موسكو  طهران شبه تحالف خطير

موسكو - طهران.. شبه تحالف خطير

المغرب اليوم -

موسكو  طهران شبه تحالف خطير

إميل أمين
بقلم : إميل أمين

من بين أهم الأوراق البحثية التي صدرت عن مراكز الأبحاث الأميركية، خلال الأيام القليلة المنصرمة، تلك القراءة الخاصة بالعلاقة بين روسيا وإيران، وقد قام عليها عدد من الخبراء والمختصين من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، وجاءت تحت عنوان: "بعد أوكرانيا: سبل روسيا المحتملة لمكافأة إيران عسكريا ونوويا".

مختصر القراءة المهمة يدور حول ضرورة حث الولايات المتحدة الأميركية على التصرف سريعا في مواجهة ما يمكن أن نطلق عليه "شبه التحالف" الماضي قدما ما بين موسكو وطهران، والذي يمكن أن يعزز تكثيف إيران لحملات القمع في الداخل، ووأد رغبات الإيرانيين في الخلاص من نظام الملالي، وعلى الصعيد الخارجي، يمكن لمثل هذا التعاون أن يدفع الإيرانيين في سياق تكريس رؤية عدائية لجيرانهم كما المعتاد، عطفا على زخم مشروع إيران النووي، في مكايدة سياسية، لا تخطئها العين من قبل موسكو، لحلف الناتو ورأس حربته الولايات المتحدة الأميركية بنوع خاص.

ما الذي يجري على وجه الدقة، وهل بات هذا التعاون يمثل خطرا حقيقيا على منطقة الخليج العربي أول الأمر، والشرق الأوسط تاليا، بل أبعد من ذلك نقول على الأمن العالمي؟

قبل الجواب ينبغي التذكير بالخطوط الرئيسة التي حكمت العلاقة بين روسيا وإيران، في العقدين الماضيين على الأقل، وبدون الرجوع بعيدا في بطن التاريخ.

أظهرت موسكو في مرات عدة دعمها وعونها لطهران، ومساعدتها لها في بناء المفاعلات النووية، واستنقذتها أكثر من مرة، حين كاد العالم يطبق عليها، وقبلت أن تكون أحد مسارب نجاح الاتفاقية النووية سيئة السمعة التي عقدها باراك أوباما معهم.

لكن ذلك لم يعن ولن يعني أبدا، أن موسكو وعند أي لحظة زمنية معينة، كانت قابلة أو راغبة أن تضحى طهران قوة نووية، إذ يعلم الروس علم اليقين أنهم يتعاطون مع قوة راديكالية من المستحيل أن تتغير، سيما أن وصية المؤسس هي تصدير الثورة.

لم يكن من المهم بالنسبة للروس، ما تقوم به إيران في نطاقها الجغرافي الإقليمي، من قلاقل واضطرابات، حروب وكالة وتأجيج ثورات، وحتى إذا وصل الأمر إلى تعريض حياة المدنيين الآمنين إلى الخطر، بل ربما وجدت موسكو في ذلك نوعا من الغزل على المتناقضات، بين دول المنطقة.

لماذا تغيرت الأوضاع وتبدلت الطباع، وباتت المخاوف تتصاعد في أعلى عليين من تحالف عضوي حقيقي بين طهران وموسكو؟

يمكن القول إن كلمة السر تتمثل في "الأزمة الأوكرانية"، حيث وجدت موسكو المأزومة من جانب عقوبات أوروبا وأميركا الاقتصادية، في طهران ضالتها المنشودة، لجهة التعاون العسكري والإاقتصادي دفعة واحدة.

وجد الروس في الإيرانيين منقذا لهم، بدرجة أو بأخرى، بعدما تأزم وضعهم القتالي، فكانت المسيرات الإيرانية التي وجدت طريقها لموسكو، سببا في تغيير موازين القتال على الأرض في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وربما أعطى هذا الجيش الروسي فرصة لإعادة إنتاج صواريخه ومقذوفاته بعيدة المدى، والإعداد لخطة المواجهة الكبرى في الربيع القادم.

ولأنه ما من شيء في عالم السياسة والعسكرة مجانا، فإن روسيا عليها أن تقدم المقابل، وغالب الظن أنه سيمضي في طريقين، الأول على صعيد التسليح التقليدي، والثاني وهذا هو الخطر الكبير، المستوى النووي.

أما على الجانب الأول، فيشير تقرير معهد واشنطن إلى أن هناك احتمالات واسعة لأن تزود روسيا إيران بطائرات مقاتلة، وأنظمة دفاع جوي، وطائرات هليكوبتر، فضلا عن مساعدة بحرية على شكل سفن حربية، وتساعد في إنتاج سفن جديدة.

ماذا يعني ذلك؟

يعلم القاصي والداني أن تسليح الجيش الإيراني قد توقف منذ العام 1979، لا سيما سلاح الجو، وكافة ما تعلن عنه طهران من إنتاج عسكري ليس سوى دعاية مفرغة، إن استثنينا الطائرات المسيرة.

هنا وحين تصل لإيران على سبيل المثال طائرات من طراز سو- 35، والتي تضارع أحدث ما أنتجته الترسانة الجوية الأميركية من طائرات مثل "اف – 22"، و"اف – 35"، فإن موازين الانتباه العسكري في المنطقة، حكما سوف تضطرب.

أما التعاون على صعيد القطع البحرية الإيرانية، فهو ما لن تحتاجه إيران في سياقها الجغرافي الحالي، إلا إذا كانت تخطط لتعاون أكبر مع روسيا والصين، والتوجه نحو مياه المحيط الهادي غربا، لإحداث المزيد من الإزعاج للولايات المتحدة الأميركية.

تبدو المخاوف من التعاون الروسي الإيراني، متجاوزة للبر والبحر، إذ تنتقل إلى الفضاء، وتجاربها الخاصة بالصواريخ الباليستية، ومساءلة الفضاء الخارجي، أقضت مضاجع الغرب في الأعوام الأخيرة.

هنا وبحسب أوراق التقرير، فإن امتلاك إيران لمجموعة من أقمار التصوير الصناعية الروسية، سيمكنها من استخدام طائراتها المسيرة وصواريخها بفعالية ودقة أكبر في مجال الإنذار المبكر والاستهداف. كما تستفيد طهران من تكنولوجيا محركات الصواريخ التي تعمل بالوقود السائل لتطوير صواريخها الباليستية ومركبات الإطلاق الفضائية، وعلى الرغم من أنها أحرزت تقدما كبيرا في صواريخ الوقود الصلب، إلا أن تصميماتها للوقود السائل ما زالت متخلفة.

ماذا عن الجانب الآخر الأكثر إزعاجا في التعاون الروسي – الإيراني؟

لا يحتاج الأمر إلى قدح زناد التفكير طويلا، إذ لا يتبقى سوى التعاون على الصعيد النووي، وحدوث تغير كلي في تفكير القيادة الروسية.

هذا ما يشغل القائمين على مراكز التفكير في الولايات المتحدة، ولهذا يطرحون تساؤلا مخيفا: "هل ستقوم روسيا برد الجميل لإيران، عبر مساهمة جادة وجدية لصنع أسلحة نووية من خلال تزويدها بالتكنولوجيا والدراية، سواء سرا أو علنا؟".

على سبيل المثال قد يساعد العلماء الروس إيران على إجراء تقدم في مجال بحث وتطوير منظومات الإطلاق والرؤوس الحربية وصنع مصغرات أو التعاون في الأبحاث ذات الاستخدام المزدوج المتعلق بالتسليح.

وعلى الرغم من أن هناك من يرى صعوبة مثل هذا التوقع، إذ إنه سيقطع حبال الود والتعاون بين موسكو وبقية دول الخليج العربي، كما سيرسم عداءات مع العديد من دول العالم العربي التي اكتوت ولاتزال بمدافع آيات الله، إلا أن امتداد المعركة مع أوكرانيا ودعم الغرب لها، سيجعل الروس يتعاونون مع الشيطان على حد تعبير تشرشل.

هل يتحقق الأسوا؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسكو  طهران شبه تحالف خطير موسكو  طهران شبه تحالف خطير



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 09:19 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
المغرب اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 04:55 2018 الثلاثاء ,07 آب / أغسطس

" Chablé" يمثل أجمل المنتجعات لجذب السياح

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 20:53 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

شجار بالأسلحة البيضاء ينتهي بجريمة قتل بشعة في مدينة فاس

GMT 22:28 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

ولي عهد بريطانيا يقدم خطة لإنقاذ كوكب الأرض

GMT 05:06 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

"Hublot" الخزفية تتصدر عالم الساعات بلونها المثير

GMT 09:11 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

فتاة منتقبة بطلة فيلم "ما تعلاش عن الحاجب"

GMT 07:11 2018 السبت ,25 آب / أغسطس

فولكس" بولو جي تي آي" تتفوق على "Mk1 Golf GTI"

GMT 16:49 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

مكرم محمد أحمد ضيف "الجمعة في مصر" على "MBC مصر"

GMT 16:34 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

مهاجم زامبي على طاولة فريق الدفاع الحسني الجديدي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib