نفاق ما بعده نفاق

نفاق ما بعده نفاق

المغرب اليوم -

نفاق ما بعده نفاق

عبد الرحمن الراشد
بقلم: عبد الرحمن الراشد

هل تعرفون كم تبعد إدلب السورية التي تتعرض للمذابح والدمار عن الحدود التركية المغلقة في وجوه النساء والأطفال الفارين؟ 29 كيلومتراً فقط. وكم تبعد طرابلس الليبية عن أنقرة التي تعهد وزير خارجية تركيا بالدفاع عنها؟ 1920 كيلومتراً!
وعلى كثرة النفاق في منطقتنا لم أسمع مثل ما قاله مولود جاويش أوغلو، وزير خارجية تركيا الذي يقول إن هناك من يريد تحويل ليبيا إلى سوريا أخرى!
في الوقت الذي يتحدث فيه عن أنهم سيتدخلون في ليبيا عسكرياً، حتى لا تصبح مثل سوريا، كما يقول، هناك أكثر من ربع مليون سوري معظمهم أطفال ونساء يقفون على بوابات حدود بلاده يتضرعون لهم للدخول هرباً من الدمار الروسي والإيراني. طوال سنوات الحرب رفضت تركيا حماية جيرانها السوريين في إدلب وحلب وغيرهما حتى عندما ضُربت خان شيخون بالسلاح الكيماوي، والآن تعلن التدخل في ليبيا، وقبلها ترسل قواتها لمقاتلة السوريين الأكراد في الجزء الشرقي من سوريا.
نفاق ما بعده نفاق ونحن نرى أنقرة تحذر من تحويل ليبيا إلى سوريا أخرى، وهي ترسل السلاح والمقاتلين من سوريا إلى ما وراء البحر الأبيض المتوسط، إلى طرابلس، تاركة جيرانها السوريين يواجهون الإيرانيين و«حزب الله» والروس وغيرهم.
وبقية النفاق أن أوغلو ينتقد منظمة التعاون الإسلامي قائلاً إنها لا تملك القوة الكافية لحل الصراعات في العالم الإسلامي، فهل رأينا في منظمته البديلة التي يريد تأسيسها مع الإيرانيين في ماليزيا تدخلاً لوقف جرائم النظام الإيراني في العراق وسوريا؟ أليست تركيا هي من أسهمت في تحويل ليبيا إلى سوريا أخرى، حيث كانت من أوائل المشاركين بالسلاح والتدريب والآن بإرسال المرتزقة؟ أليست تركيا من أوائل الدول التي شاركت في حرب سوريا، والفارق بينها وبين إيران، أن الإيرانيين، على الأقل، جاءوا ودافعوا ووفوا بتعهداتهم لحليفهم النظام السوري، أما السلطات التركية فقد عرفها العرب والعالم الإسلامي أنها مجرد ظاهرة صوتية في فلسطين وسوريا وبورما وغيرها. وعلى مدى ثماني سنوات لم تخُض معركة واحدة ضد النظام السوري ولم تدافع بالقوة عن مدينة أو قرية سورية. الذي فعلته أنقرة أنها استغلت اللاجئين وحولتهم إلى سلاح تهدد بهم أوروبا، ودفعت بأكثر من مليون سوري مشرد نحو اليونان وألمانيا وبقية أراضي الاتحاد الأوروبي. وهي الآن تهدد بإرسال مزيد ما لم يدفع الأوروبيون لها مقابل عدم فتح حدودها من جديد. إنها تتاجر باللاجئين ولا تزال تساوم عليهم، وهي غاضبة من دول الخليج والولايات المتحدة، لأنها رفضت تمويل مشروع توطين مليون لاجئ سوري في مناطق سورية كردية غير آمنة ضد رغبتهم.
جريمة تركيا في سوريا أنها سبب في المأساة من البداية؛ وعدت الثوار بالوقوف معهم، وها هي تجلس مع الإيرانيين والروس وتعقد الصفقات التجارية والعسكرية. حتى الهجوم الأخير على إدلب هو جزء من التسوية، حيث وافقت أنقرة على السكوت عن «تطهير» إدلب من أهلها لقاء السماح لها بالتوغل في الشمال الشرقي ومحاربة الأكراد!

قد يهمك ايضا
إردوغان والزعامة الإقليمية
إخراج «حزب الله» من الحكومة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نفاق ما بعده نفاق نفاق ما بعده نفاق



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 08:18 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:18 2022 الأربعاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

« بكتيريا متطرفة » لإزالة التلوث النفطيِ

GMT 23:41 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

هامبورغ أكثر الأماكن المذهلة لقضاء شهر العسل

GMT 14:14 2017 الإثنين ,05 حزيران / يونيو

اتحاد طنجة يخطط لضم نعمان أعراب من شباب خنيفرة

GMT 16:18 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الإتحاد الأوروبي يطلّق تحقيقاً مع تيك توك ويوتيوب

GMT 22:58 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

الأحرش بطلا للمغرب في القفز على الحواجز
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib