واشنطن ــ الحوثيون مواجهة أم تماهٍ

واشنطن ــ الحوثيون... مواجهة أم تماهٍ؟

المغرب اليوم -

واشنطن ــ الحوثيون مواجهة أم تماهٍ

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

هل سيكرر التاريخ نفسه، ونشاهد عملية تحرك أميركي أو دولي تجاه جماعة الحوثي؛ رداً على الهجمات التي تشنّها في الفترة الأخيرة، ضد الملاحة الدولية في مضيق باب المندب؟

المؤكد، أنه لا يمكن لواشنطن بنوع خاص أن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يجري هناك، ولا يُقبل عقلاً أو نقلاً صمت المجتمع الدولي وعجزه عن حماية طرق الملاحة الدولية، وإلا يمكننا الظن أن هناك تواطؤاً ماورائياً، غير واضحة معالمه أو ملامحه، وكذا أهدافه، ورغم أنه سيناريو مستبعد بصورة أو بأخرى، فإن مآلات الأحداث تجعلنا نقطع بأنه في «بعض الأحايين يكون سوء الظن من حسن الفطن».

لماذا على واشنطن أن تقود الجهود الدولية بنوع خاص لملاقاة الحوثيين، وفي أسرع وقت ممكن؟

باختصار غير مخل؛ لأنه يقع على عاتقها، وبالتحديد إدارة بايدن، العبء الأكبر في هذا الأمر، وهو ما مكّنهم منه الرئيس الأميركي الحالي، حين سارع ضمن قراراته الأولى برفعهم من قوائم الإرهاب العالمية.

يوماً تلو الآخر، تثبت التجربة والواقع أن سيناريوهات الاسترضاء الأميركية لإيران لا تفيد، بل تأتي على الدوام بنتائج عكسية، إنها تعطي دفعات من الغرور تسمح بالتمادي، وقد خُيل لبايدن وفريقه أنهم بتبرئة الحوثيين من اتهامات الإرهاب، سوف يحظون بتنازلات إيرانية سريعة؛ ما يفتح الباب واسعاً للإدارة الديمقراطية الحالية، أمام اتفاقية نووية جديدة مع طهران.

تبدو إيران وكأنها تتلاعب بواشنطن صباح مساء كل يوم، عبر تكتيكات يفك شفراتها الذين لديهم دالة على التفكير الاستراتيجي المعمق؛ ذلك أنه وفي حين جنبت طهران دخول «حزب الله» في مواجهة مع إسرائيل، بعد اشتعال الأوضاع في غزة؛ حرصاً منها على استثماراتها في الجناح اللبناني التابع لها دوغمائياً وآيديولوجياً، وجعل قدراته العسكرية ورقة ضامنة حال القارعة الكبرى، نجد التكتيك يدفع ببيادق الحوثي في جنوب البحر الأحمر، لينقل رسائل للعم سام، مفادها أننا ها هنا قاعدون، بل وقادرون على أن نضع العصا في دواليب الملاحة العالمية.

هل تتعمد طهران فتح جبهة جديدة في الجنوب، وهي تدرك أن الجغرافيا تحارب لصالح الحوثيين، وتمكّنهم من تهديد الممر الذي تمر عبره 17 ألف سفينة شحن وناقلة نفط سنوياً، ويعبر من خلاله خُمس استهلاك العالم من النفط؟

تبدو واشنطن - بايدن أمام اختبار لا يقل خطورة عن ذاك الذي عاشته في زمن الرئيس رونالد ريغان، وتحديداً في شهر أبريل (نيسان) من عام 1988، حين أصيبت الفرقاطة الأميركية الشهيرة «صاموئيل روبرتسون»، بلغم بحري إيراني؛ ما دفع الرئيس الجمهوري وقتها، إلى القيام بعملية عسكرية ضد إيران.

ما يرشح حتى الساعة من واشنطن يخبرنا بأن البنتاغون نقل مؤخراً المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات «دوايت إيزنهاور» من الخليج العربي إلى خليج عدن، قبالة سواحل اليمن؛ لدعم الرد الأميركي المحتمل على الهجمات الحوثية المتسارعة، والتي تضر بالاقتصاد العالمي، وبحركة الملاحة في قناة السويس بصورة أو بأخرى.

تدرك واشنطن بأجنحتها المختلفة أن لغة القوة وحدها، وبعيداً عن أي مسارات أو مساقات دبلوماسية، هي التي يفهمها الحوثيون، وهناك تجربة قريبة جرت بها المقادير أول أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2016، عندما أطلق الحوثيون صواريخ مضادة على سفن القوات البحرية الأميركية، فما كان من القوات الأميركية إلا أن قصفت مواقع رادار ساحلية بصواريخ كروز من طراز «توماهوك»، وبدا أن ذلك قد أوقف انقلابيي اليمن عن تنفيذ أي عمليات إضافية في ذلك الوقت.

يعن لنا التساؤل عن الخيارات الأميركية المتاحة للرد على الحوثيين، وكيف سيتصرف الأميركيون؟

الثابت لوجستياً أنه وعلى الرغم من أن هجمات الحوثيين لم تحقق نتائج تذكر حتى الآن، فإنهم قد يحققون نجاحاً كبيراً في نهاية المطاف إذا سمح لهم بمواصلة نهج المحاولة والخطأ الظاهر الذي يعتمدونه.

من هنا، تبدو حزمة من الإجراءات قادرة على لجم جماح هذه الفرقة، وفي مقدمها إعادة تصنيفهم منظمةً إرهابيةً أجنبيةً، وفرض المزيد من العقوبات الأميركية والدولية، والضغط على هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة لإعلان أنشطة الحوثيين في المياه الدولية أعمالاً إرهابية بحرية وفقاً لـ«اتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الملاحة البحرية لعام 1988».

ينقل موقع «إكسيوس» الأميركي الشهير عن مصادر مقربة من البيت الأبيض، أن واشنطن قد بعثت عبر قنواتها ووسطائها رسائل تحذيرية للحوثيين، فجاء الرد ضارباً عرض الحائط بمطالب وقف الهجمات.

هل سيرى العالم في الأيام القليلة المقبلة عملاً أميركياً ينهي الأزمة الطارئة، أم ستتأكد ظنون تماهي واشنطن مع الحوثيين؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن ــ الحوثيون مواجهة أم تماهٍ واشنطن ــ الحوثيون مواجهة أم تماهٍ



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 08:46 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

المغربية ابتسام تسكت تكشف عن جديدها الفني المُرتقب عرضه
المغرب اليوم - المغربية ابتسام تسكت تكشف عن جديدها الفني المُرتقب عرضه

GMT 12:48 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان السبت 26-9-2020

GMT 11:52 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

تشكيل الوداد لمواجهة النجم الساحلي

GMT 04:35 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

إليكم أفضل الأماكن في لبنان لهواة رياضة ركوب الشواطيء

GMT 12:34 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

موزيلا ستطرح نسخة مدفوعة من فايرفوكس

GMT 01:29 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

10 صنادل مميّزة تكمل أناقة الرجل العصري في 2019

GMT 19:33 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

بايرن ميونخ يفقد أحد أسلحته أمام بريمن
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib