شاهد على مصر والقضية الفلسطينية ١٥

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (١٥)

المغرب اليوم -

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية ١٥

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

كان وراء مكالمة السفير رؤوف سعد قصة موحية ببعد مهم فى الصراع العربى - الإسرائيلى الذى يدور حول «القضية الفلسطينية»، ولكنه يسفر عن سباق على التفوق الاقتصادى والحضارى.

مع منتصف التسعينيات من القرن العشرين بات شائعًا فى مناخ «عملية السلام» فكرة «المثلث الذهبى» الذى سوف يحتوى على إسرائيل والأردن وفلسطين. وزارة الخارجية المصرية كانت يقظة لما سوف يأتى نتيجة السلام تمامًا كما كانت مفتوحة العيون عندما كان الصراع مستعرًا.

المسألة باتت أن نبحث عن «تنافسية مصر»، واستقر الأمر أن أكثر ما فى مصر من تنافسية هو إقليم قناة السويس الذى يقع فى مفترق طرق عالمى، ويشكل مثلثًا بين ثلاث قارات. فى نفس الإطار ورغم النذر التى جاءت مع هزيمة شمعون بيريز وفوز بنيامين نتنياهو.

ورغم ذلك فإن مصر طلبت عقد المؤتمر الثالث للقمة الاقتصادية للشرق الأوسط فى مصر. أعدت الوزارة فريقًا للعمل، وقام الفريق بإعداد مشروع تفصيلى لمنطقة مصر التنافسية لتسويقه خلال المؤتمر. وكان المطلوب أن أكتب مقدمة لهذا الكتاب يجعل منطقة قناة السويس «المركز أو HUB» الذى تدور حوله أنشطة اقتصادية لا أول لها ولا آخر. كتبت المقدمة ولم أكن أعرف وقتها أنه بعد عشرين سنة سوف يصبح هذا المشروع حقيقة فى عهد الرئيس السيسى، ولا يوقف مسيرتها إلا جماعة الحوثيين فى اليمن!.

انعقد مؤتمر القمة الاقتصادى، ولكن مسيرة السلام دخلت منحدرات خطرة. وبعد ثلاثين عامًا تقريبًا على ما حدث اتصلت بالسفير رؤوف سعد سائلًا عما إذا كان لديه نسخة من الكتاب المذكور وللأسف لم يكن سهلًا الحصول عليها.

ولكن الثابت أن فرصة كبيرة ضاعت لتسوية الصراع العربى الإسرائيلى خاصة بعد عقد معاهدة سلام بين إسرائيل والأردن، وكانت المفاوضات السورية الإسرائيلية تسير فى طريق واعد؛ وحتى المفاوضات متعددة الأطراف كانت تطرح أفكارًا تعيد تشكيل الشرق الأوسط فى اتجاهات سلمية. وقتها كان إسقاط نتنياهو أشبه بوقتنا الحالى، وجاء ترشيح حزب العمل إيهود باراك كما لو كان فرصة أخيرة لاستئناف عملية السلام مرة أخرى؛ فقد قدم الرجل وعدًا لتحقيق السلام خلال ١٠٠ يوم.

كان الأمر يحتاج إلى دفعة من قوى السلام لدى الطرفين فشاركت فيما عُرف بعدها باسم «مجموعة كوبنهاجن» بقيادة الأستاذ لطفى الخولى وقادة من فلسطين والأردن وكان منهم المناضل الفلسطينى والقيادى فى حركة فتح «مروان البرغوثى» والسياسى «رياض المالكى» الذى أصبح وزيرًا للخارجية فى السلطة الوطنية الفلسطينية فيما بعد. وفى نفس الفترة دخلت إلى عالم التلفزيون مقدمًا لبرنامج «وراء الأحداث»، وبهذه الصفة قمت بالكثير من الأنشطة كان منها تغطية الانتخابات الإسرائيلية.

وبينما العملية الانتخابية محتدمة فى إسرائيل اتصل بى السفير المصرى محمد بسيونى وعندما سألته عما يتوقعه من نتيجة كانت إجابته فيها الكثير من الأسف لأنه بات متوقعًا أن يتسبب ترشيح د. عزمى بشارة رئيسًا للوزراء فى خسارة باراك لأنه سوف يجذب الأصوات العربية حوله. كنت قد عرفت الرجل من قبل والتقيت به، فحاولت الاتصال به ووصلت إلى أخيه مروان بشارة الذى أخبرنى أن عزمى سوف يعقد مؤتمرًا صحفيًّا يعلن فيه انسحابه وهو ما حدث بالفعل؛ وبعدها ترك الكنيست الإسرائيلى وذهب إلى قطر ليبدأ مسيرة أخرى.

نجاح إيهود باراك كان آخر الفرص لاستمرار عملية السلام كما عرفناها، فقد زار القاهرة وعقد له معالى وزير الخارجية عمرو موسى عشاء فى مبنى وزارة الخارجية عزف فيه الرجل على العود ومغنيًا أغانى فريد الأطرش الذى قال إنه يعشقه! لم يمض وقت طويل حتى دعا باراك إلى مؤتمر قمة فى كامب ديفيد حضره الرئيس كلينتون وكل من الرئيس عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلى.

فى أوائل شهر أغسطس ٢٠٠٠ كنت عائدًا من واشنطن إلى القاهرة وفى المطار الذى سوف أسافر منه إلى نيويورك للحاق بالطائرة المصرية وجدت الوفد الفلسطينى الذى كان فى كامب ديفيد واجمًا حزينًا وكان فيه فيما أذكر السيد محمد دحلان والسيد حسن عصفور وآخرون وكان واضحًا أن القصة وصلت إلى نهايتها.

كان لدينا وقت طويل لأن الظروف الجوية كانت ممتلئة بالأمطار والصواعق، وكان واضحًا أن الفرصة ربما ذهبت. بعد وصولى إلى القاهرة التقيت الدكتور أسامة الباز، وإذا به يقول لى إن الأمر ليس ميؤوسًا منه وإن القاهرة تبذل جهدًا جديدًا لاستئناف المفاوضات. فيما أعتقد أن الزمن كان قد تعدى كل شىء فقد ذهب شارون إلى المسجد الأقصى وبعده نشبت الانتفاضة الثانية التى وضعت نهاية عملية السلام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية ١٥ شاهد على مصر والقضية الفلسطينية ١٥



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib