الموزون والوازن من كتاب مازن

الموزون والوازن من كتاب مازن

المغرب اليوم -

الموزون والوازن من كتاب مازن

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

في المقالِ السابق كانَ الحديثُ عن استمراءَ التسطيحِ وتطبيع الجهلِ وترويج الشعبويات من خلال مثالٍ خاص، هو نقد الكاتب والباحث السعودي كامل الخطّي أكذوبة روَّجها حسابٌ متواضع من أميركا على منصات السوشيال ميديا، عن نيات شطبِ أهلِ السنة من اليمن، من طرف أميركا، وإنَّ مواجهة تنظيمِ القاعدة «السنّي الشافعي» هي في هذا الإطار، هذه الأكذوبة ادَّعت وجودَ مقالة بمجلة «فورين بوليسي» الأميركية كتبَها جنرالٌ أميركي، ومعلومٌ لجنابكم الكريم أنَّ كلَّ هذا ما هو إلا «أباطيل وأسمار».

كنت قد وعدتُ بإكمال الحديثِ من خلال مثال آخر، هو ما تناوله باحثٌ سعودي آخر هو مازن الغيث، وهو كاسمه هطل علماً عذباً في كتاب له خصَّصه لتفنيد أكذوبة أخرى من أكاذيب الإسلاميين المسيّسين، وكم هي وفيرة غزيرة أكاذيبهم.

كتابه بعنوان «حادثة اغتيال في مؤتمر إسلامي»، وخلاصة كتابه هو تتبّع حكاية درامية يُزعم أنَّها جرت في مدينة عنّابة الجزائرية، حيث كان يُعقد الملتقى العاشرُ للفكر الإسلامي يوليو 1976م.

في هذا المؤتمر، كما تقول الحكاية المزعومة، انبرى مثقّفٌ تونسي كان حينها يعاني المرض ووهن العظم، هو عثمان الكعّاك، ليصعق الحضور بمفاجأة أذهلت الأوروبيين وأقضّت مضاجعَهم -وهذا يعتمد على توقيت بلوغ صاعقة الكعّاك لهم، نهاراً أو ليلاً وعلى مواعيد نومهم!- وإن الكعّاك كشفَ النقابَ عن سرّ دفين هو أنَّ فيلسوفَ فرنسا الأول ومعقد فخرها رينيه ديكارت، قد سرق نظرية الشكّ من أبي حامد الغزالي، وإنه -أي الكعّاك- قد اطّلع على نسخة خطيرة من مخطوط كتاب «المنقذ من الضلال» للغزالي مكتوبةً باللاتينية، من مكتبة ديكارت الخاصة، وفيها تعليم بالقلم الأحمر، من ديكارت شخصياً على عبارة للغزالي تقول: «الشك أولى مراتب اليقين»، وتهميش ديكارت يقول: «يُضاف ذلك لمنهجنا»، وحين كشف الكعّاك عن ذلك انتبه الفرنسيون فحجبوا كتبَ ديكارت من المكتبة الوطنية الفرنسية.

ليس ذلك فحسب، بل تمَّ «اغتيال» الشيخ الكعاك جسدياً بطريقة غامضة في ليالي عنّابة الغامضة، من طرف «النطاق الثقافي الأوروبي»، الذي لم يحتمل هذه الحقيقة العظيمة، مع أنَّ ثُلّة من المستشرقين الأوروبيين كانوا في ذلك المؤتمر، ولهم أوراق بحثية في تثبيت فضل المسلمين والعرب على الحضارة الأوروبية... فتأملْ رعاك الله.

رائد ترويج هذه الحكاية الموهومة هو الصحافي المصري صاحب الميول الإخوانية فهمي هويدي، ومثيله أنور الجندي، ثم تلاهما وزاد عليه بهارات الدراما، الفلسطيني الإسلامي المقيم في أوروبا، عدنان إبراهيم.

المحزن أنَّ هذه الأكذوبة، التي نقض غزلَها مازن الغيث في كتابه بكل اقتدار وأناة، ما زال بعضُ المستثقفين من إسلاميين أو حاطبي الليل، يلوكونها في موائد السوشيال ميديا أمس واليوم وغداً.

هذا المثال لمازن، وقبله مثال كامل الخطّي، يجعلني أجدّد الدعوة لإنشاء منصّة تُعنى بمثل هذه الأبحاث الكاشفة، خدمةً لصحّة العقول ونقاءِ الهواء العام، فمن يشمّر عن ساعد الجدّ؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الموزون والوازن من كتاب مازن الموزون والوازن من كتاب مازن



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي

GMT 08:03 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

ما الذي سيقدمه "الأسطورة" في رمضان 2018؟

GMT 20:50 2018 السبت ,24 شباط / فبراير

خفيفي يعترف بصعوبة مواجهة جمعية سلا

GMT 17:06 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

وليد الكرتي جاهز للمشاركة في الديربي البيضاوي

GMT 06:59 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

كليروايت تغزو السجادة الحمراء بتشكيلة متميزة

GMT 17:54 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الفالح يُعلن أهمية استمرار إجراءات خفض إنتاج الخام

GMT 19:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

مهرجان أسوان لأفلام المرأة يفتح باب التسجيل بشكل رسمي

GMT 05:45 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

ابتكار روبوت مصغر يتم زراعته في الجسم

GMT 23:06 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مشروع الوداد يؤخر تعاقده مع غوركوف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib