نعرف التّحديات الثّقيلة التي تنتظر الفائز بايدن

نعرف التّحديات الثّقيلة التي تنتظر الفائز بايدن.

المغرب اليوم -

نعرف التّحديات الثّقيلة التي تنتظر الفائز بايدن

عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان

إذا كان من أبرز مهام جو بادين الرئيس المُنتخب في السّنوات الأربع القادمة ترميم الانقِسامات الداخليّة وتحقيق الأمن الاقتصادي والحدّ من انتِشار فيروس كورونا القاتل، وإعادة الثّقة للنظام السياسي والديمقراطيّة الأمريكيّة المهزومة، وسحب القوّات من الشّرق الأوسط، وإيقاف الحرب السعوديّة في اليمن، ومُواجهة الصّعود الصيني، والتصدّي لطُموحات بوتين الذي يعتبره العدوّ الأكبر، علاوةً على المُضي قُدمًا في احتِواء إيران من خِلال العودة إلى الاتّفاق النووي، فإنّ اللّغز الأكبر هو كيفيّة التنبّؤ بالخطوات المُقبلة للرئيس المَهزوم دونالد ترامب بعد خُروجه طوعًا، أو طردًا من البيت الأبيض.

لا نُجادل مُطلقًا بثقل العِبء المُلقى على عاتق الرئيس المُنتخب، وصُعوبة النّجاح في مُواجهة كُل هذه التحدّيات المذكورة آنفًا في ظلّ حالةٍ من الفوضى الرّاهنة التي تسود المشهد السّياسي الأمريكي، ولكنّنا نعتقد أنّ الرئيس ترامب الذي يرفض الاعتِراف بالهزيمة، ويُصِر حتى هذه اللّحظة أنّه ما زال الفائز، ربّما يقوم وأنصاره، بدورٍ تخريبيٍّ نظرًا لحجم الحِقد، والنّزعة الثّأريّة المُتأصِّلة في أعماقهم.

ترامب حصل على أكثر من 70 مِليون صوتًا بزيادة 7.5 مِليون صوت عن انتخابات عام 2016 (بايدن 74 مليون صوتًا)، وهؤلاء المُصوّتون مُعظمهم عقائديّون ويُشكّلون “الجيش الأحمر” الذي سيتزعّمه في السّنوات الأربع القادمة التي ستَسبِق انتخابات عام 2024 ومن غير المُستبعد أن يخوضها، سواءً باسم الحزب الجمهوري أو كمُستقل.
***
لا نعتقد أنّ ترامب سيتقاعد أو يقضي وقته بمُمارسة لُعبته المُفضّلة (الغولف)، اللهمّ إلا إذا نجحت القضايا الجنائيّة المرفوعة ضدّه بتُهم التّزوير والتهرّب الضّريبي، والحُصول على قُروضٍ بصُورةٍ غير قانونيّةٍ، وقادته إلى السّجن، وهذا احتِمالٌ يَجزِم الكثير من الخُبراء القانونيين بأنّه واردٌ وأكثر حظًّا.

كِلا الطّرفين، أيّ مُعسكر بايدن، ومُعسكر ترامب، يملكان كنزًا من المِلفّات التي يُمكن استِخدامها في الحرب المُرشّحة للاشتِعال في الأسابيع والأشهر المُقبلة.

فترامب الذي يتّسم بالنّزعة الفضائحيّة لن يكتفي بالطّعون والدّعوات المُشكّكة بنتائج الانتخابات، وقد يلجأ إلى إنشاء محطّة تلفزيونيّة باسمه يستغلّها في الهُجوم على من خذلوه وأسقطوه، ابتداءً من بنيامين نِتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي قدّم له الكثير من الإنجازات والهدايا مِثل حِصار الفِلسطينيين، وضمّ القدس والجولان المُحتلّين، وصفقة القرن وتطبيع ثلاث دول (الإمارات، البحرين، والسودان) ولم يسمع منه كلمة دعم واحدة أثناء الحملة الانتخابيّة، وانتِهاءً بالشخصيّات الجُمهوريّة البارزة التي صوّتت ضدّه، مِثل جورج بوش الابن، وجون بولتون وكولن بأول والعديد من الجِنرالات، والقائمة تطول.

جو بايدن تعهّد في كلمته التي ألقاها بعد إعلان فوزه، بتوحيد أمريكا، وأن يكون رئيسًا لكُلّ الأمريكيين، ولكن التعهّد شَيءٌ، والتّنفيذ شَيءٌ آخَر، ومن غير المُعتقد أن الجيش العُنصري العقائدي “التّرامبي” الجرّار الذي يُمثّل نِصف أمريكا تقريبًا سيقبَل بقيادةِ من أطاح بزعميه وهزمه في الانتِخابات الأخيرة.

اليهود كانوا على درجةٍ عاليةٍ من الدّهاء على عكس القادة العرب الذين وضعوا كُل مِلياراتهم في سلّة ترامب، فقد سّموا أنفسهم إلى مُعسكرين: الأوّل يَضُم الإسرائيليين الذين دعموا ترامب “نظريًّا” ولكن عن بُعد، والثّاني: يهود أمريكا الذين أعطوا 77 بالمِئة من أصواتهم لبايدن، وسيستخدموها كورقةِ ضغط، وأظهر نِتنياهو الخِيانة في أبشع صُورها عندما كان من أوائل المُهنّئين للأخير بالفوز مُذكِّرًا بالصّداقة العميقة التي تجمع بين الاثنين وتمتد لعشرات السّنوات، وبعد التأكّد من فوزه.

هُناك نوعان من الملفّات والوثائق السريّة التي قد يكون الكشف عنها مُفاجأة السّنوات الأربع المُقبلة:


الحُزمة الأولى: قد تُقدِم عليها الإدارة الأمريكيّة الجديدة بقِيادة بايدن، وتتمثّل في الكشف عن التّقارير المُتعلّقة باغتيال الصّحافي السعودي جمال الخاشقجي التي تستّر عليها ترامب، والوثائق التي نقلها سعد الجبري رجل المُخابرات السعودي ومُساعد الأمير محمد بن نايف وليّ العهد السّابق، الذي لجَأ إلى أمريكا، حول أسرار العُلاقة “الترامبيّة” مع الأمير محمد بن سلمان، وليّ العهد السعودي الحالي، وملفّات الفساد وانتِهاكات حُقوق الإنسان.

الحُزمة الثانية: ربّما يكشف عنها ترامب في تلفزيونه الجديد وتتناول أسرارًا فضائحيّةً، ماليّةً وأخلاقيّةً ضدّ خُصومه، ابتداءً من بايدن وأُسرته، ومُرورًا بالقادة الجُمهوريين الذين خذلوه، وربّما ينقلب أيضًا على نِتنياهو ويثأر مِنه لخِيانته، وخاصّةً أنّ هُناك تقارير تتحدّث عن غضبه الشّديد وخيبة أمله من جرّاء هذه الخِيانة.
***

فلاديمير بوتين، والرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، والرئيس الصيني تشي جينبنغ، والكوري الشمالي كيم جونغ أون، والعاهل السعودي الملك سلمان ووليّ عهده لم يبعثوا ببرقيّات تهنئة إلى الرئيس المُنتخب يايدن حتّى كتابة هذه السّطور، كُل لأسبابه، الأمر الذي سيرسم ملامح سِياسات الرئيس الجديد وصِراعاته الخارجيّة.
الولايات المتحدة الأمريكيّة ستخرج من هذه الانتِخابات مُثخنةً بالجِراح من جرّاء انقِسامات عِرقيّة وأيديولوجيّة وعُنصريّة عميقة من الصّعب عِلاجها أو تجسيرها، فالضّرر الذي ألحقته بها سنوات ترامب الأربع في الحُكم أضخم من أن تُقدّر، والأزَمة الأمريكيّة تدخل الآن مرحلةً جديدةً أكثر خُطورةً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نعرف التّحديات الثّقيلة التي تنتظر الفائز بايدن نعرف التّحديات الثّقيلة التي تنتظر الفائز بايدن



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
المغرب اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي

GMT 08:03 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

ما الذي سيقدمه "الأسطورة" في رمضان 2018؟

GMT 20:50 2018 السبت ,24 شباط / فبراير

خفيفي يعترف بصعوبة مواجهة جمعية سلا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib