جميلة اسمها «الشرق الأوسط»

جميلة اسمها «الشرق الأوسط»

المغرب اليوم -

جميلة اسمها «الشرق الأوسط»

مشاري الذايدي
بقلم : مشاري الذايدي

صحيفة «الشرق الأوسط» التي خرجت مؤخراً بهيئة رقمية رشيقة، هي الفنارُ المنيرُ في بحر الظلمات الإعلامية العربية، مع كامل التقدير لبقية الصحف العربية، القديمِ منها والجديد. الصحيفة التي منذ انطلاقتها في شارع الصحافة «فليت ستريت» في لندن عام 1978 كما تذكرنا جمانة الراشد، الرئيسة التنفيذية للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام، ظلَّت مقصدَ الباحثين دوماً عن المحتوى الرصين. في العقد الأخير تعرضت الصحافة العربية لتحدياتٍ وعواصفَ، كان من عواقبِها انهيار بعض الصحف وموتها أو مرضها، لصالح من؟! هل خلت منابر «صحافية» مكانها؟ وهنا نصبح أمام تفاعل حياتي طبيعي، فعبر القرن الماضي أغلقت صحف ومجلات وفضائيات، لكن جاء بعدها من يخلفها... هذي سنة التطور. الحال أنَّه مع كل سقوطٍ لشجرة من أشجار الصحافة الحقيقية لم يوجد ما يعوضها، لذلك بادر بعض الفارغين الصاخبين من كائنات السوشيال ميديا للتبشير بذواتهم، وأنَّهم هم الإعلام الحقيقي... زعموا، وبئس ما زعموا. نعم ثمة ومضاتٌ وشخصياتٌ وحساباتٌ جميلة في منصات السوشيال ميديا، لا ننكر ذلك، وهو أمرٌ حسن، لكنَّنا ننكر على هؤلاء النفر تلك الفجاجة، وذلك التعالم الفارغ. الصحافة لا ولن تموت، لأنَّها جزء أصيلٌ من وجود التفاعل الإنساني الحقيقي، عليك أن تطوّر أدواتِك، أساليبَك، طرقَ الوصول إلى القارئ الجديد، هذا صحيح تماماً، وهذا ما فعلته صحيفة «الشرق الأوسط» مؤخراً. الجدل العقيم حول «موت الصحافة الورقية»، جدل مبني على باطل، فالورق نفسه أقصد مادة الورق، ليست هي موضع النقاش، النقاش هو في «صنعة» الصحافة، التي لا يعلم عنها نزقو السوشيال ميديا أي أثارة من علم ولا يملكون فيها شَرْوَى نقير. وضعت السيدة الشابة جمانة الراشد، الرئيسة التنفيذية للشركة التي تصدر صحيفة «الشرق الأوسط» يدَها على جوهر المسألة، حين كتبت في مقالتها أمس احتفالاً بصدور النسخة الرقمية الجديدة من الجريدة، قائلة: «تحدَّث كثيرون عن موت الصحافة الورقية. ولكن في حين أنَّ الوسيلة يمكن أن تموتَ، لكنَّ الصحافة لا تموت. فهي مشروع إبداعي، يمكن تطويرُه وتوسيعُه للوصول إلى أكبرِ شريحة ممكنة من القراء والمتابعين». نعم الوسيلة تموت أو تتحوَّر وتتغيَّر أحياناً. لكنَّ الصحافة لا تموت، معنى موتها... موت الشغفِ الإنساني للمعرفة للفهم للتحليل للجمال للبلاغة للدهشة... وهذا معناه موتُ الحياة الجمالية نفسها! مع أنَّ البقاء والإبقاء على الصدور الورقي ما زال موجوداً في دول «العالم المتقدم» أوروبا وأميركا، وهو جزء من وقار وشخصية الصحيفة يجب الحفاظ عليه بدرجة ما، مع التركيز على خلق بيئة صحافية جاذبة يتربَّى فيها الجيل الجديد من الصحافيين، ويتلقّون أصولَ الصنعة ممن سبقهم، هكذا تقول حقائقُ الحياة وتجاربُها. إذن فالتحول الرقمي، أو «الرقمنة أولاً» كما هو شعار الشركة اليوم، يمثل فرصة جديدة لـ«الشرق الأوسط» وليس نكسة لها... معاذ الله. الأستاذ غسان شربل رئيس تحرير «الشرق الأوسط» كتبَ عن هذا التحول الرقمي، مؤكداً أن «(الشرق الأوسط) التي تعتزُّ بقرائها وصحافييها وكتّابِها تَعتبر تحدياتِ العصر فرصة، ولهذا اختارت أن تفتحَ نوافذَ المستقبلِ على مصراعيها». وبعد، أتمنَّى من حبَّة قلبي أن تُشادَ مراكزُ تدريبٍ صحافي تقوم عليها «الشرق الأوسط» لتكوين نشءٍ صحافي حقيقي وجديد، يتصدَّى لهذا الأذى، وذاك القذى المثير في حارات السوشيال ميديا. وأخيراً أقول: لماذا لا يُعمل فيلم وثائقي غزيرٌ عن قصة صحيفة «الشرق الأوسط» وتاريخها الثري؟ فهي قصة جيل بل أجيال مكبسلة في قصة صحيفة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جميلة اسمها «الشرق الأوسط» جميلة اسمها «الشرق الأوسط»



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib