة منزعجة مما جرى فى مدينة اشتهرت بأنها عروس الدلتا، فمتى ستنزعج ومتى يتحول انزعاجها إلى فعل نلمسه ونراه؟!.. فالفزع من هذه الجريمة يجب ألا يتوقف عند حدود أسرة الطالبة القتيلة، يرحمها الله.. ولا عند حدود المدينة التى كانت مسرحًا للمأساة، والتى كانت ذات يوم قد أسرت لويس التاسع ووضعت القيود فى يديه.. ولا بالطبع عند حدود المجتمع الذى اهتز لها من أوله إلى آخره، وإنما لابد أن يكون الفزع مسموعًا فى مستويات الدولة العليا كلها!.
لابد من ذلك، لأن هذه الدرجة من العنف لم تكن فى أى يوم هى وسيلة التفاهم بين الطلاب الزملاء فى الجامعة، ولا كانت هى أداة التخاطب بين طالب وطالبة.. فماذا جرى؟!.. هذا هو السؤال الذى يؤرق الناس، ولا بديل عن أن يؤرق الدولة ويجعلها تتحرك بجد بحثًا عن الأسباب ومعها الحلول!.
ولو كانت الجريمة التى أحزنت الجميع جريمة وحيدة من نوعها وفى حدودها، ما كانت قد استولت على كل هذه المساحة من الاهتمام العام، ولكنها جريمة لها ما قبلها مما يمكن وضعه معها فى إطار واحد، ومما يمكن أن يجمعه سياق واحد أيضًا!.
هذه جريمة تُضاف إلى ما قبلها من جرائم، لا يجمع بينها سوى العنف الزائد على الحد، ولا يجمع بينها سوى الفعل الشاذ الذى يبدو غريبًا على مجتمع مصرى عاش لا يعرفه!.. هذه جريمة تضاف إلى جريمة سبقتها بأسابيع عندما ذبحت أم أطفالها الثلاثة، ثم كتبت فى رسالة إلى زوجها تقول إنها أرسلت أبناءه إلى الجنة، ومن بعدها ألقت بنفسها تحت عجلات جرار زراعى!.
والجريمتان تضاف إلى جريمة أطلقت فيها ما فيها شاب رصاصات مدفعه الرشاش ، فقتل والده وأشقاءه الأربعة وأصاب والدته ثم لاذ بالفرار! .. والجرائم الثلاث تضاف إلى جريمة حى الشيخ زايد ذبح فيها رجل خفيرًا وابنتيه وحفيديه .. والجرائم الأربع في بحر شهرين لا أكثر .. فهى تمثل عينة ، تحدث بلغة البحث العلمى ، وهى مثل قطرة الماء التى تدل على مذاق البحر كله!.
السبب المباشر في الجرائم الأربعه ، الأجواء العامة المحيطة بها هي أجواء واحدة .. بسبب ذلك ، وهذا بسبب السبب ، وهذا هو السبب في ذلك ، وهذا ما لا يحتمله البلد يحتمله!.
فانتبهوا .. انتبهوا أهل القرار بكل ما لديكم من حواس وعقول بداية بداية.