العقوبات لعبة أم ثغرة

العقوبات لعبة أم ثغرة؟

المغرب اليوم -

العقوبات لعبة أم ثغرة

طارق الحميد
بقلم - طارق الحميد

هناك نقاش دائم حول فعالية العقوبات، مثلاً، هل كانت فعالة على نظام صدام حسين، أو الآن مع كوريا الشمالية؟ هل هي فعالة ضد إيران؟ أو بقانون قيصر في سوريا؟ أو على الروس بعد غزو أوكرانيا؟    

إلا أن هناك نقاشاً أكثر دقة الآن، وهو هل العقوبات تستخدم كورقة لتحقيق مصالح سياسية، وتشتيت الرأي العام حولها، أو لمصالح انتخابية؟ وأبسط مثال على ذلك صفقة الرهائن بين واشنطن وطهران.

فور الإعلان عن الاتفاق الأميركي الإيراني الذي تضمن إفراج الولايات المتحدة عن مبلغ 6 مليارات دولار مقابل إطلاق إيران سراح 5 رهائن أميركيين، من أصول إيرانية، احتدم النقاش بالولايات المتحدة عن الدوافع والتوقيت.

الاتهام الأول الذي وجه للإدارة الأميركية هو أن الدوافع كانت لتحقيق أهداف انتخابية، وهناك من يعتقد أن الاتفاق جزء من صفقة كبرى تتعلق بالملف النووي الإيراني، واحتمالية العودة له بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.

وبررت الإدارة الأميركية صفقة الرهائن هذه بأنها إنسانية وأن الأموال التي سيفرج عنها هي أموال مشروطة الصرف، بمعنى أن إيران لن تستطيع استخدامها بتسليح الميليشيات، أو الجماعات التابعة لها بالمنطقة، وإنما فقط للداخل، وتصرف على سلع مشروعة.

هل هذا صحيح؟ يقول لي خبير مالي كبير: «في الاقتصاد هناك مفهوم Fungibility، أي (القابل للاستبدال)، حيث تستخدم الأموال التي يفرج عنها لشراء سلع غير مقاطعة، وتؤخذ الأموال التي كانت مخصصة سابقاً لتلك السلع غير المقاطعة لاستخدامها لتمويل الأعمال غير المشروعة».

مضيفاً: «هي تشبه لعبة الطواقي، ولذلك مبدأ التخصيص لا يمكن الركون إليه». وهنا مثال على ذلك، نفترض أن إيران مخصصة أساساً مبلغ 100 مليون دولار لشراء الدواء، والآن ستحصل على مبلغ 6 مليارات دولار.

ما ستفعله إيران هو أنها ستشتري الدواء من الأموال المفرج عنها أميركياً، وتقوم بصرف المائة مليون المرصودة لديها أساساً للأدوية من أجل تمويل الجماعات وتسليحها، وبالدارجة العامة هذا يسمى «ضحك على الذقون»، لأن الأموال المفرجة عنها مكنتها من استغلال ما هو موجود لديها.

هذا إيرانياً، وفي الحالة الروسية، والعقوبات المفروضة على روسيا يشرح الخبير قائلاً: «المفهوم نفسه ينطبق على سوق البترول. فلا يهم كثيراً من أنتج أو استهلك. المهم أن العرض والطلب موجودان».

مضيفاً: «فلو قوطعت دولة منتجة فسوف تبيع إنتاجها الفائض على الدول غير الملتزمة بالمقاطعة. السوق تقوم بدور الموازنة بين العرض والطلب الكلي كما حصل مع البترول الروسي».

والمثال هنا بسيط، فحين تتم مقاطعة البترول الروسي من الدول الملتزمة بمقاطعة روسيا، تقوم الدول غير الملتزمة بشراء البترول من موسكو، ثم تقوم ببيعه إلى الدول التي أعلنت التزامها عدم الشراء من الروس.

وهذه ليست أحجية، وإنما واقع، ولذلك فإن السؤال هنا هو: هل يعقل أن الخبراء من الساسة والاقتصاديين في الدول المعنية، ومنها الولايات المتحدة، لا يعون ذلك؟ الأكيد أنهم يعونه تماماً.

إذن السؤال الآن هو: هل باتت العقوبات لعبة لتحقيق أهداف سياسية ضيقة؟ أعتقد ذلك.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العقوبات لعبة أم ثغرة العقوبات لعبة أم ثغرة



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 15:27 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

هنغاريا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية نزاع الصحراء
المغرب اليوم - هنغاريا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية نزاع الصحراء

GMT 09:19 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
المغرب اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 14:44 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

العلماء يكتشفون أصل معظم النيازك التي ضربت الأرض

GMT 05:21 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

أفضل بيوت الشباب والأكثر شعبية في العالم

GMT 11:00 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"السر المعلن"..

GMT 10:52 2023 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

مرسيدس تبدأ تسليم السيارة الأقوى في تاريخها

GMT 22:54 2019 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

"فيسبوك" تنفي تعرض الموقع لاختراق

GMT 15:46 2019 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

فضيحة "شاذ مراكش" تهدّد العناصر الأمنية بإجراءات عقابية

GMT 11:56 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الحجوي يؤكّد أن تحويل الأندية إلى شركات يتطلب مراحل عدة

GMT 15:09 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

أحمد عز يواصل تصوير الممر في السويس

GMT 06:39 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتعي بشهر عسل رومانسي ومميز في هاواي

GMT 08:50 2018 الأحد ,11 شباط / فبراير

بيور غراي يعدّ من أفضل المنتجعات حول العالم

GMT 21:34 2017 الثلاثاء ,13 حزيران / يونيو

فريق "وداد تمارة" يتعاقد مع المدرب محمد بوطهير

GMT 02:42 2017 الثلاثاء ,22 آب / أغسطس

قمر في فستان أبيض قصير على "إنستغرام"

GMT 09:35 2023 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

محرك البحث "غوغل" يحتفل بيوم المعلم العالمي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib