العرب والاستقطاب الدولي

العرب والاستقطاب الدولي

المغرب اليوم -

العرب والاستقطاب الدولي

محمد الرميحي
بقلم - محمد الرميحي

من الصعب أن لا يفكر السياسي العربي في حقيقة أن التوافق العالمي بين القوى العظمى في العالم يختل، وأن المصالح العربية تحتاج إلى إعادة هندسة عميقة تتلوها قرارات صعبة، حتى لا تضيع الحقوق.
 

العالم يتحول تدريجياً من القطب الواحد إلى أكثر من قطب، البعض يرى أن العالم اليوم ينقسم إلى قسمين، الشمالي والجنوبي، ولكن ذاك التقسيم ليس دقيقاً، وإن كان الظاهر هو كذلك.

في مطلع القرن كان القطب الواحد هو السائد، خصوصاً بعد تفكك الاتحاد السوفييتي في بداية التسعينيات، فقادت الولايات المتحدة العالم، ولكنها لم تعد كذلك، عدد من العوامل تسببت في ضعف ذلك المحور، داخلية وخارجية، اقتصادية وثقافية. كما أن القطب الآخر ليس جاهزاً للقيادة...

القطب الشمالي يُعرف عادة بدول الديمقراطيات المستقرة، الولايات المتحدة وغرب أوروبا واليابان واستراليا، ومعها الدول الحليفة، والتي تعتمد السوق والرأسمالية في اقتصادها، إلا أن هذا المعسكر اليوم يعاني الخلل، فهناك عوار في النظام الديمقراطي في الداخل في معظمها، وتراجع أفكار حقوق الإنسان والحريات، والتوجه إلى رفع الأسوار نحو العزلة وتعظيم السياق الثقافي والوطني، مع علو في الأزمات الاقتصادية.

على مقلب آخر، ومع الجهود التي تبذلها روسيا الاتحادية بتكوين قطب الجنوب، فتقوم ببناء شراكات مع كوريا الشمالية، وفيتنام والصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل، مع مغازلة للدول الأصغر، وكل من يعادي الغرب الديمقراطي، تحاول ضمه إلى تجمع الجنوب، مع جهود تبذل لإحلال العملة الصينية والروسية مكان الدولار في السوق الجنوبي.

إلا أن تلك الجهود سياسية، فيها اختلاف مصالح بين كبار هذا المعسكر، منها الخلاف بين الهند والصين، والأخيرة لها مصالح أكبر مع السوق الرأسمالي أكثر بكثير مع السوق الجنوبي، وسيادة الدولار في معظم معاملاتها.

واضح أن هناك جهوداً تبذل من الطرفين الشمالي والجنوبي لجلب بقية الدول، كما من الواضح أن قدرتهم على الجذب تتضاءل، فلا شعار الحريات وحقوق الإنسان الذي يقول به الشمال، أصبح سلعة يمكن بيعها على ضوء التجاهل الواسع لهذه المبادئ، في الداخل الديمقراطي، أي معاملة الأقليات والتي يزداد النفور منها في قطاعات واسعة، وأيضاً الموقف من حقوق البشر في الخارج، كالموقف من المذابح في غزة، أو الموقف من تدفق الهجرة، والتي تتخذ تلك الدول قرارات غير إنسانية في إعادة تسفيرهم إلى أماكن أخرى في تحدٍ واضح للقوانين الدولية التي ارتضتها.

بضاعة القطب الجنوبي أقل بكثير أن تسوق، فلا تستطيع أن تدعي الديمقراطية، ولا أيضاً تستطيع الادعاء بالنجاح الاقتصادي الكبير، فكثير منها يعاني من وجود طبقات واسعة من الفقراء، وأيضاً ضمور في حقوق الإنسان، ونجاحات ليست كبيرة في الاقتصاد البيني.

ذلك هو المشهد الدولي، الذي يمكن أن يوصف أنه مبعثر، ومعطل لعمل المؤسسات الدولية، وأصبحت الدول الأصغر هي الخاصرة اللينة، ومنها العربية، والتي هي هدف لطموحات القوى الإقليمية المتوسطة، تدمر الدولة، وعلى الأقل تحاول الاستيلاء على مواردها.

ما هو الوضع الأكثر صحة للدول العربية في خضم هذا التنافس والتبعثر، الجواب العقلاني هو أن نعلي المصالح العربية عن طريق التنسيق اللصيق بين الدول الراغبة، على قاعدة تعظيم الجوامع، وتقليل التنافس، وبناء تحالف يقي هذه الدول الهزات المفاجئة، فلم يعد العالم آمناً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العرب والاستقطاب الدولي العرب والاستقطاب الدولي



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 12:48 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان السبت 26-9-2020

GMT 11:52 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

تشكيل الوداد لمواجهة النجم الساحلي

GMT 04:35 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

إليكم أفضل الأماكن في لبنان لهواة رياضة ركوب الشواطيء

GMT 12:34 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

موزيلا ستطرح نسخة مدفوعة من فايرفوكس

GMT 01:29 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

10 صنادل مميّزة تكمل أناقة الرجل العصري في 2019

GMT 19:33 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

بايرن ميونخ يفقد أحد أسلحته أمام بريمن
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib