يوليو جمال عبد الناصر وأنور السادات

يوليو جمال عبد الناصر وأنور السادات

المغرب اليوم -

يوليو جمال عبد الناصر وأنور السادات

عبد الرحمن شلقم
بقلم : عبد الرحمن شلقم

سبعة عقود عبرت على حدث ترك بصماته العميقة والبارزة في كيان المنطقة ومسارها. ليلة الثالث والعشرين من يوليو (تموز) سنة 1952. ضباط مصريون برتب صغيرة، يتحركون في تنظيم أُطلق عليه، تنظيم الضباط الأحرار. تمكنوا في ساعات قليلة من الاستيلاء على السلطة في عاصمة المملكة المصرية. اللواء محمد نجيب، الضابط المصري، كانت له رتبة عالية، واسم بارز بين كبار ضباط الجيش المصري، أشرق اسمه ورتبته العسكرية الكبيرة، في صباح ذلك اليوم، زعيماً للحركة العسكرية المباركة. لم ترشح أخبار في الأيام الأولى للحركة، حول الضباط الذين نفَّذوا الاستيلاء على السلطة، وأسقطوا الملك فاروق، ونفوه إلى خارج مملكته. مجلس قيادة الحركة ضم في البداية، 14 ضابطاً كانت رتبهم العسكرية بين الرائد والمقدم. المفكر والمخطط للحركة، كان الضابط الصعيدي المقدم جمال عبد الناصر. كان النظام السياسي الملكي المصري دستورياً برلمانياً، إلى حد ما، وللملك تدخلات تتَّسع وتضيق في القرارات المهمة. الوجود البريطاني حاضر سياسياً وعسكرياً، والإقطاع يفعل فعله اقتصادياً واجتماعياً. الأحزاب تلعب دوراً محسوباً في ظلّ العرش الملكي، والنفوذ البريطاني الفاعل. حزب الوفد لا يغيب إلا لكي يعود، وحركة الإخوان المسلمين، لها سيطرة سياسية قوية في المجتمع. في الأيام الأولى للحركة العسكرية، بدأت نواقيس سياسية وعسكرية، تضرب أبوابَ قيادة الحركة.

ضباط من القوة المدرعة، الفرسان أطلقوا صوت التمرد، وأجمعوا على معارضتهم بعض توجهات قادة الحركة المباركة. حركة الإخوان المسلمين باشرت تملي شروطها. وصل الخلاف إلى داخل قيادة القائمين بالحركة العسكرية. البكباشي جمال عبد الناصر، صنع البوصلة الثانية لقيادة حركته. أبعد مبكراً اثنين من قادة الحركة، والأبرز كان الضابط يوسف صديق الذي لعب الدور الحاسم في إسقاط النظام الملكي ليلة تحرك الجيش، بسيطرة قواته مبكراً على قادة الجيش جميعاً. تحركت الأحداث بسرعة، ودبَّ الخلاف بين مجلس القيادة العسكري. اللواء محمد نجيب صدَّق فعلاً أنه هو قائد الحركة، ومن بين الضباط من أصرَّ على العودة إلى الحياة السياسية الديمقراطية الحزبية، وكان أبرزهم خالد محيي الدين. الإخوان المسلمون بوجودهم القوي والواسع في الشارع المصري، أرادوا قيادة التحول.

البكباشي جمال عبد الناصر، مهندس الحركة ومؤسسها، صنَّف أعضاء مجلسه، وتمكَّن من تنفيذ أهدافه. إعلان الجمهورية، وقانون الإصلاح الزراعي والقضاء على الإقطاع، وإبعاد اللواء محمد نجيب، ثم تأميم قناة السويس، الذي أدَّى إلى العدوان الثلاثي البريطاني والفرنسي والإسرائيلي. تضامن الشعب العربي مع الزعيم القومي الذي واجه أعداء الأمة العربية، واكتشف عبد الناصر قوةً لم يكن يعرف مداها. القومية العربية.

تولى من بقي مع عبد الناصر من أعضاء مجلس قيادة الثورة مناصبَ سياسية مختلفة. وزراء ورؤساء وزارات، ونواب لرئيس الجمهورية، باستثناء عضو واحد، هو أنور السادات، الذي عُيّن في البداية وزير دولة، من دون حقيبة وزارية. عاش في ظل من كانَ يسميه المعلم جمال عبد الناصر. السادات اقتحم العملَ السياسي الوطني مبكراً، ودخل السجن مرتين. في قضتَي اغتيال أمين عثمان، والتخابر مع الألمان أثناء الحرب العالمية الثانية. عُزل من الجيش، وانضم إلى الحرس الملكي الحديدي بعد عودته إلى الجيش. ضمَّه جمال عبد الناصر إلى حركة الضباط الأحرار، رغم تحفظ بعض أعضاء الحركة؛ بسبب انضمامِه إلى الحرس الملكي الحديدي. السادات هو من ألقى البيان الأول للحركة بصوته الجهوري وتمكّنه من اللغة العربية.

قال خالد محيي الدين، عضو مجلس قيادة الثورة، في مذكراته، كان جمال عبد الناصر زعيماً، وكان أنور السادات داهية سياسياً. عندما عيّر أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة أنور السادات، بأنه دخل السينما مع زوجته ليلة الثورة، وافتعل خلافاً مع شخص ما، وأصرَّ على تسجيل محضر في قسم الشرطة، ردَّ عليه السادات: أنا الوحيد بينكم الذي سُجن مرتين في قضايا سياسية.

جمال عبد الناصر وأنور السادات، هما عضوا مجلس قيادة ثورة 23 يوليو اللذان تولّيا رئاسة مصر، وخاضَا معاركَ رسمت خريطة مصر والمنطقة. حقَّق جمال عبد الناصر بعض الأهداف. القضاء على الإقطاع، وتأميم قناة السويس، وبناء السد العالي، ونشر التعليم المجاني، وتأسيس حركة عدم الانحياز، وأطلق تيار القومية العربية، ووحدة مصر وسوريا، لكن ضربات انكسار قاسية هوت على زعامتِه المصرية والعربية. كان أشدها هزيمة يونيو (حزيران) 1967. عيَّن عبد الناصر أنور السادات نائباً له في آخر سنواته. كانت مصرُ وكل العرب تحت ركام الهزيمة واليأس. السادات الذي لم يتولَ مركزاً مهماً من قبل. تمكَّن في ساعات من إزاحة حلقة السلطة القوية، مراكز القوى الناصرية، وخاض حرباً هَزمَ فيها إسرائيل، واسترد سيناء بدهائه السياسي، وجرأته العسكرية والوطنية. جمال عبد الناصر وأنور السادات، هما توأما يوليو الخالدان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوليو جمال عبد الناصر وأنور السادات يوليو جمال عبد الناصر وأنور السادات



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:50 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود
المغرب اليوم - ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib