كيف نفسر البلطجة الإسرائيلية

كيف نفسر البلطجة الإسرائيلية؟

المغرب اليوم -

كيف نفسر البلطجة الإسرائيلية

عماد الدين حسين
بقلم - عماد الدين حسين

كيف يمكن لدولة واحدة بلا تاريخ وعدد سكانها لا يتجاوز الـ ١٢ مليون نسمة نصفهم من العرب، ومساحتها ضئيلة للغاية أن تبلطج بهذا الشكل طوال عام كامل من دون أن تجد  من يردعها؟!

كيف وصلت إسرائيل إلى هذه الحالة، وكيف انحدر العرب إلى هذا المستنقع؟!

كيف يمكن لدولة واحدة تم زرعها عنوة فى هذه المنطقة عام ١٩٤٨ أن تمارس الفتونة على ٥٥ دولة عربية وإسلامية؟

هذا السؤال يسأله كثير من العرب والمسلمين، صغيرهم وكبيرهم، مثقفهم وجاهلهم، لكن للأسف فإن الإجابات تتعدد بحيث لا يعرف الناس السبب الرئيسى وبالتالى تزيد البلبلة

عندما كنت صغيرا فى المدرسة الإعدادية وبدأت قراءة الصحف ومتابعة الأخبار كنت أتساءل وأتعجب لماذا لا يقوم العرب وعددهم يزيد على الـ ٢٠٠ مليون شخص وقتها  بالزحف والدخول إلى فلسطين وتحريرها ورفع العلم فوق المسجد الأقصى فى القدس الشرقية؟!

ثم أدركت حينما كبرت أن الأمور ليست بهذه البساطة والسطحية، الآن وبعد عشرات السنوات وبعد أن تجاوز عدد العرب الـ ٤٠٠ مليون نسمة فقد زاد الأمر سوءًا وصاروا فعلا مثل «غثاء السيل»، بحيث إن دولة صغيرة جدا مثل إسرائيل ترهبهم وترعبهم وتبتزهم وتبلطج عليهم جهارا نهارا.

كيف تجرأت إسرائيل على أن تحول الهاتف العادى إلى وسيلة قتل فورية أو إحداث إصابات وعاهات دائمة؟

السؤال الذى خطر فى ذهنى بعد تفجيرات «البيجر» فى لبنان هو: كيف اتخذ صانع القرار فى إسرائيل هذا القرار بمثل هذه السهولة؟
ألم يفكر فى العواقب أو الغضب الدولى؟

لكن عرفنا من التسريبات الصحفية أن إسرائيل أعلمت أمريكا أنها بصدد تنفيذ عملية فى لبنان، وواشنطن تنفى تورطها فى العملية أو حتى علمها بها، لكن وبعيدا عن هذه الحيل والألاعيب فإن المعلومة المؤكدة أن أمريكا أعلنت يوم أمس الأول أنها حركت قواتها البحرية باتجاه شرق المتوسط للدفاع عن إسرائيل حال تعرضها لأى هجمات من إيران أو حزب الله.

من ردود الفعل الدولية والإقليمية على هذه الجريمة غير المسبوقة يمكننا أن نفهم لماذا كان قرار إسرائيل بتنفيذ العملية سهلا وسريعا.

الانتقادات الأوروبية كانت خجولة وبعضها حتى لم يرتقِ إلى مستوى الجريمة.

عربيا فإن مصر أدانت الجريمة، ولكن غالبية الردود العربية كانت أكثر خجلا.

نتنياهو اتخذ قرار عملية البيجر وقبلها عملية التدمير الممنهج لقطاع غزة والآن يستدير للضفة الغربية، لأنه أدرك تمام الإدراك أنه محمى أمريكا وبريطانيا وفرنسيا وألمانيا/ والأهم أيضا أنه لن يتعرض لأى عقوبات عربية وإسلامية.

لو تأملنا الموقف الفعلى للدولة العربية والإسلامية وعددها حوالى ٥٥ دولة، فسوف نكتشف أنه لم يؤثر على إسرائيل، حتى الدول التى أعلنت تعليق التبادل الاقتصادى مع إسرائيل بعد عدوانها على غزة، فقد اكتشفنا أن ذلك لم يكن بصورة حقيقية أو مؤثرة، وبالتالى فإن الرسالة التى وصلت إلى إسرائيل هى أن كل ما يقال مجرد إدانات وبيانات وشجب لفظى، لن يتحول إلى قرارات للتنفيذ.

هل الموقف العربى والإسلامى وليد اللحظة أو حتى هذا العام؟ الإجابة هى لا لأن إسرائيل والولايات المتحدة استثمرا لعقود طويلة حتى وصلا إلى هذه النقطة.

هم للموضوعية كانوا أذكياء، وغالبية العرب كانوا ضعفاء أو منقسمين وأحيانا متواطئون وبالتالى وصلنا إلى لحظة ما تزال السلطة الفلسطينية وحركة حماس منقسمتين بينما إسرائيل تواصل التدمير الممنهج فى الضفة وغزة.

وهنا لا يمكن أن نلوم العدوان الإسرائيلى والتآمر الأمريكى فقط بل نلوم أنفسنا كعرب وفلسطينيين.

لا أتحدث فقط عن الموقف السياسى، ولكن عن حالة الضعف شبه الكامل الذى تعانى منها الأمتان العربية والإسلامية منذ عقود، ووصلنا إلى اللحظة الراهنة التى تمارس فيها إسرائيل بلطجة شاملة من دون أن تجد من يردعها.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف نفسر البلطجة الإسرائيلية كيف نفسر البلطجة الإسرائيلية



GMT 19:34 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 19:31 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 19:28 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 19:19 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 19:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 09:19 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
المغرب اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 04:55 2018 الثلاثاء ,07 آب / أغسطس

" Chablé" يمثل أجمل المنتجعات لجذب السياح

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 20:53 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

شجار بالأسلحة البيضاء ينتهي بجريمة قتل بشعة في مدينة فاس

GMT 22:28 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

ولي عهد بريطانيا يقدم خطة لإنقاذ كوكب الأرض

GMT 05:06 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

"Hublot" الخزفية تتصدر عالم الساعات بلونها المثير

GMT 09:11 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

فتاة منتقبة بطلة فيلم "ما تعلاش عن الحاجب"

GMT 07:11 2018 السبت ,25 آب / أغسطس

فولكس" بولو جي تي آي" تتفوق على "Mk1 Golf GTI"

GMT 16:49 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

مكرم محمد أحمد ضيف "الجمعة في مصر" على "MBC مصر"

GMT 16:34 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

مهاجم زامبي على طاولة فريق الدفاع الحسني الجديدي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib