رحلة المعنى في النص
نادي فيورنتينا يكشف تطورات الحالة الصحية للاعبه إدواردو بوفي الذي تعرض لإصابة مفاجئة خلال مواجهة ضيفه إنتر ميلان الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ينعي ضحايا التدافع المميت في مباراة كرة القدم في غينيا ويُقدم تعازيه لأسر المتوفين والاتحاد الغيني حكومة غينيا تُعلن مقتل 56 شخصاً فى حادث تدافع أعقاب احتجاجات المشجعين على قرارات طاقم التحكيم خلال مباراة لكرة القدم شركة الخطوط الجوية النمساوية تُعلن تمديد توقف الرحلات الجوية إلى طهران وتل أبيب حتى 31 يناير المُقبل استشهاد أحد عناصر أمن الدولة اللبنانى جراء استهدافه بصاروخ موجه من طائرة مسيرة إسرائيلية فى النبطية انفجار جسم غريب في في العاصمة السودانية الخرطوم واستمرار الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع وزارة الدفاع الروسية تُعلن قصف عدد من المطارات العسكرية الأوكرانية ومراكز مراقبة للطائرات بدون طيار خلال 24 ساعة اتهام 4 إسرائيليين بينهم ضابط بجيش الاحتلال بالإرهاب بعد مزاعم بأنهم أطلقوا قنابل مضيئة على منزل نتنياهو المرصد السوري يُفيد أن الطيران الروسي شن غارتين جويتين استهدفتا حي السليمانية في مدينة حلب دون ورود معلومات عن خسائر بشرية حجب أغاني الفنانة أنغام على منصة "أنغامي"
أخر الأخبار

رحلة المعنى في النص

المغرب اليوم -

رحلة المعنى في النص

عبد الرحمن شلقم
بقلم - عبد الرحمن شلقم

نحن في حقبة أزمات تتحرَّك بين السخونة والغليان. العنف الدموي بفعل فرادى وجماعات، كل ذلك له دافع ظاهر أو غامض. إنسان يقتل آخر ويعتقد أنه بذلك يأتي بعمل وطني أو مقدس ليس به جرم أو حتى نقيصة. الحروب التي تزفها وسائل الإعلام إلى البيوت في صور حيَّة ينقلها مراسلون من وسط ميادين الصدام ولا تخلو كلماتهم من دوافع سياسية موجهة من طرف مالكي الوسيلة الإعلامية. بذور العنف تنبت في تربة العقول، والمفارقة أن تلك البذور، تتخلَّق في أرحام العقول التي هي مزرعة الإنسان منذ القدم.
الأفكار التي أبدعها البشر مكتوبة بكل لغات الدنيا، هي كما قال العلماء لا تُخلق من العدم ولا تفنى، مثلها مثل المادة. عندما كان العلم محدوداً، والأمية قوة ظلام تتحكم في البشر، تسلطت النصوص المكتوبة وحتى تلك الشفاهية في الخطب والأقوال المصبوبة في أكياس الرؤوس، وكان المتلقي الأميّ البسيط آلة من اللحم والعظام الطيّعة القابلة للنصوص المكتوبة والمستسلمة للأقوال المزيّنة بالبلاغة شعراً أو نثراً. رحلة الإنسان عبر العصور، كانت معارك بين العقل والطبيعة بكل ما فيها من تمردات وآفات وهزَّات زلازل وبراكين وعواصف، وكذلك جنون القوة الطاغية بين البشر، التي تلد الظلم والتسلط والقهر، في تفاعل القوة مع الضعف.
العقل هو القوة المقاومة أبداً. كل خطوة من خطوات الإنسان نحو دنيا جديدة، تتَّسع فيها مساحة الحرية من سطوة الأقوياء وقهر الطبيعة، يصنع العقل من دون توقف قدراته التي يقتحم بها أسوار ما تراكم وتصلب من زمن الخرافة والأسطورة، ويقرع بمطرقة الفكر حجارة الموروث البائد. نشبت معارك فكرية كثيرة في حرب طويلة حول ما هو مكتوب، ولْنَقُلْ «النص».
الفلسفة والأديان المختلفة والإبداع الشعري والروائي، وكل ما ولّدته القرون من نصوص وأقوال، اجتهد المفكرون والباحثون والنقاد لإيجاد ضوءٍ يقود إلى رؤية تمكّن القارئ من العبور إلى كنه النصوص المكتوبة في كل المجالات حتى يكون مشاركاً فيها، وليس مستسلماً قابلاً لها.
المبدعون والمفكرون وفي مقدمتهم الفلاسفة يزرعون بذور التقدم في حقول الحياة، ولكن للحقل عقل وهو الإنسان الذي يخوض في مفازات الفهم، بعد اتساع مساحة التعليم التي خلقت الإنسان الجديد الذي يمتلك قوة السؤال.
القرن العشرون، شكّل حلقة تحول كبير في المسيرة الإنسانية، وأضاف أنواراً لما أشعلته عقول من سبقه منذ عصر النهضة الأوروبي. إبداع خطوط طول وعرض للإبحار والتحليق في عالم النص، أضاف فاعلية مذهلة بين المبدع والمتلقي. يصير الاثنان شريكين في النص.
من التحليل النقدي إلى الهرمنيوطيقا، التي تعود إلى هرمس، وهو مفسِّر كلام الآلهة للبشر في الأساطير اليونانية. استعمل المفكرون والفلاسفة هذا المنهج في الحقول المعرفية للتحرر من هيمنة الكنيسة، ثم انتقل إلى مجالات المعرفة الأخرى. اتسع هذا المنهج من التأويل إلى الهرمنيوطيقا في القرن التاسع عشر على يد الفيلسوف الألماني شلاير ماخر لفهم النصوص غير الدينية، أي الأدبية والفكرية وغيرها. اللغة التي هي تعبير قاموسي يضاف إليها العامل السيكولوجي للمؤلف المنتج للنص، وظروف المنتج من حيث الزمان.
خاض مفكرون كثر في هذا المنهج بين مؤيد ومعارض ومضيف. الإضافة الكبيرة والمهمة كانت الحوار الذي يتخلق بين المبدع والمتلقي بما له من تكوين ثقافي وعقائدي يُدخله في حوار مع النص ويجعله شريكاً فعالاً فيما يتلقاه عبره. ما كُتب في زمن مضى كان نتاج عقل وُلد في تكوين بشري له مكوناته، وصنعه تاريخ طُويت سنواته وتقادمت أسئلته. المتلقي الحديث له مقومات فهم وُلدت في ظروف تكوينية مختلفة. عندما يقرأ اليوم شابٌّ جامعي، أو طالب في المرحلة الثانوية، أو عامل في قطاع خاص أو عام، نصاً فلسفياً أو صفحات من التراث، لن يستسلم لها طائعاً مبهوتاً، لكنه في الأغلب سيلقي في داخل السطور الكثير من علامات الاستفهام بل الاعتراض الهرمنيوطيقي كمنهج للفهم، استضاءت به قامات سامقة في الفكر الحديث، والبحث عن المعنى في النص كان هو الهدف الذي ترحَّل فيه الجميع.
لقد شدتني أعمال الفيلسوف والروائي الإيطالي الكبير أومبيرتو إيكو الذي ألّف قرابة ثلاثين كتاباً وبحثاً في الفلسفة والفكر، وسبع روايات منها: «اسم الوردة» و«رقم صفر» و«جزيرة اليوم الأول». كتابه بعنوان «عملية مفتوحة OPERA APERTA» أو «العملية المفتوحة» الذي أعطاه العنوان الفرعي نمط أو صيغة التأويل في الشعر المعاصر، تألق فيه مستخدماً الهرمنيوطيقا، والتي عبّر فيها عن منهجه الذي اختصره بالقول: لا توجد نهاية لنص بل حتى لكلمة.
وقال: القارئ مؤلف موازٍ للمؤلف الأول. أومبيرتو إيكو منذ بداياته الفكرية الأولى انتهج الهرمنيوطيقا، وكرَّس أعماله لدراسة الجمال عندما قدم أطروحته «الجمال عند توما الإكويني»، ثم كتاب «الفن والجمال في العصور الوسطى» وغيرهما. في مجمل أعماله عن تلك المرحلة، قال إن العصور الوسطى لم تكن كلها مظلمة كما ساد عند البعض، لكنه أراد أن يقول إن علينا أن نقرأ ما أبدعته تلك العصور تحت أضواء منهج الهرمنيوطيقا.
وفي كتابه «حدود التأويل» وكتاب «قل نفس الشيء تقريباً»، رسخ هذ المنهج الذي أظن أنه صار مذهباً في الفكر المعاصر.
الفلسفة الإيطالية اليوم ليست لها قوة الحضور الأوروبي والأميركي بصفة عامة، لكن أومبيرتو إيكو، بطوفانه في النص الإبداعي والفكري بكل تجلياته أضاف الكثير إلى الفلسفة والفكر الإنساني، واليوم هناك جيل إيطالي جديد تتلمذ في مدرسة إيكو سيضيف الجديد إلى الفلسفة التي تؤكد أن الإنسان الجديد يبدع دائماً، وإن كان قارئاً لنصوصٍ أبدعها آخرون. الإنسان معنى ساكن في كل نص. السياسة كمنتج للصراع البشري الذي يتفجر في الحروب التي لا تهدأ إلا لكي تبدأ، هل تنطفئ نيرانها بولادة عقل إنساني لا يستعبد فيه النص الإبداعي أو الإعلامي والسياسي عقول البشر؟
أومبيرتو إيكو في كتابه «خطوات الجمبري» قال: السياسة مثل خطوات الجمبري لا يمكن أن تستقيم. لكن رغم هذا التشاؤم القلق، أعتقد أن العقل الإنساني القادم بقوة العلم، سيكون المهندس لدنيا جديدة يرسم خطوط الطول والعرض فيها بأقلام الفكر والعلم. تلك رحلة قد تكون طويلة، لكنها ستأتي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحلة المعنى في النص رحلة المعنى في النص



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:50 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود
المغرب اليوم - ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 18:53 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 20:22 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بورصة الدار البيضاء تنهئ تداولاتها في أسبوع

GMT 12:28 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الثور السبت26-9-2020

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 12:22 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

رحلة إلى العصور الوسطى في بروغ البلجيكية

GMT 03:39 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الركراكي يعيد أسماء بارزة لتشكيلة المنتخب المغربي

GMT 09:57 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

مخلفات الويسكي وقود حيوي للسيارات في إسكتلندا

GMT 12:54 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب السبت 26-9-2020

GMT 05:54 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

تعرف على أفضل المطاعم في "سراييفو" البوسنة والهرسك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib