العلاقة الثنائية مع إسرائيل

العلاقة الثنائية مع إسرائيل

المغرب اليوم -

العلاقة الثنائية مع إسرائيل

عبد الرحمن الراشد
بقلم - عبد الرحمن الراشد

غيَّر الرئيسُ المصري الراحل، أنور السادات، مفهومَ التعامل مع الصراع مع إسرائيل في مفاوضات كامب ديفيد. السلام الساداتي تمحورَ حول المصالح الوطنية مقابلَ السلام. ولم ينفِ الساداتُ ذلك، أوضحَ أنَّه لم يعد لمصرَ أن تفرضَ حلاً بالنّيابة عن الشعب الفلسطيني، خصوصاً أنَّ قيامَ منظمة التحرير الفلسطينية جاءَ على حسابِ مصر والأردن، اللذين ورثا الوضعَ عن بريطانيا. تاريخياً، كان قطاعُ غزةَ يخضع للإدارة المصرية، والضفة الغربية للأردن، وبعد الاعتراف بمنظمةِ التحريرِ ممثلاً شرعياً وحيداً تمَّ فكُّ الارتباط وأصبح القرارُ فلسطينياً.

أيضاً ما دفع مصرَ ثم البقية لاحقاً لتبني القراراتِ الأحادية في التفاوض، كان نتيجة فشل جبهة «الممانعة»، وقبل ذلك كانت تسمي نفسها «الصمود والتصدي».

على مدى أربعة عقود، لم تفلح في تحقيقِ أي وعدٍ قطعته للشعب الفلسطيني؛ لم تسترجع شبراً من الأرض المحتلة، ولم تمكّن من عودةِ فلسطيني واحدٍ من ملايين اللاجئين داخلياً وخارجياً، وسخَّرت القضية لخدمةِ سياسات قوى إقليمية، مثل صدام العراق، وإيران ولي الفقيه. فقد كان أبو نضال عبر تنظيمه، «المجلس الثوري»، يخدم سياساتِ الأسد وصدام بالتناوب، ثم جاءت «حماس» و«حزب الله» و«الجهاد» لتخدمَ اليوم إيران. وكانت السياسةُ العربيةُ الجماعية العاجزة، تحت قبةِ الجامعة العربية، عن غير قصدٍ، تخدم غاياتِ إسرائيلَ التي لم تكن قط متحمسةً لسلام يمكّن من قيامِ دولة فلسطينية.

بخلافِ مبادراتِ التفاوض الجماعية العربية مع إسرائيل، أثبتت مشاريعُ السلام الثنائية أنَّ معظمَها فعال، وقادر على الاستمرار. مصرُ، خلال الفترة الاضطراب القصيرة وتولّي جماعةِ الإخوان الحكمَ، برئاسة محمد مرسي، أكَّدت احترامها للاتفاق، وفوق هذا ذهبَ مرسي إلى درجة التوسط بين «حماس» وإسرائيل، عندما اندلع اشتباكٌ بين الطرفين.

خلال الأشهر التالية، وربَّما ما وراء ذلك، ستتَّضح إمكانيةُ طرحِ حلول للقضية الفلسطينية ضمن المسعى السعودي الهادئ الذي بدأ يختبر حدودَ التفاوض.

هناك احتمالاتٌ عديدة؛ تفعيلُ الحلول السابقة المعطلة في مراحل اتفاق أوسلو، أو العمل على مشروع جديد يعيد تعريفَ الحكم الفلسطيني. وهناك قضايا حيوية يعانِي منها الأهالي تتطلَّب تسهيلَ السفر الجوي، وفكّ أزمةِ التنقل البري المذلةِ والمرهقة. وبإمكان الجانبِ السعودي مراجعة النشاطات الناجحة، مثل المبادلات التجارية التركية، ومثل الخطوط الجوية التركية، والتعاون التقني الإماراتي. وكذلك البحث عن سبل لتعزيز القطاع التجاري الخاص الفلسطيني؛ بفتح الأسواق له. فالجمودُ السياسي والضائقة الاقتصادية التي أتعبت سكانَ الضفة الغربية، وطال أمدُها، وراءَ شعبية «حماس» فيها على حساب السلطة، ووراء التطرف السياسي. إنَّ أقلَّ ما يمكن فعلُه هو إنقاذ الوضع الإنساني في الضفة وغزة. ومن المتوقع أن تقدّم حكومة نتنياهو، التي تظهر حماساً لفكرة العلاقة مع السعودية منذ سنوات، خطواتٍ لبناء الثقة، بوقف الاستيطان وتعدي المتطرفين الإسرائيليين على الأماكن الإسلامية المقدسة.

السعي وراءَ حلّ شامل للنزاع، من خلال مشروع واحد مهمَّة صعبة، إن لم تكن مستحيلةً في الظروف الإقليمية الحالية.

الجانب السعودي مشحونٌ بالمستقبل يريد أن يستعدَّ له، ويريد أن يسخّرَ مباحثاتِه مع الجانب الأميركي في قضايا إقليمية، من بينها دعم الحل الفلسطيني.

السعودية، بغضّ النظر إن كانت هناك علاقةٌ مع إسرائيل ومفاوضات فلسطينية أم لا، تبحث مع الولايات المتحدة عن مصالحها العليا في تأمين اتفاقات عسكرية حيوية لأمنها، والانخراط في مشاريعَ عابرة للقارات مهمة لاقتصادها مع الهند والصين، وكذلك خلق مناخ إقليمي يخفض التوترَ، بالتفاهم مع دول مثل إيران. لن يكون سهلاً على الدبلوماسية السعودية إنجاز تفاهمات مع أطراف متناقضة، مثل الصين والولايات المتحدة والهند وإيران وإسرائيل.

علينا ألا نرفعَ سقفَ التوقعاتِ في الموضوعين؛ الاتفاقيات السعودية الأميركية، لأنَّها متعددة وطموحة أكثر من أي زمن مضى، والعلاقة مع إسرائيل، لأنَّها معقدة بطبيعتها. وأمام الشريك الرئيسي، الرئيس جو بايدن، عامٌ للوفاء بوعوده. وليس مستبعداً أن تفشلَ مساعي العلاقة مع إسرائيل في حال فشلت محاولات الجانب الأميركي، ممَّا يعزّز احتمالية أن يربطَ الرئيس بايدن حزمةَ الوعود الأميركية للسعودية مع الوعود لإسرائيل، ليضمن التصويت عليها في الكونغرس.

ماذا عن إيران، في معمعة التبدلات المحتملة؟ أنحن باتجاه نقطة الانفجار أم المزيد من التوازن؟

سيكون للحديث بقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العلاقة الثنائية مع إسرائيل العلاقة الثنائية مع إسرائيل



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي

GMT 08:03 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

ما الذي سيقدمه "الأسطورة" في رمضان 2018؟

GMT 20:50 2018 السبت ,24 شباط / فبراير

خفيفي يعترف بصعوبة مواجهة جمعية سلا

GMT 17:06 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

وليد الكرتي جاهز للمشاركة في الديربي البيضاوي

GMT 06:59 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

كليروايت تغزو السجادة الحمراء بتشكيلة متميزة

GMT 17:54 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الفالح يُعلن أهمية استمرار إجراءات خفض إنتاج الخام

GMT 19:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

مهرجان أسوان لأفلام المرأة يفتح باب التسجيل بشكل رسمي

GMT 05:45 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

ابتكار روبوت مصغر يتم زراعته في الجسم

GMT 23:06 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مشروع الوداد يؤخر تعاقده مع غوركوف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib