المُؤتمر الصّحافي “الفتحاوي” “الحمساوي” المُشترك مُبادرةٌ جيّدة

المُؤتمر الصّحافي “الفتحاوي” “الحمساوي” المُشترك مُبادرةٌ جيّدة

المغرب اليوم -

المُؤتمر الصّحافي “الفتحاوي” “الحمساوي” المُشترك مُبادرةٌ جيّدة

بقلم - عبد الباري عطوان

جميلٌ جدًّا أن تؤدّي المخطّطات الإسرائيليّة لضم غور الأردن وأجزاء من الضفّة الغربيّة إلى تحقيقِ نوعٍ من المُصالحة بين حركتيّ “فتح” و”حماس”، قُطبيّ المُعادلة السياسيّة الفِلسطينيّة الأبرز، انعكَس في المُؤتمر الصّحافي المُشترك بحُضور شخصيّتين بارزتين في التّنظيمين هُما اللواء جبريل الرجوب، أمين سر حركة “فتح” والسيّد صالح العاروري، نائب رئيس حركة “حماس”، ولكنّ السّؤال الأهم هو ماذا بعد، وما هي الخطوة القادمة؟ أم أنّ هذا المُؤتمر “بيضة ديك” مِثلَما يقول المثَل الشعبي؟
***

من الواضح أن هذا المُؤتمر جاء عفويًّا، وليس في إطار برنامج سياسي جرى الإعداد له بشكلٍ مُسبقٍ يتضمّن تعاونًا مُشتركًا لمُواجهة الاحتِلال بالوسائل كافّة، مثلما يأمَل الشّعب الفِلسطيني سواءً تحت الاحتلال أو في المنافي.

المُبادرة التي جاءت من طرفِ حركة “فتح” واللواء الرجوب تحديدًا، وباركها الرئيس محمود عبّاس، واللجنة المركزيّة للحركة، تتّسم بالشّعور بالمسؤوليّة، والرّغبة في التصدّي لخطّة الضّم الخطيرة، ولكنّ هُناك العديد من الأسئلة تَطرَح نفسها، أبرزها غِياب الفصائل الفِلسطينيّة الأُخرى الفاعلة على السّاحة الفِلسطينيّة خاصّةً حركة “الجهاد الإسلامي” والجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، فالأُولى الحليف الأقوى لحركة حماس في العمل الجِهادي، والثّانية عُضو بارز في منظّمة التحرير الفِلسطينيّة المظلّة الرئيسيّة للسّلطة.

تأجيل إعلان خطّة الضّم، وبالتّالي تنفيذها رسميًّا وعمليًّا، لا يعني التّراجع النّهائي عنها، فهي ما زالت موضوعةً على الطّاولة، ومن غير المُستَبعد أن يكون هذا التّأجيل مُحاولةً لامتَصاص حالة الغضب الفِلسطينيّة والدوليّة، ورُدود الأفعال المُتوقّعة ضدّها.

حركة “حماس” أطلقت وابلًا من الصّواريخ باتّجاه المُستعمرات الإسرائيليّة في غِلاف قطاع غزّة، ونظّمت مُظاهرات احتجاجيّة صاخبة شارك فيها عشَرات الآلاف، ولكن لم نَرصُد تَحرُّكًا ممُاثلًا من قِبَل حركة “فتح” في الضفّة الغربيّة المحتلّة يُشارك فيها عشرات أو مِئات الآلاف وعلى مُستوى الحدث؟
تصدٍر السيّد يحيى السنوار الرّجل القوي في حركة “حماس” المُظاهرات الاحتجاجيّة، ووقوفه خلف إطلاق الصّواريخ، وتزعّمه للحركة في ظِل غِياب قيادتها في الخارج، والسيّد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي على وجه التّحديد، يؤكّد أنّ الجناح المُتشدِّد فيها الأقرب إلى نظيره العسكري في الحركة، هو الذي بات يُدير شُؤون الحركة، ولم يَكُن اختِيار السيّد العاروري المَسؤول العسكري للحركة في الضفّة الغربيّة، وضابط الاتّصال مع الحرس الثوري الإيراني و”حزب الله”، والعقل المُدبِّر لخطف المُستوطنين الثّلاثة وقتلهم ثأرًا للشّهيد محمد أبو خضير عام 2014، ليكون شريك اللّواء الرجوب جاء بالصّدفة، وإنّما وَفق حسابات دقيقة، لأنّ الضفّة يُمكن أن تكون ميدان أيّ عمل عسكري فِلسطيني في المُستقبل المنظور إذا صدقت نوايا حركة “فتح” وقرّرت المُضِي قُدمًا، وبشَكلٍ مُقاومٍ عمليٍّ للاحتِلال بعد فشل جميع رِهاناتها على التّسوية وحلّ الدولتين.

التّغريدة التي نشرها نَتنياهو أمس على حسابه على التويتر وقال فيها إنّ جيش دولة الاحتِلال على أًهبة الاستعداد للتّعامل مع جميع السّيناريوهات بقوّةٍ هُجوميّةٍ كبيرة جدًّا، متوعّدًا من سيُحاول مُهاجمة إسرائيل بضربةٍ قاضيةٍ، هذه التّغريدة تَعكِس حالةَ قلق ورعب من احتَمالات التّعاون بين حركتيّ “فتح” و”حماس” ميدانيًّا في الأيّام المُقبلة، ورفع يد قوّات الأمن الفِلسطينيّة عن العمل الميدانيّ المُقاوم.

تعاطينا بحَذرٍ مع المُؤتمر الصّحافي، والطّريقة الاستعراضيّة التي جرى التّعامل معه من قِبَل السّلطة في رام الله، يعود إلى عدم ثقتنا “بدوامِ” هذه المُصالحة، ووقوفها على أرضيّة المُقاومة القويّة رغم تأكيدات اللواء الرجوب بأنّها “جديّة” هذه المرّة، وربّما كان حذَرنا، وغيرنا أقل، أو غير موجود أساسًا، لو شهدنا احتجاجات صاخبة في الضفّة الغربيّة يقودها تنظيم “فتح” ويُشارك فيها أنصار التنظيمات الأخرى، وخاصّةً “حماس” و”الجَهاد الإسلامي” جنبًا إلى جنب، أو إفراج السّلطة عن مُعتقلي التّنظيمين المَذكورين في سُجونها، وإقدام حُكومة “حماس” في قطاع غزّة على الشّيء نفسه في المًقابل، أي الإفراج عن معتقلي “فتح” لديها.

تركيز اللواء الرجوب في المُؤتمر الصّحافي على “المُقاومة الشعبيّة”، وللمرّة الألف، يجعلنا أقَل حماسًا لهذه المُبادرة، لأنّ خطَر الضّم الكبير لا يجب أن تقتصر مُقاومته بالمُظاهرات فقط، وثانيًا أنّ هذه المُقاومة مِثل “المعيدي تسمع به ولا تراه”.
***
خِتامًا نقول إنّ فِلسطين كلّها تحت الاحتِلال الإسرائيلي، والضّم لا يُغيِّر من هذه الحقيقة بل يُعزّزها، ومُقاومة هذا الاحتَلال بالوسائل كلها أمْرٌ مشروعٌ ومُلِح في الوقت نفسه، وأكثر ما نخشاه أن يكون هذا المُؤتمر الصّحافي المُشترك مجرّد “فقاعة”، أو رسالة غير مُباشرة تُستخدم للضّغط على الاحتِلال لتحقيق بعض المطالب “الماليّة”، تعود بعدها حليمة إلى عادتها القديمة، أيّ “خِيار الصّفر”، بمعنى أن تبقى الأوضاع على حالها، السّلطة في مكانها، والتّنسيق الأمني يستمر دون إعلان.
“الضّم حاصلٌ… والاستِيطان يتَغوّل.. فماذا تنتظرون حتى تتحرّكوا وتجعلوا هذا الاحتِلال باهظ التّكاليف؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المُؤتمر الصّحافي “الفتحاوي” “الحمساوي” المُشترك مُبادرةٌ جيّدة المُؤتمر الصّحافي “الفتحاوي” “الحمساوي” المُشترك مُبادرةٌ جيّدة



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib