«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

المغرب اليوم -

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

مشعل السديري
بقلم - مشعل السديري

من المواقف التي جرت بعد فتح حصن بابليون موقف لقائد المسلمين عمرو بن العاص رضي الله عنه، وقد جاء ذلك في رواية الطبري وفيها أن القبط حضروا باب عمرو، وبلغ عمراً أنهم يقولون ما أرث العرب وأهون عليهم أنفسهم، ما رأينا مثلنا دان لهم.

فخاف أن يستثيرهم ذلك من أمرهم، فأمر بجُزر فذبحت فطبخت بالماء والملح، وأمر أمراء الأجناد أن يحضروا وأعلموا أصحابهم، وجلس وأذن لأهل مصر، وجيء باللحم والمرق فطافوا به على المسلمين، فأكلوا أكلاً عربياً، انتشلوا وحسوا وهم في العباء ولا سلاح، فافترق أهل مصر وقد زادوا طمعاً وجرأة، وبعث في أمراء الأجناد في الحضور بأصحابهم من الغد، وأمرهم أن يجيئوا في ثياب أهل مصر وأحذيتهم، وأمرهم أن يأخذوا أصحابهم بذلك ففعلوا، وأذن لأهل مصر، فرأوا شيئاً غير ما رأوا بالأمس، وقام عليهم القُوام بألوان مصر، فأكلوا أكل مصر، ونحوا نحوهم فافترقوا، وقد ارتابوا، وقالوا: كدنا.

وبعث إليهم أن تسلحوا للعرض غداً، وغدا على العرض، وأذن لهم، فعرضهم عليهم، ثم قال إني قد علمت أنكم رأيتم في أنفسكم أنكم في شيء حين رأيتم اقتصاد العرب وهون تزجيتهم، فخشيت أن يهلكوا، فأحببت أن أريكم حالهم، وكيف كانت في أرضهم، ثم حالهم في أرضكم، ثم حالهم في الحرب، فظفروا بكم، وذلك عيشهم وقد كلبوا على بلادكم قبل أن ينالوا منها ما رأيتم في اليوم الثاني، فأحببت أن تعلموا أن من رأيتهم في اليوم الثالث غير تارك عيش اليوم الثاني إلى عيش اليوم الأول، فتفرقوا وهم يقولون: لقد رمتكم العرب برجلهم.

وبلغ عمر رضي الله عنه فقال لجلسائه: والله إن حربه للينة ما لها سطوة ولا سورة كسورات الحروب من غيره، إن عمراً لعض - يعني: رجل داهية - ثم أمره عليها وقام بها.

ولا شك أن تلك الكلمات التي تحمل التهوين من شأن المسلمين لرثاثة مظهرهم لم تصدر من عقلاء القوم، لأن العقلاء يدركون أن المظاهر من الطعام والشراب واللباس لا تقدم ولا تؤخر في قضايا الحرب والسياسة، وإنما صدرت من العامة وهم الكثرة في كل الأمم، ولهم ومن اجتماعي مؤثر، فكان لا بد لقائد عبقري مثل عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أن ينزل إلى مستواهم، وأن يداوي أدواءهم بما يناسبها.

ومن هنا نعلم أن اقتصاد بعض الدعاة والقادة على اجتذاب المفكرين والطبقات الخاصة يعتبر خللاً يؤثر على نجاح مهمتهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين «وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib