أفريقيا كوكب يبحث عن ذاته
شركة الخطوط الجوية النمساوية تُعلن تمديد توقف الرحلات الجوية إلى طهران وتل أبيب حتى 31 يناير المُقبل استشهاد أحد عناصر أمن الدولة اللبنانى جراء استهدافه بصاروخ موجه من طائرة مسيرة إسرائيلية فى النبطية انفجار جسم غريب في في العاصمة السودانية الخرطوم واستمرار الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع وزارة الدفاع الروسية تُعلن قصف عدد من المطارات العسكرية الأوكرانية ومراكز مراقبة للطائرات بدون طيار خلال 24 ساعة اتهام 4 إسرائيليين بينهم ضابط بجيش الاحتلال بالإرهاب بعد مزاعم بأنهم أطلقوا قنابل مضيئة على منزل نتنياهو المرصد السوري يُفيد أن الطيران الروسي شن غارتين جويتين استهدفتا حي السليمانية في مدينة حلب دون ورود معلومات عن خسائر بشرية حجب أغاني الفنانة أنغام على منصة "أنغامي" إيران تفرج عن مغني الراب توماج صالحي بعد إلغاء حكم بإعدامه عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب
أخر الأخبار

أفريقيا كوكب يبحث عن ذاته

المغرب اليوم -

أفريقيا كوكب يبحث عن ذاته

عبد الرحمن شلقم
بقلم - عبد الرحمن شلقم

أفريقيا، القارة التي تسكنها الصحارى والغابات والمياه، وفي بطنها تتكدس مخازن الثروات، مساحة سكنها كل شيء ورحلت فيه، وكانت زمناً يتوالد كأنها كوكب في مدار السحر العجيب.
في أدغالها بدأ الإنسان بجسده متنقلاً يركض وراء الحياة. كانت يوماً مخزناً لثروة من نوع خاص. تدافع لها تجار البشر يحملون شبابها إلى دنيا بعيدة، ثم عادوا مستعمرين ومستوطنين. أفريقيا تعيش اليوم، حلقة أخرى من حلقات معاناة من نوع آخر. صار أبناؤها، هم من يجلدها بسياط الجهل العنيف. اتسعت حلقات الإرهاب، والسلاح يملأ البراري ورحل الطعام عن أرض الأنهار والأمطار.
دولة مالي هي صفحة المكان والزمان والإنسان الذي يجسد الهوية الأفريقية الكامنة. التنوع البشري ثقافة وديناً ولوناً، والأرض كذلك بما فيها من ارتفاع وانخفاض، الأرض أبدعت في كل شيء. مالي، نبع العلماء والحكماء والشيوخ، تهزها رياح الإرهاب العاتية. منذ سنوات تقاذفتها الانقلابات العسكرية، يسقط عميد وينهض عقيد لينقلب عليه نقيب. كل قادم يحمل على كتفيه نجوماً، وفي يديه وصفات وهمية لعلاج الهموم والمعاناة. مالي التي استقلت عن فرنسا في مطلع عقد ستينات القرن الماضي كغيرها من الدول الأفريقية التي عاشت ردحاً من الزمن تحت الاحتلال الفرنسي.
لقد حارب آلاف الأفارقة معارك فرنسا العالمية، وأسهموا في بناء المصانع والطرق والمباني على أرضها. منهم من رحل إليها ومنهم من بقي فوق أرضه. وضعت فرنسا أربعة عشر شرطاً مقابل منح بلدان القارة الأفريقية الاستقلال، أبرزها أن تكون اللغة الفرنسية هي اللغة الرسمية للدولة وكذلك مناهج التعليم والعملة. الرئيس السنغالي الأسبق ليوبولد سنغور، وهو الأستاذ والمثقف، وصف العلاقة بين فرنسا وأفريقيا، بالحبل السري.
فرنسا الأوروبية التي تتغير وتغير، وكانت عبر التاريخ العقل الإنساني الذي يشعل الأنوار، عملية الانفصال عنها، أو التحرر منها عملية شاقة جداً. ترحل عن الأرض لكنها تبقى في الرؤوس.
دولة مالي حالة تستحق الدراسة من جميع جوانبها. بلاد تعج بالعلماء والخبراء في كل المجالات، الإسلام فيها له خصوصية متفردة، تمتزج فيه الصوفية بروح التسامح، وتغزل خيوطاً من التواصل والوصل الإنساني الشفاف. كيف وقع هذا الوطن في حفر الكراهية والدم حتى حل القتل محل الحياة، وتدافع شبابه إلى مفازات الصحارى يعانون الجوع والعطش، في رحلة هروب جماعي رهيب نحو الشمال الذي تتراقص أضواؤه في خيالهم الحالم، ليقضي بعضهم فوق تراب الصحراء الكبرى، ويغرق آخرون في قاع البحر الأبيض. فرنسا لا تغادر العقول وإن رحلت عن التراب.
فرنسا استعمرت أغلب بلدان غرب أفريقيا، ونشرت لغتها. وفي كل بلد من البلدان التي استعمرتها، انتهجت سياسة ترتكز على ترسيخ اللغة الفرنسية، وإرسال أعداد كبيرة للدراسة في فرنسا. في مالي كانت اللغة العربية هي اللسان المقدس، وكانت مدينة تمبكتو هي بغداد أفريقيا في كل شيء، وقبيل مفاوضات الاستقلال، أصرت شريحة كبيرة من النخبة المالية على أن تكون العربية هي اللغة الرسمية للبلاد والدولة الجديدة، لكن الجنرال ديغول رفض ذلك بشدة. قبِل الساسة الماليون شروط ديغول، لكن بعضهم قال: «كسبنا دولة وخسرنا الهوية». سنة 1974 قمت برحلة طويلة في غرب أفريقيا وأنا صحافي شاب حديث التخرج، وقابلت ساسة ومثقفين وعلماء دين، من الشباب وكبار السن، كان موضوع الهوية هو الحاضر على ألسنة أغلبهم، وفرنسا لا تغيب.
منذ مطلع العقد الماضي، رفع العنف رأسه في غرب القارة، كانت الحساسيات القبلية هي من أيقظته، لكن الإرهاب الذي حمل عصا الدين وجد في ذلك باباً للدخول في تلك البلاد التي تدرجت نحو هاوية القتل والحقد والجوع وبدأت رحلتان؛ الأولى هروب الشباب إلى الشمال عبر الصحراء والبحر، والثانية رحلة العودة الفرنسية المسلحة إلى غرب القارة.
تنظيم القاعدة، والدولة الإسلامية، ورديفهما الآخر بوكو حرام في نيجيريا، دفعت فرنسا لإرسال جنودها إلى منطقة غرب أفريقيا التي تسمى دول الساحل والصحراء. تلك الخطوة فتحت صفحات من الماضي، وحركت نزعات وأشعلت نزاعات. صار الوجود العسكري الفرنسي، ثقباً جديداً فوق الأرض وفي بنيان هويات هشة. عندما شرعت القوات الفرنسية في عملياتها ضد التنظيمات الإرهابية، التي سمتها فرنسا عملية البرخان، غيرت التنظيمات المسلحة تكتيكاتها، وتمددت بين صفوف الشعب عبر القنوات القبلية وتأجيج المشاعر الدينية، وبدأ الوهن يسري في مفاصل الدولة، وتسابق العسكر في حفلات انقلابات لا تتوقف، يسقط عقيد ويقفز مقدم أو نقيب. انسحب ماكرون بقواته المسلحة من دولة مالي في خضم حملته الانتخابية الرئاسية، وقد سبقته عودة عشرات الجثامين لجنود فرنسيين إلى باريس. أعلنت عدة دول أوروبية كانت تساند فرنسا في مالي، عن انسحابها أو تقليص حجم قواتها. الجديد في المشهد هو دخول روسيا بقوة إلى مالي عسكرياً وسياسياً، بملابس قوات فاغنر، في حين أعلن القادة العسكريون في باماكو القطيعة الكاملة مع فرنسا سياسياً وعسكرياً. لقد تحرك ما تكدس في الشعور واللاشعور. مالي عينة مبثوث فيها الوجود والوجدان الأفريقي بقديمه وجديده، من شرقه إلى غربه وجنوبه وشماله. الصحراء والماء والشجر والقبيلة واللغة وقلق الهوية، والآخر الذي لا يغيب. أفريقيا كوكب يصارع منذ زمن طويل بحثاً عن مداره الذي يكد كي يبدع فضاءه من داخله، لا أن يكون بقايا غبار زمن غبر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفريقيا كوكب يبحث عن ذاته أفريقيا كوكب يبحث عن ذاته



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:50 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود
المغرب اليوم - ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 18:53 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 20:22 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بورصة الدار البيضاء تنهئ تداولاتها في أسبوع

GMT 12:28 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الثور السبت26-9-2020

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 12:22 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

رحلة إلى العصور الوسطى في بروغ البلجيكية

GMT 03:39 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الركراكي يعيد أسماء بارزة لتشكيلة المنتخب المغربي

GMT 09:57 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

مخلفات الويسكي وقود حيوي للسيارات في إسكتلندا

GMT 12:54 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب السبت 26-9-2020

GMT 05:54 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

تعرف على أفضل المطاعم في "سراييفو" البوسنة والهرسك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib