الأستاذ المحترم «تيك توك»

الأستاذ المحترم «تيك توك»!

المغرب اليوم -

الأستاذ المحترم «تيك توك»

مشاري الذايدي
بقلم : مشاري الذايدي

في اللحظة التي تكف فيها العقول وتعرض فيها النفوس عن ارتياد مياه القراءة، فأبشر بشيوع التفاهة وتمتع بذيوع الرداءة الحاكمة. في عالمنا العربي الحديث، كنا نعاني من قلة القراء وشحّ القراءة، ثم تضاعف البلاء بعد هيمنة منصات السوشيال ميديا، خاصة منصات مثل «سناب شات» و«تيك توك». على ذكر «تيك توك»، تلك المنصة الصينية التي صارت اليوم من عناوين المواجهة الأميركية الصينية، فها هنا خبر مثير عنها فيما يخص صناعة النشر والكتاب، لكن أستمهلكم برهة، حتى أقص عليكم هذا النبأ. قبل شهرين تقريباً كنت في مناسبة عائلية فسألتني فتاة في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية عن رواية الراحل غازي القصيبي (شقة الحرية) وكيف تجدها لأنها حريصة على مطالعتها، فعجبت من ذلك وسألتها كيف انتهى إليك خبر تحفة القصيبي هذه؟ فكان الجواب من الصديقات ومن «تيك توك».
حسناً الآن نصل لخبر «تيك توك» المثير الذي نشرته صحيفة «الشرق الأوسط»...
كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة عن إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دور النشر. حيث نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، فحصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا.
كما أخبر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس، أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين 100 ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون سن 25.
هل السبب - كما قال البعض - هو مجانية دخول هذه الفئة للمعرض؟
لم يربط المنظمون في باريس هذا الإقبال «منقطع النظير» بمجانية الدخول التي تُمنح لهذه الفئة العمرية في فرنسا، بل إلى تطبيق «تيك توك»، مؤكدين أنه قام «بعمل دعائي مهول لاجتذاب هذه الفئة العمرية». ما هو الدرس بل الدروس من هذا الخبر المثير؟
أولاً ليس صحيحاً أن الشباب والشابات لايقرأون ولا يريدون المحتوى الجاد والرصين.
ثانياً ليس صحيحاً أنه لا يمكن الاستفادة من هذه المنصات مثل «تيك توك» في ترويج وإنعاش صناعة الكتاب وعادة القراءة. إذن الخلل موجود في مكان آخر، وهو الإخفاق في تصميم الطرق المناسبة من أجل إيصال عربات الكتاب إلى محطات الشباب على مترو السوشيال ميديا. ثمة خلل عميق لدى القائمين على صناعة النشر والكتاب في أمور؛ أولاً وجود «الشغف» بصناعة الكتاب والقراءة، وثانياً وجود «الفهم» الحقيقي بمحركات هذه الصناعة... وفوق هذا كله وجود «رؤية» عليا، لا تنطلق من حسابات تجارية وتسويقية خفيفة وبحتة فقط.
يحدثني ناشر سعودي شهير أن أكثر كتاب بيع لديهم في دارهم لم يتجاوز 8 آلاف نسخة على مدى حوالي عقد من الزمان.
هناك أسباب كثيرة لضعف عادة القراءة، مثلاً في السعودية، منها عدم «دعم» المؤلف وعدم تكوين أندية القراءة وعدم تحويل بعض الروايات إلى منتجات درامية، ومنها التعامل مع مفردات صناعة الكتاب (الورق والمطابع... إلخ) على أنها محض تجارية تخضع لسلم الضرائب، في حين أن الورق والكتاب معفيان من ذلك في بعض الدول القريبة.
صفوة القول، إن عادة القراءة لن يكف عنها الإنسان، فالبحث عن المعرفة الجادة والإبداع الممتع حاجة خالدة باقية ما بقي الإنسان، بغض النظر عن حوامل ووسائل وأوعية هذا المقروء.
يمكث بعد هذا كله ما ينفع الناس. ومجتمع خلو من المعرفة فقير من زاد القراءة هو صيد سهل لكل صناع الأفكار التي لا نحبها... قال الأول...
أتأتي هواها قبل أن أعرف الهوى - وصادف قلباً خالياً فتمكنا!

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأستاذ المحترم «تيك توك» الأستاذ المحترم «تيك توك»



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:50 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود
المغرب اليوم - ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib