في حق مجتمع بكامله

في حق مجتمع بكامله

المغرب اليوم -

في حق مجتمع بكامله

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

أنفقت الدولة على الطرق الكثير جدًا، ولا تزال تنفق، ولكنها وهى تنفق ما تنفقه عليها تكاد تنسى ما يجب ألا تنساه لتكتمل الصورة فى عيون الناس.

خُذ جولة على الطريق الدائرى مثلًا، لترى كيف أن البيوت التى تقع على جانبيه تفسد كل ما جرى وما سوف يجرى إنفاقه عليه.. إن المنظر لا يطاق بصريًا، والبيوت المتناثرة على جانبى الطريق، إما بيوت واقفة على الطوب قبيحة الشكل للغاية، وإما بيوت أزالوا جزءًا منها وتركوا الجزء الآخر متهدمًا عاريًا.. وفى كل الأحوال تجد أنك أمام منظر لا يسر.. منظر يؤذى النفس والعين معًا.. ويؤذى العين أكثر طبعًا.

لا أتكلم عن سائح ولا عن سياحة، ولكن أتكلم عن المواطن العادى، أتكلم عن المواطن الذى من حقه ألا يتألم بصره وهو يمر على هذا القبح فى الذهاب وفى الإياب.

سمعت من الفنان فاروق حسنى أن الملك الحسن كان فى زيارة إلى القاهرة ذات يوم، وأن حسنى كان فى رفقته فى جولة فى العاصمة، وأنه - أى الملك - لاحظ ما لفت انتباهه فى المبانى التى مر عليها، فتساءل فى دهشة عما إذا كان عندنا أكواد محددة يلتزم بها كل صاحب بيت جديد!.. ولا بد أن ملك المغرب الراحل كان يتساءل وفى ذهنه شكل مدينة الرباط عاصمة بلاده.. والذين زاروها يعرفون ما أقصده، وما جعل الملك المغربى يتساءل فى حيرة وينتظر إجابة.

ولم يعرف فاروق حسنى يومها بماذا يجيب عنه، ولكنه يعرف أن الأكواد التى تساءل عنها الحسن ضرورة فى كل بناء حديث، وأن عدم الالتزام بها جريمة فى حق مجتمع بكامله، وأن عدم الالتزام من جانب كل مواطن ينشئ بيتًا جديدًا ليس ذنبه، بقدر ما هو ذنب الحكومة التى تتساهل معه ولا تضع أكوادًا لا مفر من التقيد بها فى شكل أى مبنى، وفى لونه، وفى ارتفاعاته، فضلًا بالطبع عن أساساته.

هذه مسألة لا يجوز التهاون فيها أبدًا، ولا التغافل عنها فى كل الظروف، ولا النظر إليها باعتبارها مسألة ثانوية أو هامشية، لأنها متصلة فى جوهرها بالصحة النفسية للمواطن، وهذه الصحة النفسية لا تنفصل عن الصحة البصرية، والصحة البصرية تتعرض لانتهاك صارخ على طول الطريق الدائرى، وعلى طول كل طريق آخر يشهد ما يشهده الدائرى.

تربية الذوق لدى المواطن تبدأ فى المدرسة، ولكن المنظر على الدائرى وعلى كل طريق مماثل بامتداد الجمهورية يشوّه هذا الذوق ويهدمه، ولا يمكن أن يشارك مواطن فى بناء بلده وهو يخلو من الذوق السليم، أو يصادف على الطريق وفى الشارع ما ينزع الذوق الراقى من داخله.. والطريق الذى تقع عليه بيوت فى مثل حالة بيوت الدائرى ينقصه ما يجعله طريقًا يتعامل مع أرقى ما فى الإنسان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في حق مجتمع بكامله في حق مجتمع بكامله



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 21:52 2019 السبت ,03 آب / أغسطس

"الفيل الأزرق 2" يعيد قوة موسم الصيف

GMT 16:19 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 14:20 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

طارق مصطفى يساند المنتخب أمام ساحل العاج

GMT 00:51 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

إسعاد يونس تعدّد صفات شريف مدكور برسالة دعم

GMT 09:39 2019 السبت ,06 إبريل / نيسان

أفضل الطرق لتسريحات الشعر الكيرلي في المنزل

GMT 05:32 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

قطر تُقرر مقاطعة نجوم " روتانا " بسبب الأزمة الخليجية

GMT 03:41 2015 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ستيفن كاري يشيد بجهود ليونيل ميسي مع "برشلونة" في الدوري

GMT 01:31 2018 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

أحمد صلاح حسني يشيد بشخصيته في مسلسل "أبواب الشك"

GMT 18:51 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الديكورات الفرنسية الكلاسيكية لمنزل أكثر أناقة

GMT 14:23 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلان الإيطالي يبدأ التفاوض مع لاعب تشيلسي فابريغاس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib