قطر «مونديال» لن يتكرر

قطر... «مونديال» لن يتكرر

المغرب اليوم -

قطر «مونديال» لن يتكرر

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

الأدق اجتناب التعبير عن أي أمر بأسلوب جازم، غير مفسح المجال أمام احتمال وقوع تطور متعارض مع ما افترض الصحافي، إذ يحرر تقريراً، أو يضع عنواناً. كذلك الحال فيما يخص كاتب المقالة. ذلك أن تجنب تضمين النص مفردات تحسم على نحو يقطع دابر أي شك - كما في الزعيق بكلمات مثل «بلا أي جدال» - يعفي الكاتب من مغبة التعرض لسؤال محرج من نوع: أين الدليل على صحة الذي تزعم أنه غير قابل لأي جدل؟ هذه إحدى بديهيات منهج التحرير الصحافي، كما تعارف عليها الأولون، وكما يعرفها، ولا يزالون يمارسونها، محترفو التدقيق العاملون في قاعات تحرير الصحف والمجلات، بمختلف اللغات. إذ ذاك هو الحال، أولى إذن، فأولى بي، أن أبادر إلى تصحيح عنوان مقالتي قبل أن أزعج بذلك الأستاذ الزميل المكلف تلك المهمة غير الهينة، فيصبح العنوان الأصح على النحو التالي: قطر... «مونديال» الأرجح ألا يتكرر.
قبل الدخول إلى مزيد التفاصيل، ثمة جانب آخر على قدر من الأهمية أيضاً يوجب التوضيح، خلاصته أنني لستُ أدعي ذرة من الخبرة في التعليق الرياضي، ولعل الأدهى يتمثل في عدم اهتمامي أساساً بمتابعة مباريات كرة القدم. يرجع ذلك إلى وقوع نفور منها منذ سنوات صباي، عندما دب بيني وبين أحد أقرب أصدقائي خلاف بسبب مسار مباراة فريقين في الحارة. كاد الخلاف أن يتطور إلى شجار، وعندما بدا لي أن نشوب الصراع صار محتماً، سارعت إلى الانسحاب من الحرب وهي لم تزل في نطاق جدل محتدم، إذ بعدما بدا لي أن المفاضلة هي بين كسب معركة اختلاف الرأي، وبين خسارة الصديق، وجدتني أسارع إلى تفضيل الصداقة على ادعاء بطولة انتصار رأيي على وجهة نظر غيري. بالمناسبة؛ الصديق الذي أشير إليه هنا، كان الأكثر جدلاً بين أصدقاء سني الصبا ومطالع الشباب، ولكن احتدام نقاشاتنا، حول أي شأن، لم يفسد أي ود بيننا، وهو واصل الاهتمام بالشأن الكروي، حتى بعد الالتحاق بكلية الحقوق في جامعة القاهرة، والتخرج منها بتفوق، ثم التدريس في الجزائر، وصولاً إلى العمل أستاذاً في إحدى جامعات قطاع غزة. مقصد القول، الذي أُرجِح أنه ليس موضع خلاف، ولا محط جدل هو أن الاحترام المتبادل بين معتنقي وجهات نظر متباينة، من شأنه دائماً أن يقوي أواصر الصداقة، وأن يحول دون انفراط العقد الاجتماعي للمجتمع على نحو يؤدي إلى مهاوي الردى، بعد شيوع الفوضى.
تجنب أي مظهر من مظاهر الفوضى كان، في تقديري، واحداً من أهم منجزات قطر في تنظيم دورة كأس العالم 2022؛ ذلك أمر سوف يوثق في سجلات الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الذي لم يتردد رئيسه جياني إنفانتينو، في توجيه «الشكر لجميع المشاركين، ولقطر، وجميع المتطوعين، الذين جعلوا هذا المونديال هو الأفضل على الإطلاق». تلك في حد ذاتها شهادة من حق قطر الدولة، والمجتمع، والمؤسسات، أن تعتز بها تمام الاعتزاز. معروف أن معظم بطولات كرة القدم العالمية، لا تخلو من حوادث شغب ومصادمات، سواء بين مشجعي الفرق، أو بين جماهير المشجعين والشرطة أحياناً. أحداث من هذا النوع شهدتها مسابقات دولية عدة، وهناك حالات منها انتهت إلى مصادمات لم تخل من عنف، كما كان يحصل من قبل مشجعين إنجليز يعرفون بوصف «الهوليغنز»، لا يترددون في إثارة الشغب داخل بريطانيا نفسها.
أما عن مفاجآت «مونديال» قطر المتمثلة في نتائج مذهلة لعدد من المباريات، فحدِث بلا حرج، كما يُقال. منذ بدأت الدورة تتابع توالي المفاجآت غير المتوقعة، بدءاً بالفوز السعودي الصاعق على الأرجنتين، مروراً بهزيمة الألمان بين أقدام فريق اليابان، وصولاً إلى انتصار منتخب تونس على فرنسا، وانتهاءً بما يمكن القول إنه معجزات فريق المغرب، «أسود الأطلس»، أمام إسبانيا والبرتغال، ثم مواجهة فرنسا في نصف النهائي. نعم، صحيح أن أياً من منتخبات العرب لم يصل إلى مباراة الكأس يوم الأحد الماضي، لكن الصحيح أيضاً أن الفرق العربية فاجأت الجميع بمستوى تمكنها في الأداء المتميز. وصحيح جداً، كذلك، أن أول دولة عربية تستضيف تنظيم كأس العالم نجحت أيضاً في تقديم صورة هي موضع اعتزاز عربي. شكراً قطر، ووداعاً لمونديال على الأرجح ألا يتكرر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قطر «مونديال» لن يتكرر قطر «مونديال» لن يتكرر



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 16:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مباحثات مغربية أميركية لتعزيز التعاون العسكري المشترك
المغرب اليوم - مباحثات مغربية أميركية لتعزيز التعاون العسكري المشترك

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 08:18 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:18 2022 الأربعاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

« بكتيريا متطرفة » لإزالة التلوث النفطيِ

GMT 23:41 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

هامبورغ أكثر الأماكن المذهلة لقضاء شهر العسل

GMT 14:14 2017 الإثنين ,05 حزيران / يونيو

اتحاد طنجة يخطط لضم نعمان أعراب من شباب خنيفرة

GMT 16:18 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الإتحاد الأوروبي يطلّق تحقيقاً مع تيك توك ويوتيوب

GMT 22:58 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

الأحرش بطلا للمغرب في القفز على الحواجز

GMT 02:12 2021 الجمعة ,17 أيلول / سبتمبر

أجمل المعالم السياحية في جزيرة كريت اليونانية

GMT 16:08 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

بني ملال تبحث تدبير ما بعد فترة "الحجر الصحي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib