«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

المغرب اليوم -

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

مشعل السديري
بقلم : مشعل السديري

في عهد صلاح الدين الأيوبي، كان الفرنج في مدة مقامهم بعكا قد عملوا ثلاثة أبراج من الخشب عالية جداً، طول كل برج منها خمس طبقات، كل طبقة مملوءة من المقاتلة، وقد جمعت أخشابها من الجزائر؛ فإن مثل هذه الأبراج العظيمة لا يصلح لها من الخشب إلا القليل النادر، وغشوها بالجلود والخل والطين والأدوية التي تمنع النار من إحراقها، وأصلحوا الطرق لها، وقدموها نحو مدينة عكا من ثلاث جهات وزحفوا، فأشرف البلد على أن يملك عنوة وقهراً، فأرسل أهله إلى صلاح الدين إنساناً فأعلمه ما هم فيه من الضيق، فركب هو وعساكره وتقدموا إلى الفرنج، وقاتلهم من جميع جهاتهم قتالاً عظيماً دائماً يشغلهم عن مكاثرة البلد، فافترق الفرنج فرقتين؛ فرقة تقاتل صلاح الدين، وفرقة تقاتل أهل عكا، ودام القتال ثمانية أيام متتابعة، وسئم الفريقان القتال، وملوا منه لملازمته ليلاً ونهاراً، والمسلمون قد تيقنوا من استيلاء الفرنج على البلد.       

فأيقنوا بالبوار والهلاك، فأتاهم الله بنصر من عنده، وكان سبب ذلك أن إنساناً من أهل دمشق كان مولعاً بجمع آلات النفاطين، وتحصيل عقاقير تقوي عمل النار، فكان من يعرفه يلومه على ذلك وينكره عليه وهو يقول: (هذه حالة لم أباشرها بنفسي إنما أشتهي معرفتها)، وكان بعكا لأمر يريده الله فلما رأى الأبراج قد نُصبت على عكا شرع في عمل ما يعرفه من الأدوية المقوية للنار بحيث لا يمنعها شيء من الطين والخل وغيرهما، فلما فرغ منها حضر عند الأمير صلاح الدين، فقال له من حضر: (لعل الله تعالى قد جعل الفرج على يد هذا، ولا يضرنا أن نوافقه على قوله)، فأجابه إلى ذلك وأمر المنجنيقي بامتثال أمره، فألقى قدراً مملوءة وجعل فيها النار، فاشتعل البرج، وألقى قدراً ثانية وثالثة، فاضطرمت النار في نواحي البرج، وأعجلت مَن في طبقاته الخمس للهرب والخلاص، فاحترق هو ومن كان فيه، حتى عجّل الله لهم النار في الدنيا قبل الآخرة، فلما احترق البرج الأول انتقل إلى الثاني والثالث وقد هرب من فيه لخوفهم، وكان يوماً مشهوداً لم ير الناس مثله، والمسلمون ينظرون ويفرحون، وقد أسفرت وجوههم بعد الكآبة فرحاً بالنصر.

وحُمل ذلك الرجل إلى صلاح الدين فبذل له الأموال الجزيلة والإقطاع الكثيرة، فلم يقبل منه وقال: (إنما عملته الله تعالى، ولا أريد الجزاء إلا منه)، وسيرت الكتب إلى البلاد بالبشائر.

- ذهب الذين لا يريدون جزاءً ولا شكوراً -

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين «وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib