هل الدّعم العلني السوري للموقف المِصري في ليبيا أحد عناوين استراتيجيّة

هل الدّعم العلني السوري للموقف المِصري في ليبيا أحد عناوين استراتيجيّة

المغرب اليوم -

هل الدّعم العلني السوري للموقف المِصري في ليبيا أحد عناوين استراتيجيّة

بقلم - عبد الباري عطوان

تأتي إطلالة السيّد وليد المعلم رئيس الدبلوماسيّة السوريّة في مُؤتمرٍ صِحافيٍّ عقَده اليوم (الثلاثاء) بعد انقطاعٍ طويلٍ مُكمّلة للبيان المكتوب الذي وجّهه الرئيس السوري بشار الأسد إلى مجلس الشعب السوري قبل أسبوعين، من حيث مُواجهة قانون قيصر الأمريكي وعُقوباته، بالتّركيز على الجبهة الداخليّة السوريّة وتعزيزها والاعتِراف ببعض أخطاء الحزب والإدارة الحاكِمين والوعد بتَصحيحها، ووضع رغيف خبز، المُواطن وتحسين وضعه المعيشيّ، وتحقيق الاكتِفاء الذّاتي كأولويّات تتقدّم على كُل الاعتِبارات الأُخرى.

السيّد المعلم بهُدوئه، وعباراته العفويّة، المُباشرة، القصيرة، المُنتقاة بعنايةٍ أكّد أنّ الهدف مِن العُقوبات الأمريكيّة الجديدة (قيصر) هو تجويع الشّعب السّوري، وتقويض استِقرار بلده، باستهداف لُقمة عيشه، فمن يُريد مصلحة هذا الشّعب لا يعمل على تجويعه وضرب عملته المحليّة، واحتِلال آبار نفطه وغازه.

صحيح أنّ السيّد المعلم لم يَكشِف في مُؤتمره الصّحافي عن خطط حُكومة بلاده الاستراتيجيّة للرّد على هذا القانون، حتى لا يستفيد منها الأعداء مثلما قال، ولكن مصادر مقرّبة من هذه الحُكومة أكّدت لـ”رأي اليوم” أن هناك العديد من الأسلحة التي يُمكن توظيفها بفاعليّة وكفاءة، أبرزها سلاح الهجرة إلى أوروبا، فإذا جاع السوريّون، ووصلوا إلى حافّة الموت جُوعًا مثلما يُريد لهم جيمس جيفري، ومايك بومبيو، فإنّهم سيجدون أنفسهم أمام خِيارين، الأوّل المُقاومة والعمليّات الاستشهاديّة ضدّ دولة الاحتِلال الإسرائيلي، والأهداف الأمريكيّة في المِنطقة، والثّاني، رُكوب البحر في زحف لمِئات الآلاف باتّجاه أوروبا.
فإذا كانت تركيا استخدمت سلاح الهجرة بفاعليّة للضغط على أوروبا و”روّضت” مواقفها تُجاهها، وحصلت على 6 مِليار يورو كمُساعدات تعويضيّة مُقابل وقف تدفّق المُهاجرين عبر بوّاباتها إلى أوروبا، فلماذا لا تفعل سورية ولبنان الشّيء نفسه، فهُناك مِليونا سوري ومِئتا ألف لاجئ فِلسطيني في لبنان لا ينقصهم غير وجود القوارب، للانطِلاق نحو أوروبا، مثلما تُؤكِّد المصادر نفسها.
***
هُناك الكثير من المعلومات والمواقف الجديدة اللّافتة التي يُمكِن رصدها في ثنايا المُؤتمر الصّحافي للسيّد المعلم بالإضافة لما ذكرناه آنفًا، ويُمكن حصرها في النّقاط التّالية:
أوّلًا: الوقوف علنًا إلى جانب مِصر وحُكومة شرق ليبيا (قوّات الجيش الوطني الليبي بقِيادة الجِنرال خليفة حفتر) في مُواجهة التدخّل التركيّ الدّاعم لحُكومة الوفاق، والقيادة السوريّة لم يكشف السيّد المعلم عن خطط حُكومته في هذا المضمار انتظارًا لمعرفة خِيارات الجانب المِصري، ولكن مِن الواضح أنّ هذا الموقف السوري قد لا يقتصر على الدّعم السّياسي، وقد يتطوّر إلى إرسال مُقاتلين والرّد على التدخّل التركيّ في سورية بفتح جبهة مُواجهة جديدة وبالتّنسيق مع الحليف الروسي.
ثانيًا: المعلومات التي كشف عنها جيمس جيفري، المبعوث الأمريكي عن عرضٍ أمريكيٍّ بالتّفاوض مع الحُكومة السوريّة إذا قبلت بالشّروط الأمريكيّة وأبرزها التخلّي عن إيران (حزب الله)، ودعم صفقة القرن عَرضٌ صحيح، أكّده السيّد المعلم، ولكنّ الرّد عليه كان بإلقائه في سلّة القُمامة.

ثالثًا: قانون قيصر هو الطّلقة الأخيرة في جُعبة العُقوبات الأمريكيّة على سورية، وهو دليلُ إفلاسٍ، فسورية تُواجه هذه العُقوبات مُنذ عام 1978، وأفشلتها مثلما انتصرت على المُؤامرة الحاليّة واستعاد جيشها أكثر من 80 بالمِئة من أراضيها.

رابعًا: لن تقبل الحُكومة السوريّة أيّ إغلاق أو جود قوّات دوليّة علىحُدودها مع لبنان، وستُقاوم هذا التوجّه بكُل الطّرق والوسائِل ومهما كانَ الثّمن.

***
قانون قيصر الذي جرى إصداره في عُجالةٍ، يأتي نتيجة قلق أمريكي حقيقي على أمن الكِيان الإسرائيلي ومُستقبله، ووصول الإدارة الأمريكيّة إلى قناعةٍ راسخة بأنّ الغارات الإسرائيليّة على سورية لإخراج الإيرانيين وحزب الله منها فشلت في تحقيق أهدافها، وأعطَت نتائج عكسيّة من حيث دفع محور المُقاومةلامتِلاك قُدرات عسكريّة كاسرة للتفوّق الإسرائيلي، ولهذا جرى تخفيف هذه الغارات في الفترة الأخيرة لقلّة جدواها.

الجانبان الأمريكي والإسرائيلي باتا يُدركان أيضًا أن إسرائيل باتت تُواجه تهديدًا وجوديًّا مُرعِبًا ليس قادمًا من جنوب لبنان، وإنّما من جنوب غرب سورية أيضًا، وجبهة الجولان تحديدًا، وهذا ما يُفَسِّر العرض بالتّفاوض الذي طرحه جيمس جيفري، وأعاد تِكراره بالحديث بأن الرئيس الاسد يُمكِن أن يبقى في السّلطة، بل ويتَعزّز، إذا قَبِل بالمطالب الأمريكيّة، وهذا ما قصده السيّد المعلم بأنّ الرئيس الأسد يبقى في موقعه طالما يُريده الشّعب السّوري، أيّ أنّ هذا الشّعب هو الوحيد الذي يُقَرِّر في هذا المِضمار، وليس أمريكا أو غيرها.
خِتامًا نقول إنّ هذا الهُجوم المُضاد للدولة السوريّة سواء على قانون قصير الأمريكي، أو المُؤامرة الجديدة التي تَطُل برأسها، سواءً في لبنان أو الجنوب السوري، يأتي في إطار استراتيجيّة محور المُقاومة، وتعزيز الجبهة الداخليّة وتعبئتها، وتحصينها، في مُواجهة الحرب النفسيّة التي تشنّها أمريكا وأدواتها في المِنطَقة.
عندما يتحدّث “شيخ” الدبلوماسيّة السوريّة بهذه اللّهجة التصعيديّة فإنّ المِزاج في البِلاد هو “مِزاجُ مُواجهة” على الصُّعد كافّة، والمرحلة المُقبلة قد تكون حافلةً بالمُفاجآت، وركّزوا أنظاركم باتّجاه ليبيا.. والأيّام بيننا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل الدّعم العلني السوري للموقف المِصري في ليبيا أحد عناوين استراتيجيّة هل الدّعم العلني السوري للموقف المِصري في ليبيا أحد عناوين استراتيجيّة



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib