من سيحكم غزة

من سيحكم غزة؟

المغرب اليوم -

من سيحكم غزة

عبد الرحمن الراشد
بقلم - عبد الرحمن الراشد

المرشحون لإدارة قطاع غزةَ ثلاثةٌ، حركة «حماس»، التي تصارع من أجلِ البقاء. وهناك السلطة الفلسطينية التي كانت تحكم غزةَ سابقاً، سواء تعود بالتوافق مع «حماس»، أو برغبة دولية وإقليمية. والمرشح الثالث إسرائيل نفسها، حيث أعلنت أنها هذه المرة لا تنوي الخروج، حتى لو رحلت «حماس»، وستعيد احتلالَ القطاع وإدارته، كما كانت تفعل في الماضي. في الواقع، صاحبُ المدفعِ الأكبر هو من سيقرّر كيفَ تنتهي الحرب.

رسمياً، لا تحبّذ الجامعةُ العربية وأعضاؤها الحديثَ بصوتٍ مسموع حول «اليوم التالي»، وتعده انحناءً لمطالبِ إسرائيل. وهذا إلى حدّ ما صحيح، إنَّما انتظارُ إسرائيلَ حتى تنتهي من حربِها، هو خيارٌ أسوأ منه. عدم التفاوض على حلّ سيطلق يدَ الإسرائيليين في مزيدٍ من التدمير، حيث لا يوجد مشروعٌ سياسي بديل، وعندما يسيطرون على معظم القطاع سيصبحون هم من يقرّر مصيرَ غزة.

الامتناع عن التفاوض في «اليوم السابق» لـ«اليوم التالي» سيجعلُ الوضعَ أكثرَ تعقيداً حينها ممَّا هو عليه الآن. إطالة الوقت يعني النَّزفَ والمعاناةَ والتدمير. ويعني ارتهانَ الأزمةِ للمجهول، بالمخاطرة لما وراء غزة، حيث إنَّنا نعيش في منطقةٍ بركانية سياسياً، ولا ندري من وأين ستقذف الحمم. الضفة الغربية في تململٍ واشتباكاتٍ قد تكبر مع الوقت. وهناك مائةُ ألفِ جندي، تقول إسرائيل إنَّها حشدتهم على حدود لبنان، وتهدّد بأنَّها ستجعل بيروتَ مثل غزة. وفي العراق نشرت قوات على حدود البلاد الشرقية، وتحاول ضبط الميليشيات المتفلتة المحسوبة على إيران ووقف قصف القواعد الأميركية. «حماس» المحاصرة مستفيدةٌ من توسيع جبهة الحرب لإنهاكِ عدوّها، وكذلك إسرائيل، إقليمياً ضد المجاميع الإيرانية. تريد تفعيلَ حربِ المعسكرين؛ الموالين لإيران والمعادين لها.

إسرائيل تهيئُ الرأيَ العامَّ الدولي إلى ترتيبات مختلفة، أبرزُها أن تجعل عام 2024 غزةَ من دون «حماس»، ورفض الدعوة إلى وقف الحرب. تكتفي حالياً بالتفاوض على حلّ القضايا المستعجلة، مثل إكمال إطلاق سراحِ ما تبقَّى من الرهائن، وتقديم العون العلاجي والإغاثي، ثم النقاش على حلّ يجعل غزة مثل الضفة الغربية.

والخيار، الذي على الأرجح لن يجد قبولاً عند طرفي الحرب، هو ضمُّ «حماس» إلى كيان السلطة الفلسطينية، وتكليف السلطة حينها بإدارة غزة أمنياً، وإدارياً، ومالياً. المكاسب من الاندماج تجنب النزاع المحتمل لاحقاً بين الفلسطينيين على إدارة غزة، وضمان رضا أتباع «حماس» في القطاع على تولي سلطة رام الله. إنما يوجد عداءٌ مستحكمٌ بين «فتح» و«حماس»؛ «فتح» حركة نضال وطنية تُؤمن بالحل السلمي، و«حماس» جماعة إخوانية مع الحل العسكري.

حظ «حماس» بقيادتها الحالية المتطرفة ضعيفٌ، منذ إبعادِ إسماعيل هنية وخالد مشعل في عام 2017؛ اللذين ينظر إليهما بوصفهما سياسيين براغماتيين.

في الحالتين، أي تكليف للسلطة الفلسطينية بحكم غزة بشكل كامل أو بالشراكة مع «حماس» هو الأفضل؛ لأنَّه سيجنّبها الاحتلال الإسرائيلي، أو الفراغ والفوضى الخطيرة المصاحبة له. أيضاً، سيوقف مشروع التهجير الإسرائيلي للفلسطينيين، سواء إلى مصرَ أو داخل غزة نفسها.

الجانب المهم الآخر، الإسرائيليون يسعون للتخلص من «حماس» بشكل كامل، وهو توجّهٌ يقلق «حزبَ الله» الذي يدرك أنَّ ذلك قد يشجع إسرائيل على القضاء عليه، ويغيّر خريطة المنطقة، كما هدَّد بذلك نتنياهو.

لا توجد حلولٌ سهلة وقد حانتِ اللحظةُ للضغط على الطرفين للقبولِ بحل الدولتين، هو نفسه حل الدولة الفلسطينية، مجرد مماحكات لغوية. والاستفادة من الأزمة الحالية التي روَّعت الطرفين، وأعادت شيئاً من التفكير البراغماتي للسياسيين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من سيحكم غزة من سيحكم غزة



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib