نحن لا نشبه الآخر

نحن لا نشبه الآخر!

المغرب اليوم -

نحن لا نشبه الآخر

محمد الرميحي
بقلم - محمد الرميحي

كثيراً ما جال بخاطري سؤال هو، هل قيمة التسامح خارجة عن نطاق الثقافة العربية، أم أنها هناك مهملة في الصف الخلفي من ثقافتنا، وتستبدل في عصرنا بالكراهية؟

كثير منا يبني رأيه عن شخص (رجل أو امرأة) من خلال الشكل فقط، فإن كان مظهره كرجل ملتحياً، أو امرأة محجبة، يتم إصدار الحكم عليه أو عليها من خلال الشكل، فقد يكون رجلاً يوثق به للبعض، أو تكون نقية طاهرة، وللبعض الآخر شخصية تثير الشكوك، وعلى العكس من ذلك فإن كان الرجل حليقاً والمرأة سافرة، قد يراه البعض أو يراها غير ذي ثقة، ويرى آخرون أنه الرجل أو المرأة التي تستجلب الثقة. كلا الحكمين معياريان من الخارج قد يوصلان إلى نتائج سلبية.

في التراث الأدبي العربي، (الرجال مخبر لا مظهر) وكذلك النساء، فلا يجوز التسرع في إعطاء أحكام معيارية لأشخاص من خلال المظهر الخارجي، وقد جاء القرآن بتقريع لمثل هذا النوع من الأحكام في قوله تعالى: (عبس وتولى أن جاءه الأعمى، وما يدريك لعله يزكى)، رغم هذا التوجيه العظيم، إلا أن الثقافة السائدة لم تستوعبه، لذلك جاء في الشعر العربي باب (الهجاء) أو (المديح) المرسل من أكثر الأبواب غنى، مقارنة بالثقافات العالمية الأخرى.

فنسمع شاعراً يقول (لنا الصدر دون العالمين أو القبر)، وآخر يقول (غض الطرف إنك من نمير، فلا كعباً بلغت ولا كلابا)، وهو موقف قيمي خاطئ، يسفح قيمة المساواة، وقيمة (أنت ما تفعل وليس من أي أب أتيت) وننسى قول شاعر آخر (ضعاف الأسد أكثرها زئيراً... وأصرمها اللواتي لا تزير).

إذا نظرنا إلى الصورة بشكل أوسع، فإن الكثير من الصراعات حولنا التي نشهدها اليوم هي انطباعات قد تكون خاطئة عن الآخرين وتحمل كراهية غير مبررة، بعضنا لا يتورع أن ينسب خصالاً سلبية لجنسية معينة، أو خصالاً إيجابية لجنسية أخرى، ذلك تعميم ذميم على الجماعات وعلى الأفراد. فإن كان لك تجربة سلبية مع فرد من جنسية معينة، فإن تعميم سلوك تلك الشخصية على جميع أفراد مجتمعه ليس خاطئاً فحسب، ولكنه ظالم أيضاً، والعكس صحيح إن كان لك تجربة إيجابية مع جنسية معينة، فتحفّظ عن التعميم، تحوطاً، فقد تجد، وهو الأساس، الصالح والطالح في كل مكان.

لقد أخذ ذلك التعصب الكريه مجتمعات إلى صراعات طويلة، وإلى مواقف طائفية وعرقية ولغوية، وأيضاً لونية، وتم تعميم الرذائل بسبب المعتقد أو اللون أو حتى اللغة، وكثيراً ما نسمع نصائح من البعض إن كنت في مدينة غربية متعصبة، عليك ألا تتكلم العربية في مكان عام مع رفيق لك، لأن ذلك يثير حفيظة آخرين بمجرد أن يسمعوا مفردات لغتك، من هنا أصبح الحديث عن الإسلاموفوبيا كمثال أو عن اليهودية أو المسيحية أو السيخية أو البهرة، أو الهندوسية أو أي ديانة أخرى، حديثاً يقبل من البعض مقروناً بكراهية تلقائية.

شرور الصراعات التي حولنا والحروب الأهلية بجانب دوافعها السياسية، تغطى وتسوق عرقياً ومذهبياً وطائفياً ودينياً، لأن تلك العوامل هي الأكثر إثارة للتعصب، وينساق كثيرون وراءها طوعاً لحرب الأهل والجيرة والمواطنة، وتتمثل أمامنا في الحرب الضروس في السودان، وفي اليمن وليبيا وسوريا وغيرها من بلداننا التي نُكبت بجرثومة التعصب، من هنا فإن الدعوة إلى فكرة التسامح، وأن الآخرين لا يشبهوننا بالضرورة، يدعونا إلى التفكير بأهمية بحث تدريس منهج التسامح في مدارسنا، والتأكيد على أن البشر مختلفون، ولكن أيضاً متعاونون.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحن لا نشبه الآخر نحن لا نشبه الآخر



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 15:27 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

هنغاريا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية نزاع الصحراء
المغرب اليوم - هنغاريا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية نزاع الصحراء

GMT 09:19 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
المغرب اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 14:44 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

العلماء يكتشفون أصل معظم النيازك التي ضربت الأرض

GMT 05:21 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

أفضل بيوت الشباب والأكثر شعبية في العالم

GMT 11:00 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"السر المعلن"..

GMT 10:52 2023 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

مرسيدس تبدأ تسليم السيارة الأقوى في تاريخها

GMT 22:54 2019 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

"فيسبوك" تنفي تعرض الموقع لاختراق

GMT 15:46 2019 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

فضيحة "شاذ مراكش" تهدّد العناصر الأمنية بإجراءات عقابية

GMT 11:56 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الحجوي يؤكّد أن تحويل الأندية إلى شركات يتطلب مراحل عدة

GMT 15:09 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

أحمد عز يواصل تصوير الممر في السويس

GMT 06:39 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتعي بشهر عسل رومانسي ومميز في هاواي

GMT 08:50 2018 الأحد ,11 شباط / فبراير

بيور غراي يعدّ من أفضل المنتجعات حول العالم

GMT 21:34 2017 الثلاثاء ,13 حزيران / يونيو

فريق "وداد تمارة" يتعاقد مع المدرب محمد بوطهير

GMT 02:42 2017 الثلاثاء ,22 آب / أغسطس

قمر في فستان أبيض قصير على "إنستغرام"

GMT 09:35 2023 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

محرك البحث "غوغل" يحتفل بيوم المعلم العالمي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib