إيران الفقر يكتب نهايات النظام

إيران.. الفقر يكتب نهايات النظام

المغرب اليوم -

إيران الفقر يكتب نهايات النظام

إميل أمين
بقلم : إميل أمين

على مدى أربعة عقود لم تحسم إيران رؤيتها لذاتها، وبالتحديد ما إذا كانت دولة أم ثورة؟

يرفض نظام الملالي اعتبار بلادهم دولة ويستفالية، تحترم حقوق جوارها، وتأخذ في اعتبارها ما تمليه القوانين والأعراف الدولية، وفي الوقت عينه تسعى جاهدة لتصدير رؤيتها الثورية غير المباركة، عبر الإقليم أولا، وبقية العالم تاليا، حسب الرؤية التبشيرية لقادتها، وهو ما حدده الخميني في بواكير حكمه، من أمله في رؤية علم الثورة الإيرانية يرفرف فوق العواصم العربية.

مهما يكن من أمر، فقد وصلت إيران في الفترة الأخيرة إلى ما يشبه الطريق المغلق، وبات نظامها محاصرا بين ثورة شعبية حقيقية في الداخل، وضغوطات لا قبل لها بها من الخارج.

نظرة معمقة على واقع حال القيادة الإيرانية يقودنا إلى القول بأنها تذكرت دوما مقولة نابليون بونابرت: "الجيوش تمشي على بطونها"، غير أنه من الواضح جدا أنها تناست أن الشعوب تفعل الشيء عينه، وتغاضت عن الفقر كمسبب رئيس للثورات النخبوية وليس النهبوية.

مثير أمر القائمين على شؤون الحكم في الداخل الإيراني، ذلك أنهم وفيما يرون أوضاع العالم الاقتصادية تتردى، والتضخم والركود يطاردان الدول الكبرى، بينما الديون تضيق الخناق على الجميع، يسعون سعيا حثيثا لتعظيم إنفاقهم على التسلح غالي التكلفة وليس الاعتيادي، وعلى غير المصدق أن يولي وجهه شطر موسكو، حيث الأحاديث دائرة عن صفقة جديدة لشراء مقاتلات روسية من طراز "سو -35"، المتقدمة للغاية، والتي تضارع في قوتها الطائرات العسكرية الأميركية الحديثة، بصورة أو بأخرى، عطفا على مروحيات وصواريخ، وينتظر أن يتم تسليم أولى الشحنات هذا الربيع، أي خلال أسابيع قليلة.

ليس سرا أن سلاح الجو الإيراني بهيئته الحالية يعود إلى ما قبل ثورة الخميني نهاية السبعينات، ولم يتم تطويره ولا تحديثه بسبب العقوبات.

وجدت طهران في الحرب الروسية – الأوكرانية حصان طروادة الذي مكنها من الولوج إلى قلب موسكو، خاصة من خلال سلاح الطائرات المسيرة، تلك التي لعبت ولا تزال دورا ملموسا في مواجهة القوات الأوكرانية.

ليست قصتنا هنا، قصة التسلح الإيراني، لاسيما أن الجميع يدرك أنها ليست في حالة حرب مع جيرانها، ولا مع أي قوة أخرى محيطة بها، ما يجعل الإنفاق على التسلح التقليدي مثار تساؤلات، ناهيك عن سعيها الحثيث في طريق برنامجها النووي، وأكلافه المعلن منها والخفي.

التساؤل المرتبط بمصير النظام الإيراني: "هل تجاهل احتياجات الإيرانيين الحياتية، وحالة الفقر الشديدة الوطأة والقساوة التي يعاني منها غالبية الإيرانيين، سوف تضحى في القريب "كعب أخيل"، الذي يكتب نهايات نظام سادر في غيه؟

الذين طالعوا العدد الأخير من مجلة "نيوزويك" الأميركية، ذائعة الصيت، وقر عندهم أن هناك أمرا ما يتم ترتيبه وتدبيره لإنهاك النظام الإيراني وزعزعة أساساته، من خلال العزف على الظروف الحياتية للإيرانيين والتي باتت غير محتملة شكلا أو موضوعا.

التحقيق كتبه مايكل غفولر وديفيد إتش، وفيه بيانات خطيرة بالفعل، ومنها على سبيل المثال القول إن غالبية سكان إيران باتوا مندفعين نحو هاوية الفقر، لسببين: الأول هو العجز الاقتصادي الذي تعاني منه ميزانية البلاد، والذي لم تفلح معه كل وسائل التحايل والالتفاف الخاصة بتصدير النفط الإيراني، مهما تم الإعلان عن خلاف ذلك.

فيما الثاني يتصل بالعقوبات الاقتصادية الغربية التي تتصاعد يوما تلو الآخر، لا سيما مع التلاعب الواضح والفاضح بالخطط النووية، وتسويف الوقت، مع تغييب الحقائق، وبهدف لا يضيع عن الأعين وهو الحصول على السلاح النووي بهدف فرض هيمنة بعينها تتسق ورؤاها الثورية في الإقليم.

حال ترجمة تلك الخطوط إلى أرقام، فإننا نجد 60% من الإيرانيين يعيشون الآن تحت خط الفقر، ويكاد الدخل الشهري للفرد يضحى أقل من دولارين في اليوم، وبالتحديد 55 دولارا في الشهر.

أما عن التضخم في التخوم الإيرانية والمراكز معا، فيصل إلى 50%، الأمر الذي انعكس على قيمة الريال الإيراني الذي تدنى إلى حد تاريخي الشهر الماضي ليصل إلى 440 ألفا للدولار الأميركي، مع العلم أنه في العام 1979 وفي نهايات عهد الشاه، لم يتجاوز الدولار حاجز الـ 75 ريالا.

هل المزيد من الفقر في الطريق إلى إيران، ما يجعل الانفجار أمرا محتوما لا محالة؟

أغلب الظن أن ذلك كذلك، خاصة بعد أن يطال قوى الحرس الثوري الإيراني لهيب العقوبات الجديدة المتوقعة مع اعتبار الأوروبيين تلك العصبة الإيرانية المسلحة جماعة إرهابية، وهو ما صوت عليه البرلمان الأوروبي الخميس الماضي.

أبعد من ذلك، تبدو أوروبا على عتبة إدراج المرشد علي خامنئي، والرئيس الإيراني، والمدعي العام الإيراني، على قوائم العقوبات.

هل صحت أوربا من غفلتها وأدركت طبيعة النظام الإيراني؟

مؤكد أن الامتهانات السلطوية الإيرانية الداخلية الأخيرة لكرامة الإيرانيين، والإصرار على إعدام نائب وزير الدفاع علي أكبري، الذي يحمل الجنسية البريطانية، عطفا على سلسلة الإعدامات التي لا تتوقف من جانب السلطات الإيرانية تجاه الشباب الرافض للقمع والاستبداد الداخليين.. مؤكد أن جميع ما تقدم قد غير اتجاهات الرياح الفرنسية التي صبرت طويلا على السلوك الشمولي الإيراني، وبدون أن يغفل قادة أوروبا واستراتجيوها العسكريون، المخاطر التي تمثلها إيران كقوة نووية، لاسيما أن مجال صواريخ طهران الباليستية يكاد يلامس الأجواء الخاصة بدول أوروبا لا سيما الجنوبية منها، وفي الغد الشمالية من غير أدنى شك.

هل واشنطن بعيدة عما يحدث؟

قد يظن الملالي أن الأميركيين منشغلون في ملفات وثائق بايدن، أو ترشح ترمب للرئاسة 2024، لكنهم على وهم كبير، فالدول القطبية ليست انطباعية بل مؤسساتية، وربما هذا ما يتضح من تصريحات مساعد وزير الخارجية الأميركية الأسبق، روبرت جوزيف، لصحيفة "معاريف" قبل بضعة أيام، من أن نهاية النظام الإيراني قد اقتربت، وأن الشعب الإيراني متعطش للحرية والديمقراطية.

هل من خلاصة؟

ما لا يفهمه الملالي هو أن الترسانة النووية لا تملأ أمعاء الجوعان خبزا، ولا تبلل شفاه العطاش للحرية بالأمل، في غد أفضل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران الفقر يكتب نهايات النظام إيران الفقر يكتب نهايات النظام



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 09:19 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
المغرب اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 04:55 2018 الثلاثاء ,07 آب / أغسطس

" Chablé" يمثل أجمل المنتجعات لجذب السياح

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 20:53 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

شجار بالأسلحة البيضاء ينتهي بجريمة قتل بشعة في مدينة فاس

GMT 22:28 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

ولي عهد بريطانيا يقدم خطة لإنقاذ كوكب الأرض

GMT 05:06 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

"Hublot" الخزفية تتصدر عالم الساعات بلونها المثير

GMT 09:11 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

فتاة منتقبة بطلة فيلم "ما تعلاش عن الحاجب"

GMT 07:11 2018 السبت ,25 آب / أغسطس

فولكس" بولو جي تي آي" تتفوق على "Mk1 Golf GTI"

GMT 16:49 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

مكرم محمد أحمد ضيف "الجمعة في مصر" على "MBC مصر"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib