دردشة رمضانية

دردشة رمضانية!

المغرب اليوم -

دردشة رمضانية

حسين شبكشي
بقلم : حسين شبكشي

استغللت وجود أحد القيادات المصرفية الكبيرة في عالمنا العربي، وهو يقوم بزيارة لأداء العمرة في هذه الأيام من شهر رمضان المبارك، لأتناول معه بعض الأفكار، وآخذ رأيه الذي أحترمه جداً في بعض الأخبار الحاصلة التي تسيطر على العالم في هذه الأيام.
كان الموضوع الأول بطبيعة الحال الآثار المتوقعة لاستمرار الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا، التي طالت آثارها العالم بأسره على أقل تقدير في الجانب الاقتصادي منه.
بدأ بقوله إن العقوبات الاقتصادية العنيفة بحق روسيا، هي عقوبات قوية وغير مسبوقة وممنهجة، لعل أحد أهم آثارها هو الإغلاق التدريجي والمحكم للأسواق التقليدية، تحديداً في القارة الأوروبية لمنتجات الطاقة من نفط وغاز روسي إليها، وبالتالي ستبحث روسيا وبمنتهى القوة عن أسواق بديلة لتغذية اقتصادها المتألم من جراء العقوبات الاقتصادية القوية بحقها.
ستكون أولى الوجهات المتوقعة للغاز والنفط الروسيين هي أسواق الشرق الأقصى، تحديداً المستهلكين الأكبرين فيها، وهما الصين والهند، اللذين يتمتعان بعلاقات مميزة وقوية وتاريخية مع روسيا.
وفي هذه المسألة تطور يخص منتجي النفط من مجموعة «أوبك».
وبعد ذلك تغيرت دفة الحديث لنتجه إلى مؤشرات تبيان الصحة الاقتصادية من عدمها، وأنه لا بد من التركيز على حجم الديون الخاصة بالدول والأفراد، وذلك لقياس مؤشرات التعافي الاقتصادي أو عكس ذلك. وهو يعتقد جلياً أن موضوع الدين العام للدول ودين الأفراد ودين الأسر، لا يغطى بالقدر الكافي في البيانات الاقتصادية، فلديه قناعة تامة أن الأسر في العالم العربي قد غرقت بالديون الشخصية، سواء من بطاقات الاعتماد إلى القروض السكنية أو قروض السيارات أو قروض السفر أو أنواع مختلفة من القروض التي تحتاجها الأسرة للصرف على متطلبات الحياة فيها، تماماً كما يحدث من الدول بحق مشاريعها التنموية.
وهو لديه قناعة جازمة أن ذلك الأمر سيكون أشبه بمثابة ناقوس خطر ستضطر المصارف والبنوك للتعامل معه مرغمة، بإعادة جدولة كمية هائلة من الديون في لحظة ما، وهو الأمر الذي جرنا إلى حديث آخر لا يقل أهمية، وهو عن المنظومة الضريبية التي تستخدم في دول العالم بأشكالها المختلفة، ووضح أن هناك مدرستين للضريبة، فهناك المدرسة الكلاسيكية في أوروبا، التي تعتمد على فكرة القيمة المضافة أو ضريبة القيمة المضافة، بعكس المدرسة الأميركية التي تعتمد على نظرية الإعفاء الضريبي. فالأولى تعتقد أنها باقتطاع جزء من الضرائب على كل مستهلك تساهم بذلك في تنمية الاقتصاد الكلي، بينما النظرة الأخرى تعتقد أن إعفاء الضرائب عن كاهل المستثمرين سيجعلهم يتشجعون لوضع مبالغ أكبر من الأموال في عجلة الاستثمار في بلادهم لتنميتها.
وقد رأينا مشاهد ذلك الأمر مقارنة بين الاقتصاد الأميركي والاقتصاد الأوروبي، ورأينا التفاوت الكبير في نسب النمو. ويرى صديقي أن هذا التحدي هو الذي ستكون عليه العجلة الاقتصادية في خطوتها القادمة بعد حرب أوكرانيا، وهي أي النماذج سيتم تبنيها لصالح تطوير وتنمية الاقتصاد الدولي.
ويرى الرجل في الوقت نفسه أن الحديث عن الاستغناء عن الدولار الأميركي في معاملات العالم هي مسألة بحاجة لوقت ليس بالقصير، فالمسألة ليست فقط استبدال عملة بأخرى، ولكنه استبدال نظام مالي متكامل تعود وأدمن عليه العالم لعقود طويلة من الزمن، وبالتالي حتى يتم بناء المنظومة المالية البديلة سيتمكن العالم من الحديث عن إيجاد عملة بديلة، وهو يرى أن ذلك ليس ممكناً اليوم، ولن يكون ذلك ممكناً قبل ثلاثة عقود على أقل تقدير.
وهنا استرجعت ما كتبه الاقتصادي الفرنسي الكبير توماس بكيتي، في كتابه عن رأس المال، الذي وضع فيه دور الضريبة وكيف تم استخدامها في منظومة الاقتصاد والتنمية في أوروبا بشكل رئيسي منذ عقود طويلة، فهو وضح أن الاقتصاد ونجاح الثورة الصناعية فيه كان من خلال أذرع كثيرة للدولة، لعل من أهمها كان الاستغلال الأمثل للضرائب في عجلة التنمية، ولكن ما لم يتطرق إليه بكيتي بالشكل الكافي هو أن الانتقاص من الضرائب كان أيضاً أحد أهم عناصر النجاح التي حصدتها بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية عندما قاما بعمل ذلك في الثمانينات الميلادية من القرن الماضي. قال لي الرجل مودعاً قبل أن يغادر دائماً تذكر أن الاقتصاد هو المحرك الأهم للسياسة في كل بقاع العالم، ابحث دائماً عن المعنى والمغزى الاقتصاديين من وراء الحدث، ستتضح لك الصورة بشكل جلي وتكتشف معها حقائق كانت مخفية عنك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دردشة رمضانية دردشة رمضانية



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي

GMT 08:03 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

ما الذي سيقدمه "الأسطورة" في رمضان 2018؟

GMT 20:50 2018 السبت ,24 شباط / فبراير

خفيفي يعترف بصعوبة مواجهة جمعية سلا

GMT 17:06 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

وليد الكرتي جاهز للمشاركة في الديربي البيضاوي

GMT 06:59 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

كليروايت تغزو السجادة الحمراء بتشكيلة متميزة

GMT 17:54 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الفالح يُعلن أهمية استمرار إجراءات خفض إنتاج الخام

GMT 19:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

مهرجان أسوان لأفلام المرأة يفتح باب التسجيل بشكل رسمي

GMT 05:45 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

ابتكار روبوت مصغر يتم زراعته في الجسم

GMT 23:06 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مشروع الوداد يؤخر تعاقده مع غوركوف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib