عن الحكم الذاتي وحقوق الإنسان

عن الحكم الذاتي وحقوق الإنسان..

المغرب اليوم -

عن الحكم الذاتي وحقوق الإنسان

عبد العالي حامي الدين

الزيارة الملكية الأخيرة إلى واشنطن حققت أهدافها، والقيادة الأمريكية جددت التزامها بدعم مقترح الحكم الذاتي واصفة إياه بالمقترح الجدي الذي يتمتع بالجدية والمصداقية.. هل علينا أن نطمئن الآن على مستقبل الصحراء؟ الجواب هو: لا، بالطبع. لماذا؟ إن الحكم الذاتي هو ورقة التفاوض الأساسية بيد المغرب لتسوية هذا الملف الذي عمر أربعة عقود، وقيمته الرمزية لا تكمن فقط في دعم القوى الكبرى له، وهذا مهم.. لكن الأهم هو أن نحقق الجاذبية المطلوبة للحكم الذاتي لدى سكان الأقاليم الجنوبية وللاجئين في مخيمات تندوف.. في نقاش مع عدد من الصحراويين يشككون كثيرا في جدية المقترح المغربي، ويعتبرونه ورقة للمناورة السياسية وكسب المزيد من الوقت.. ما العمل إذن؟ هناك حاجة لإعطاء دفعة جديدة لمقترح الحكم الذاتي والتعريف به في الداخل وشرح مقتضياته للساكنة في الأقاليم الجنوبية.. الإعلام الوطني والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة والمجتمع المدني مقصرون كثيرا في هذا الباب، وهم مدعوون جميعا لتنظيم حملات تعريفية بالمقتضيات الدقيقة لمقترح الحكم الذاتي، واستدعاء التجارب الناجحة في العالم التي نجحت عن طريق نظام الحكم الذاتي، الذي تعتبره الأمم المتحدة شكلا من أشكال الحق في تقرير المصير، في تجنب خيارات الانفصال أو خيار الإدماج البسيط.. إلى جانب ذلك، لاخيار لنا سوى الاستمرار في البناء الديموقراطي واحترام حقوق الإنسان، وهو خيار، إلى جانب التزام المغرب به أمام حلفائه في العالم، هو وحده الكفيل بإعادة بناء الثقة بين المجتمع الصحراوي وبين الدولة.. وهنا تكمن حاجة منطقة الصحراء إلى نقاشات عمومية مسؤولة تتجاوز عقلية الوصاية التي سادت في المنطقة منذ عقود طويلة وتفسح المجال لأبناء الصحراء أن يتحاوروا فيما بينهم بكل حرية ويضعون كل شيء فوق الطاولة.. لا بد للمجتمع المدني اليوم، وللمنظمات غير الحكومية أن تقوم بدورها كاملا في رصد واقع حقوق الإنسان في الصحراء، وأن تعمل على تنظيم الملتقيات والندوات والمحاضرات التي يشارك فيها الجميع دون إقصاء أو تهميش والتفكير في الحلول الممكنة.. لا بد أن نكسب معركة الإنسان إلى جانب معركة الأرض.. دون أن ننسى ضرورة تقديم الإجابة العملية حول جدية المقترح المغربي وقدرته على منح سكان الصحراء بمختلف انتماءاتهم السياسية والقبلية بما في ذلك الصحراويين المتواجدين بتندوف، سلطة حقيقية تمكنهم من تدبير شؤونهم التشريعية والتنفيذية بكل حرية في إطار السيادة المغربية، وتوفير مناخ داخلي يسمح ببناء مغرب ديموقراطي موحد يتسع لكافة أبنائه ويغري الجميع بالانتماء إليه من الشمال إلى الجنوب.. معركة كسب الإنسان لازالت قائمة.. ومن الضروري اليوم تصحيح أخطاء المرحلة السابقة وملأ الفراغات الموجودة.. بإمكاننا أن نتجاوز الكثير من الأخطاء عبر اعتماد سياسة جديدة تقوم على احترام حقوق الإنسان والسماح بحرية التعبير والتظاهر في نطاق القانون، وضخ جرعات جديدة من المصداقية في الآليات الوطنية المعنية بملف حقوق الإنسان، عبر إعادة النظر في القانون المنظم للمجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي ينتمي إلى دستور 1996، وتطوير اختصاصاته وتجديد تركيبته.. علينا الانتباه إلى أن الكثير من النزعات الانفصالية ليست مؤسسة على قناعات راسخة، بقدر ما هي عبارة عن ردود فعل ضد سياسة الريع الاقتصادي الذي يستفيد منه بعض لوبيات الصحراء في غفلة من القانون، في وقت كان فيه الريع نمطا في الحكم وأسلوبا لشراء الولاء في الصحراء..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الحكم الذاتي وحقوق الإنسان عن الحكم الذاتي وحقوق الإنسان



GMT 16:51 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتصار

GMT 16:49 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إلى الكويت لحضور “قمة الخليج 45”

GMT 16:46 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»

GMT 16:44 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... وسورية المكلِّفة

GMT 16:42 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 16:41 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 16:38 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 12:48 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان السبت 26-9-2020

GMT 11:52 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

تشكيل الوداد لمواجهة النجم الساحلي

GMT 04:35 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

إليكم أفضل الأماكن في لبنان لهواة رياضة ركوب الشواطيء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib