بنيامين نتنياهو الباب المجنزر الدوّار

بنيامين نتنياهو... الباب المجنزر الدوّار

المغرب اليوم -

بنيامين نتنياهو الباب المجنزر الدوّار

عبد الرحمن شلقم
بقلم - عبد الرحمن شلقم

جنرال السياسة وحاخام الحرب. بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل، الذي فكّ شفرات السياسة والحرب ولوّن صفحات أوراق السلام بالبارود والدم. حقق تحالفه انتصاراً في الجولة الانتخابية الخامسة التي شهدتها إسرائيل خلال أربع سنوات. كل تلك الجولات كانت من أجله وبه.
هناك من سقط على الحلبة بعد خسارته بضربة قاضية، ومن خرج مهزوماً بالنقط. أحزاب تاريخية مثل العمل ومرتز هوت. هذا الرجل الذي ينادونه بيبي، مقاتل في كيان ولدته أحشاء الدين والتاريخ والحروب والأساطير. صار هو المعمل السياسي الذي تجمعت فيه كل تلك المكونات. هو أول رئيس وزراء لدولة إسرائيل ولد بها في يافا من أم يهودية أميركية، وأب مهاجر من بولندا، وهو أصغر رئيس وزراء والأطول على سدة الرئاسة. تعلم في الولايات المتحدة الأميركية، وعمل فيها دبلوماسياً، وأتقن لغتها وفنون المعارك الانتخابية الأميركية. أغلب من قادوا السياسية في إسرائيل منذ قيامها، كانوا من أشكناز أوروبا الشرقية. عمل مع بعضهم وخاض معارك معهم. عمل نتنياهو في الاقتصاد والهندسة والجيش، وشارك في حرب أكتوبر (تشرين الأول) على الجبهة المصرية برتبة نقيب. بدأ حياته السياسية مبكراً على يد والده بنتسيون نتنياهو أستاذ التاريخ، الذي كان مفعماً بكراهية العرب والمسلمين. لاحقته تهم الرشى والفساد وخيانة الأمانة. خاصم حلفاءه، وتحالف مع أعدائه. نكث بوعوده بتقنية خطابية طاغية، فهو بارع في العرض الانتقائي للمعلومات، مستغلاً ما شارك فيه من عمليات عسكرية، وحروبه على غزة ومعاركه المخابراتية مع إيران، وكذلك مقتل شقيقه الضابط يوناتان في عملية تحرير رهائن إسرائيليين بمطار عنتيبي بأوغندا.
لا شك أن بنيامين نتنياهو، العائد منتصراً في جولته الخامسة، على رأس وزارة يمينية، سيصنع واقعاً سياسياً غير مسبوق في الأراضي الفلسطينية المحتلة. هو مسكون بروح الزعامة الصهيونية التاريخية، ويصرّ على أن يتفوق على هرتزل، المنظّر الأول للمشروع الصهيوني، وديفيد بن غوريون، مؤسس الدولة الإسرائيلية، وعلى إسحق رابين وشمعون بيريز والجنرال موشي ديان، أعمدة التأسيس والحرب والسياسة.
أصدر نتنياهو كتاباً بعنوان «مكان فوق الأرض»، أسهب في صفحاته الحديث عن ملكية اليهود للضفة الغربية، التي يعدّها هي أرض إسرائيل التاريخية، أي يهودا والسامرة. مدن الشاطئ في فلسطين، تل أبيب وحيفا وعكا ويافا، لا يعدّها من الأرض الموعودة الأساسية، وإن الضفة الغربية هي الأرض الموعودة لبني إسرائيل.
لم يخفِ معارضته لاتفاق أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية، وشنّ هجوماً على إسحق رابين الموقّع على الاتفاق، بل هناك من يوجه له الاتهام بالتحريض على قتل إسحق رابين.
نجح في تمييع ذلك الاتفاق، وجمّد آلية المناطق الثلاث، ووسّع المستوطنات، وشنّ حرباً إعلامية واسعة على السلطة الفلسطينية، واصفاً إياها بتزعم الإرهاب.
في إسرائيل هناك طوائف دينية، وأحزاب وتيارات سياسية. منها المغالي في التشدد الديني وليس السياسي وهم الحريديون، ومنها المتطرف سياسياً إلى أقصى الحدود، ونتنياهو هو المنظّر العقائدي والزعيم السياسي لهذا التيار اليميني. يقول في كتاباته وخطاباته، إن للعرب 21 دولة، ويمتلكون سدس ثروات العالم، ومساحة أرض تفوق مساحة إسرائيل عشرات المرات، وعلى الفلسطينيين أن يرحلوا إليها.
القدس الشرقية (أورشليم) يرفض التفاوض حولها مطلقاً، فهي القلادة التي ستجعله يعلو فوق كل الزعماء الصهاينة المؤسسين والمحاربين. قال ديفيد بن غورين بعد إعلان الدولة: لقد أسسنا دولتنا، ولكننا لم نقِم الوطن، فأورشليم لم نستعدها. وعندما دخلت القوات الإسرائيلية إلى القدس الشرقية في حرب يونيو (حزيران) 1967، أمر موشي ديان بمنع المصورين من دخولها مع الجيش. ارتدى كامل ملابسه العسكرية، وظهر في القدس الشرقية وهو يتقدم القوات الإسرائيلية، في صور نُقلت إلى الداخل والخارج ليدخل التاريخ اليهودي كقائد استرداد أورشليم. وكتب ديان بعد ذلك قائلاً: اليوم عدنا إلى الوطن؛ فالقدس هي جسد وقلب وروح إسرائيل الوطن.
وعد بلفور لم يذكر دولة إسرائيل، إنما ذكر وطناً قومياً لليهود في فلسطين.
نتنياهو العائد إلى الحكم بأغلبية برلمانية مريحة، بمشاركة اليمين المتطرف، بما فيه حزب الصهيونية الدينية الذي يتزعمه العنصري المتطرف إيتمار بن غفير، سيبقى على سدة الحكم لأربع سنوات مقبلة، سيرسخ ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، مثلما جرى ضم الجولان والقدس، ليكون ملك ملوك إسرائيل التاريخيين.
عندما استدعاه الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما إلى البيت الأبيض، وأراد تحجيمه وجعله ينتظر قبل أن يقابله، كظم نتنياهو غضبه، وأثناء المقابلة خاطبه أوباما بلغة حادة ضاغطاً عليه لإيجاد حل حاسم للقضية الفلسطينية بإقامة الدولة. رفض نتنياهو ذلك وتوجه إلى الكونغرس الأميركي بترتيب من الـ«إيباك» اليهودي، وخرج بدعم بلا حدود. بعد الاجتماع تحدث نتنياهو إلى أحد أعضاء الكونغرس وقال له، إن الرئيس أوباما لا يعرف العرب. فهم يبدأون برفع سقفهم، ثم يرضخون للقوة الإسرائيلية، وهذا ما كان من أول معركة بعد تأسيس دولة إسرائيل سنة 1948 إلى اليوم.
كان الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات مستعجلاً، وقبل باتفاق أوسلو الذي لم يذكر دولة فلسطينية ولا حتى سلطة وإنما إدارة، ولم يتحدث عن وزارات وإنما إدارات فلسطينية، بل وضعها ياسر عرفات في سرديات مكاتباته وخطاباته، حسب رواية مستشاره بسام أبو شريف. الإسرائيليون يتعاملون مع رئيس السلطة الفلسطينية، على أساس أنه عمدة أو مختار محلة الضفة الغربية.
اليوم هناك حقيقتان على الأرض الفلسطينية. أولاهما وصول يمين اليمين الصهيوني العنصري المتطرف إلى الحكم في إسرائيل، والأخرى، الانتفاضة الفلسطينية المسلحة في الضفة الغربية وتسابق الشباب الفلسطيني على الاستشهاد.
ماذا ستفعل السلطة الفلسطينية؟
ليس أمامها سوى العمل العاجل على توحيد كل القوى الفلسطينية، وحرق كل الاختلافات، وتخليق موقف وطني وإقليمي ودولي، لمواجهة مخطط استيطاني يميني صهيوني كاسح، يقوده نتنياهو الباب المجنزر الدوّار.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بنيامين نتنياهو الباب المجنزر الدوّار بنيامين نتنياهو الباب المجنزر الدوّار



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib