الشتاء قادم

الشتاء قادم!

المغرب اليوم -

الشتاء قادم

حسين شبكشي
بقلم : حسين شبكشي

لعل أشهر جملة في المسلسل الدرامي الأشهر عالمياً في التاريخ «لعبة العروش» التي تجيء على لسان أبطال المسلسل هي «الشتاء قادم!»، ولكل من تابع هذا المسلسل الشهير جداً يدرك تماماً أن هذه الجملة كانت دوماً ما تقال كنوع من التحذير الشديد من خطورة ما هو آتٍ.
هناك مؤشرات مهمة ولافتة تشير إلى أن العالم مقبل في النصف الثاني من هذه السنة على شتاء صعب جداً وشديد الاضطراب، خصوصاً فيما يتعلق بالشؤون الاقتصادية وتبعياتها. فالغرب عموماً والولايات المتحدة تحديداً، يعدون العدة لموسم شتاء سيكون الأصعب منذ عقود أو كما شبهه أحد المعلقين الاقتصاديين بأنه يوم هرمغدون الاقتصادي في تشبيه لنهاية الزمان. سوف تكون هناك أزمة توفير ونقص حاد وشديد وغير مسبوق في احتياجات الأسواق من الغاز الطبيعي، الذي تعتمد عليه الدول الغربية للتدفئة والطاقة، وترتفع كما هو معلوم معدلات الاستهلاك للغاز الطبيعي في فصل الشتاء. ولكن لن يكون هذا هو السبب الوحيد للقلق والخوف، فهناك أسباب أخرى وجيهة جداً ولا تقل خطورة أو أهمية، لعل أهمها قنبلة الأزمة الغذائية الكبرى المنتظرة، لأنها متى ما انفجرت فإن شظاياها لن تستثني أحداً أبداً، كما هو متوقع، خصوصاً إذا ما علمنا أن أهم عناصر التكلفة في صناعة الأسمدة الزراعية المهمة هو الغاز الطبيعي الذي يشكل من 70 إلى 80 في المائة من إجمالي التكلفة مع عدم إغفال أو التقليل من الأزمة الحادة الموجودة في توفير مادة الفوسفات، بالإضافة إلى مواد أخرى مطلوبة لتجهيز الأسمدة.
هذا كله له معنى واحد، وهو أن أسعار المواد والسلع الغذائية سترتفع بأكثر من 50 في المائة في فترة الأشهر الستة المقبلة. مع عدم إغفال أن هذا التصعيد الخطير جداً سيكون مستمراً لارتفاع متواصل في أسعار الطاقة بمختلف أنواعها والارتفاع المهول في تكلفة تمويل العقارات بكل أشكالها، وطبعاً هناك تحذيرات استباقية من خطورة هذه التطورات، وما تشكله يعد تهديداً واضحاً وصريحاً للسلم الأهلي والخوف من حصول أحداث عنف واضطرابات غير سلمية للتعبير القاسي عن الغضب، ولعل هذا ما يفسّر التسريبات الإخبارية التي أوردتها صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية الرصينة، التي أوردت فيها أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ستقدم طرحاً جديداً تماماً للتنقيب عن النفط في الولايات المتحدة، وهو ما اعتبر تراجعاً سياسياً مبادئياً عن سياساته الخاصة بأزمة المناخ العالمي وحماية البيئة، وهو الأمر الذي فسّره المراقبون بأنه خطة طوارئ لإنقاذ الوضع قبل تفاقمه الشتاء المقبل، في ظل انتخابات نصفية مصيرية سيتم فيها تقرير مصير مجلس الكونغرس بشيوخه ونوابه والمتوقع أن ينال فيه الحزب الديمقراطي هزيمة غير بسيطة. وبالتالي من الممكن فهم حجم التحدي الكبير الذي يحمله الشتاء المقبل.
الأسواق المالية لا تكذب واضطراباتها الحاصلة في هذه الأيام، هي بمثابة إنذار شديد اللهجة لما هو آتٍ.
وطبعاً مع الاعتقاد المؤكد بأن سياسة رفع الفوائد التي يتبعها البنك الفيدرالي المركزي الأميركي لكبح جماح التضخم، ستؤدي حتماً إلى حصول ركود اقتصادي عميق. يخرج مايكل بيري، وهو أحد أهم مديري صناديق التحوط في الولايات المتحدة، برأي مهم ومثير مفاده أنه يتوقع ولا يستبعد أن يلجأ البنك الفيدرالي المركزي الأميركي إلى ما يطلق عليه «سياسة الكرباج» التي هي باختصار أن يتم تجميد رفع معدلات الفائدة، بل وحتى تخفيضها بشكل مفاجئ لحث الناس على الاستثمار مجدداً، وإنعاش الأسواق المتأزمة.
وكل ذلك يمكن وصفه بالحلول الراديكالية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، في مشهد يطغى عليه القرار السياسي على السياسة الاقتصادية.
كل المؤشرات تقول إن الشتاء المقبل سيكون قارساً وصعباً ولا علاقة لهذا الوصف بحالة الطقس المتوقعة، ولكنه وصف دقيق للمشهد السياسي المنتظر في الغرب عموماً وفي الولايات المتحدة منها تحديداً، والكل يعلم أنه إذا عطست أميركا يصاب العالم بالزكام.
التحذيرات المستمرة والمتصاعدة من قبل الدور الاستشارية والبنوك الاستثمارية من الأزمة الاقتصادية الكبرى المقبلة، وأحدها كان على لسان البنك الأميركي المعروف «جي بي مورغان»، الذي حذر فيه من وصول سعر برميل النفط إلى 350 دولاراً في حالة تخفيض روسيا إنتاجها، كل ذلك هو تحضير معلوماتي لما هو أسوأ على ما يبدو.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشتاء قادم الشتاء قادم



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي

GMT 08:03 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

ما الذي سيقدمه "الأسطورة" في رمضان 2018؟

GMT 20:50 2018 السبت ,24 شباط / فبراير

خفيفي يعترف بصعوبة مواجهة جمعية سلا

GMT 17:06 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

وليد الكرتي جاهز للمشاركة في الديربي البيضاوي

GMT 06:59 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

كليروايت تغزو السجادة الحمراء بتشكيلة متميزة

GMT 17:54 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الفالح يُعلن أهمية استمرار إجراءات خفض إنتاج الخام

GMT 19:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

مهرجان أسوان لأفلام المرأة يفتح باب التسجيل بشكل رسمي

GMT 05:45 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

ابتكار روبوت مصغر يتم زراعته في الجسم

GMT 23:06 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مشروع الوداد يؤخر تعاقده مع غوركوف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib