العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

المغرب اليوم -

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

بلاد الهلال الخصيب، وفي قلبها سوريا، لوحة غنيّة الألوان الاجتماعية، بسبب وفرة الطوائف والأديان والمذاهب، والمجموعات الثقافية الكثيرة، بل إن بعض الملامح التاريخية، تُعدّ، في حكم النادرة عالميّاً، مثل قرية معلولا السورية، التي يتحدّث أهلها لغة المسيح نفسه، ولدينا من الطوائف النادرة في سوريا، الإسماعيلية، في مصياف وسلمية، وكذلك الطائفة النصيرية، أو العلوية كما صارت تُسمّى لاحقاً بعد عهد الانتداب الفرنسي.

هذه الطائفة العربية العلوية، كانت طائفة غير معروفة على مستوى العالم العربي والإسلامي، إلا للمختصّين ومن يجاورهم في سوريا، وتركيا، لواء الإسكندرونة، أو إقليم هاتاي كما يُعرف في تركيا الحديثة، لكنها صارت حديث المنطقة، بعد وصول ضباط الأقليات للحكم السوري، خاصة صلاح جديد، ثم حافظ الأسد، نهاية الستينات وما بعدها.

كان الحديث عن الطائفة العلوية أو النصيرية، في سوريا ممنوعاً، لعقودٍ من الزمن، لكن الحقيقة أن الكل في سوريا وخارجها كان يعرف هذا البُعد في ثقافة النظام، بل إن هناك خطبة شهيرة للرئيس المصري السادات، تحدث فيها عن طائفية حافظ الأسد.

لكن الحال أن تركيبة النظام الأسدي، أعقد من اختزالها في حكاية الانتماء الطائفي، هي أشبه بمزيجٍ من الملامح، منها العصبية الطائفية، لكن الأعمق من الهوية الطائفية للنظام، السِمة العصابية، أو المافيوية، فهي الأرسخ، من أي بُعد آخر، مثلاً زوجة الرئيس الهارب بشار الأسد، السيدة أسماء الأخرس، تنتمي لعائلة سورية سنّية، كما أن حافظ الأسد، سجن صلاح جديد النُّصيريّ، ومات مسجوناً (1993) بعد ثلاثة وعشرين سنةً... كما لاحظ الكاتب والباحث العراقي الدكتور رشيد الخيّون.

كتب رشيد الخيّون، وهو من أهل العلم بالمذاهب والأديان، أن النصيرية انشقّت عن الإماميّة الاثني عشرية، لحظة وفاة الإمام الحادي عشر الحسن العسكريّ (260 هـ) بسامراء، وراء المدّعي نيابته محمّد بن نُصير النّميري (ت 270 هـ)، وهؤلاء هم النّصيرية، وأشير إليهم بالنّميريَّة (الأشعري، مقالات الإسلاميين).

يضيف الخيّون: «تمدّدت النُّصيرية إلى الشّام، ولها وجودٌ بحمص (الحموي، معجم البلدان)، وبسببِ الحروبِ والاضطهادات تحصنّوا بالجبال، حيث الساحل السّوريّ، والقرداحة، مسقط رأس الحاكمين، من مراكزهم، فأنشأ لهم الفرنسيون دولة (جبال العلويين) (1920 - 1936)، غير أنها سنوات والتحموا بوطنهم السُّوري».

حاول بعض رموز الطائفة الإمامية، وهي الكتلة الشيعية الكبرى، إلحاق العلوية النصيرية، بالجسم الشيعي الاثني عشري، ودمجهم كاملاً، بل وشرع بعضهم في إيفاد طلبة نصيرية إلى حوزة النجف، في الأربعينات، لكن هذه التجربة كانت بلا طائل، كما ذكر دكتور رشيد.

أريد القول، إن وجود هذه الطوائف والمجموعات الثقافية في سوريا، راسخٌ قديمٌ، وعبرت هذه الطوائف كل أهوال الحروب والفوضى، لذلك يجب جعل هذا التنّوع الثقافي مصدر قوة لا سبباً لتوليد الأزمات والفتن. ثم إن الحقيقة، وبها أختمُ كما قال الخيّون، أنَّ الطَّوائف لا تحكم، إنما تُستغّل للحُكم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري



GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:54 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والصراع على الإسلام

GMT 06:44 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

« جورنيكا » الفلسطينية

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:07 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور
المغرب اليوم - الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور

GMT 05:02 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
المغرب اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 15:40 2022 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انخفاض أسعار النفط بعد بيانات عن إنتاج الخام الأمريكي

GMT 15:58 2022 الإثنين ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهم اليابان تحقق مكاسب طفيفة بتأثير من مخاوف رفع الفائدة

GMT 21:29 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

الأمن المغربي يطيح بسارق وكالة بنكية في مدينة فاس

GMT 04:02 2022 الأحد ,16 كانون الثاني / يناير

الرجاء المغربي يقدم عرضا رسميا لضم اللاعب حمزة خابا

GMT 20:31 2021 الجمعة ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الإصابة تُبعد نوير عن مواجهة رومانيا في تصفيات المونديال

GMT 02:28 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 11 شخصًا إثر أعمال عنف في ساحل العاج

GMT 13:09 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل الرحلات البحرية من المغرب إلى إسبانيا‬

GMT 00:29 2020 الجمعة ,02 تشرين الأول / أكتوبر

التحقيقات في المغرب تكشف تورط "راق شرعي" في جريمة زاكورة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib