وسائل إعلام إيرانيّة تتحدّث عن قواعدٍ عسكريّةٍ إسرائيليّةٍ في الخليج

وسائل إعلام إيرانيّة تتحدّث عن قواعدٍ عسكريّةٍ إسرائيليّةٍ في الخليج

المغرب اليوم -

وسائل إعلام إيرانيّة تتحدّث عن قواعدٍ عسكريّةٍ إسرائيليّةٍ في الخليج

عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان

جاء إعلان الوكالة الدوليّة للطّاقة الذريّة اليوم الجمعة بأنّ المخزون الإيراني مِن اليورانيوم المُخصّب يتجاوز حاليًّا عشر مرّات الحدّ المنصوص عليه في اتّفاق عام 2015 مع الدّول السّت الكُبرى الذي انسحبت مِنه إدارة الرئيس دونالد ترامب استجابةً لضُغوطٍ إسرائيليّة، جاء هذا الإعلان ليَخدِم الاستراتيجيّة الأمريكيّة التي تقوم على أساسِ تأسيسِ تحالفٍ إسرائيليٍّ خليجيٍّ إقليميٍّ عسكريٍّ وأمنيٍّ ضدّ إيران.

الحدّ المسموح به للتّخزين وفق الاتّفاق المذكور هو 300 كيلوغرام من اليورانيوم المُخصّب بنسبةٍ لا تزيد عن 3.67 بالمِئة، ولكنّ تقرير الوكالة يقول إنّ المخزون الإيرانيّ يصل إلى 2105 كيلوغرام بنسبة تخصيب تصل إلى 4.5 بالمِئة، وهذا تجاوزٌ كبيرٌ لبُنود الاتّفاق، ولكنّه يظل أقل بكثير من نسبة التّخصيب قبل الاتّفاق، التي وصلت إلى 20 بالمِئة مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ هذه النّسبة يجب أن ترتفع إلى 90 بالمِئة لإنتاج قنابل نوويّة.

بومبيو وزير الخارجيّة الأمريكي يتباهى باتّفاق السّلام الإماراتي الإسرائيلي الأخير، ويقول إنّ المِنطقة تتغيّر بسُرعةٍ، وأنّه ناقش في كُل محطّة توقّف فيها أثناء جولته التي شملت عواصم خليجيّة إلى جانب السودان كيفيّة الاتّحاد لمُواجهة التّهديدات الإيرانيّة للمِنطقة.

***
التّغيير المُتسارع الذي يجتاح المِنطقة حسب تعبيره (بومبيو)، هو التّطبيع العربيّ الإسرائيليّ، وتكوّن محور سنّي بزعامة تل أبيب لمُواجهة إيران، وعبّر عن ذلك بكُل وضوح عندما قال أمس في ندوةٍ صحافيّة أثناء جولته في وسط أوروبا “حلّ القضيّة الفِلسطينيّة قبل إقامة العُلاقات مع إسرائيل لن يجلب أيّ خير”، والسّؤال الذي يُمكن طرحه ردًّا على هذا الكلام هو عمّا إذا كان “الخير” سيأتي بعد تخلّي حُكومات عربيّة عن القضيّة الفِلسطينيّة، والانخِراط في تطبيع مجّاني مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي؟

إدارة الرئيس ترامب في عجلةٍ من أمرها وتُريد الوصول إلى اتّفاقٍ مع إيران قبل الانتخابات الأمريكيّة، ووفق شُروطها، ولكنّ السّلطات الإيرانيّة واعيةٌ لهذا التوجّه، وتُراهن على عُنصر الوقت ريثَما تتّضح نتائج هذه الانتخابات وهذا ما يُفسّر رفضها وِساطةً روسيّةً لإجراء مُباحثات أمريكيّة إيرانيّة حول الخِلافات بين البلدين.
الحُكومة الإيرانيّة ما زالت تتمسّك بشُروطها وأبرزها عدم الانخراط في أيّ مُفاوضات إلا بعد عودة نظيرتها الأمريكيّة إلى الاتّفاق النووي، ولهذا تَرفُض أيّ مُفاوضات تجري خارج إطاره حتى لو كان الوسيط هو الحليف الروسي.

اتّفاقات السّلام بين إسرائيل ودول خليجيّة التي دشّنها الاتّفاق الإماراتي،  تُريد تحميل حُكومات الخليج مسؤوليّة مُواجهة إيران، وتحويل أراضيها إلى قواعدِ انطلاقٍ لأيّ هُجوم لتدمير بُناها التحتيّة ومُفاعلاتها النوويّة، وموانئها وآبارها النفطيّة والغازيّة.

دولة الاحتلال الإسرائيلي، ستُصبح بمُقتضى هذه الاتّفاقات الحاليّة والقادمة، جارًا لإيران واليمن والعِراق، وعلى بُعد عشرات الكيلومترات مِن السّاحل الإيراني، وفتح الأجواء لن يكون مُقتصرًا على الطّائرات المدنيّة وإنّما العسكريّة أيضًا إذا احتاج الأمر.

من غير المُستبعد أن يكون الرّد الإيراني على هذا المُخطّط إنشاء محور إيراني تركي مُضاد قد يَضُم العِراق وسورية لاحقًا، وتحدّثت عن هذا الاحتمال صراحةً العديد من وسائل الإعلام الايرانيّة في الأيّام القليلة الماضية، خاصّةً أنّ تركيا تملك قاعدةً عسكريّةً في دولة قطر المُحاذية لكُلٍّ مِن الإمارات والسعوديّة والبحرين.

العُقوبات الأمريكيّة على إيران حقّقت نجاحات مُحدودة، وفشلت حتى الآن في تفجيرِ حِراكٍ شعبيٍّ لإسقاط النظام في طِهران، الأمر الذي أربك مُعظم حِسابات إدارة الرئيس ترامب، وجعلها تُكثّف ضُغوطها على دول خليجيّة من أجل التّسريع بالتّطبيع وفتح أراضيها أمام القواعد العسكريّة والأمنيّة الإسرائيليّة استعدادًا للّجوء إلى الخِيار العسكريّ إذا باتَ ضروريًّا.وجود دولة الاحتلال الإسرائيلي في قواعد على السّاحل الغربي من الخليج قد يكون ورقة في صالح إيران، لأنّ هذا الوجود سيكون في مرمى صواريخها وزوارقها الحربيّة، وربّما فِرَق الكوماندوز والضّفادع البشريّة الإيرانيّة الانتحاريّة أيضًا.

إقامة قواعد إسرائيليّة في الإمارات أو البحرين وربّما السعوديّة لاحقًا سيختصر على الصّواريخ والطّائرات المُسيّرة الإيرانيّة آلاف الكيلومترات، بحيث لا تحتاج إلى الاعتِماد كُلِّيًّا على قواعد في سورية ولبنان.

إيران هدّدت أكثر من مرّةٍ باستهداف القواعد الأمريكيّة العسكريّة في دول خليجيّة إذا تعرّضت لأيّ عُدوان أمريكي، وهذا التّهديد سينطبق حتمًا على القواعد والمراكز الإسرائيليّة في حالِ تأسيسها، فإذا اندلعت شرارة الحرب، فإنّ كُلّ الأهداف تُصبح مشروعةً.. وكُل الأذرع العسكريّة الحليفة لإيران لن تَقِف مكتوفة الأيدي، ونحن نتحدّث هُنا عن “حزب الله” و”الحشد الشعبي” العِراقي، وحركة “أنصار الله الحوثيّة.. واللُه أعلم.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وسائل إعلام إيرانيّة تتحدّث عن قواعدٍ عسكريّةٍ إسرائيليّةٍ في الخليج وسائل إعلام إيرانيّة تتحدّث عن قواعدٍ عسكريّةٍ إسرائيليّةٍ في الخليج



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 10:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

3 لاعبين مغاربة في قائمة المرشحين لجوائز الأفضل لعام 2024
المغرب اليوم - 3 لاعبين مغاربة في قائمة المرشحين لجوائز الأفضل لعام 2024

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib