آخر أكاذيب الأسد أنا معقل العلمانية الأخير

آخر أكاذيب الأسد: أنا معقل العلمانية الأخير!

المغرب اليوم -

آخر أكاذيب الأسد أنا معقل العلمانية الأخير

عبد الرحمن الراشد

في حديثه مع صحيفة الـ«صنداي تايمز» اللندنية سعى الرئيس السوري المتهاوي بشار الأسد لدغدغة عواطف ومخاوف الغرب. ادعى أنهم أمام خيارين؛ إما نظامه أو تنظيمات القاعدة. أيضا، استعطف الرأي العام الغربي قائلا، «ينبغي الشعور بالقلق على الشرق الأوسط، لأننا المعقل الأخير للعلمانية في المنطقة. وإذا كان ثمة قلق على الشرق الأوسط، فينبغي على العالم بأسره أن يكون قلقا على استقراره». أي إنه الآن بزعمه أصبح نظاما علمانيا! تخويفه للغرب بأن البديل له هو «القاعدة»، ركيزة استراتيجيته الدعائية منذ بداية الثورة الشعبية، وصار يتمحور حولها خطابه الإعلامي والسياسي منذ البداية لأنه يعرف أن الغرب يتبنى ويدعم الحركات الشعبية، كما فعل في تونس ومصر واليمن، لكنه يعاديها ويقاتلها إن كانت جماعات دينية متطرفة كما يفعل في أفغانستان واليمن. ورغبة في تزيين صورة النظام أطلق صفة العلمانية على نظامه وهو فعليا لا يمت لها بصلة. نظام الأسد عسكري أمني قمعي فاشي، وريث نظام أبيه الذي أسسه بانقلاب عسكري قبل أربعين عاما، يشبه نظام كوريا الشمالية ولا علاقة له بالعلمانية. وكون الأسد لا يتبنى الفكر الديني لا يعني أنه علماني، بل فيه الكثير من الطائفية المقيتة، من حيث حكر المناصب والمنافع على المقربين منه من المنتمين للطائفة العلوية. والعلمانية، كجزء من الفكر الليبرالي، الواسع تقوم على احترام الحريات في حين يحكم سوريا نظام أمني صارم، وإلى قبل فترة قريبة فقط كان يسجن من يعثر في بيته على جهاز فاكس المحرم امتلاكه إلا بموافقة أمنية! وهذا التضييق ينطبق على كل تفاصيل الحياة اليومية من فتح المحلات التجارية إلى تحويل الأموال. لم تكن سوريا بلدا علمانيا، ولا نظامها نظاما ليبراليا على الرغم من أناقة زوجته أسماء الأسد. ومن السذاجة الحكم على المظاهر لتوصيف الدول وإلا لقلنا إن كوبا بلد إسلامي بسبب لحية الرئيس كاسترو الكثة! تونس كانت نظاما أمنيا، وليبيا القذافية كانت مثل سوريا الأسدية، لم تكن أنظمة دينية بل أمنية، فيها اشتكى الناس من القمع والحصار البوليسي. لا توجد دولة عربية واحدة يمكن أن ينطبق عليها صفة النظام العلماني ولا مجتمعها بمجتمع ليبرالي، حتى لبنان الأقل تشددا تحكمه طوائف دينية سنية وشيعية ومسيحية ودرزية! بالنسبة للأسد المحاصر فإنه يعرف منذ بدايات الحرب على الإرهاب أن دفع المعارضة في حضن المتطرفين وإقناع العالم بأنهم جماعات تشبه «القاعدة» قد يقلب الرأي الدولي ضدهم، ليس في الغرب وحده بل حتى في المنطقة العربية التي تحارب هذه الجماعات. ونصف حديث الأسد للصحيفة كان موجها للرأي العام الغربي يحاول إقناعهم بأنه مثلهم يحارب التطرف الإسلامي! لكن الأسد هو نصير الجماعات المتطرفة من نظام إيران الشيعي المتطرف وكذلك حزب الله المتطرف جدا، علاوة على علاقته بتنظيمات سنية متطرفة مثل فتح الإسلام التي حاربت حكومة الحريري في لبنان، وكذلك تنظيمات «القاعدة» العراقية، التي عاثت في العراق قتلا وتدميرا. لا يمكن للدارس لشؤون منطقتنا أن يغفل تلاقي التناقضات، لكنها مبررة على الرغم من غرابتها. فإيران المتطرفة شيعيا تدعم «القاعدة»، التنظيم السني المتطرف، على الرغم من العداء التاريخي بين الغلاة من الطائفتين لأنها تلتقي وإياها في نفس الأهداف، ومعظم قيادات «القاعدة» القدامى في إيران اليوم، وقد استوطن سيف العدل، أحد قادة «القاعدة» في إيران منذ التسعينات، ولجأ أولاد أسامة بن لادن أيضا إلى إيران بعد هروبهم من أفغانستان ولم يغادروها إلا قبل ثلاث سنوات. رئيس سوريا، على الرغم من كونه غير متدين، فإنه أكبر داعم للجماعات الجهادية التي تدور في فلك نظامه مثل حركة حماس وتنظيم الجهاد المسلح الفلسطيني وتقريبا كل الجماعات الجهادية في العراق وفتح الإسلام الفلسطيني في لبنان، وبالطبع حزب الله اللبناني. اليوم يحاول الأسد إقناع الغرب أنه علماني وليبرالي ويكافح التطرف الإسلامي، لكن العاملين في الحقل السياسي هناك يعرفون جيدا نظام الأسد، وأنه ليس سوى ملحق بالنظام الإيراني المتطرف دينيا وسياسيا. لقد تبنى أبوه حافظ الأسد دعوى البعث العربي من أجل تبرير استيلائه واستمراره في الحكم طائفيا، وسعى ابنه بعده لمعاشرة أصحاب اللحى الطويلة من المرشد خامنئي إلى حسن نصر الله إلى شلح وعقد المؤتمرات الإسلامية الجهادية في دمشق، وبعد اندلاع الثورة صار يتحدث الآن عن العلمانية ويدعيها! نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آخر أكاذيب الأسد أنا معقل العلمانية الأخير آخر أكاذيب الأسد أنا معقل العلمانية الأخير



GMT 19:34 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 19:31 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 19:28 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 19:19 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 19:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 04:55 2018 الثلاثاء ,07 آب / أغسطس

" Chablé" يمثل أجمل المنتجعات لجذب السياح

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 20:53 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

شجار بالأسلحة البيضاء ينتهي بجريمة قتل بشعة في مدينة فاس

GMT 22:28 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

ولي عهد بريطانيا يقدم خطة لإنقاذ كوكب الأرض

GMT 05:06 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

"Hublot" الخزفية تتصدر عالم الساعات بلونها المثير

GMT 09:11 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

فتاة منتقبة بطلة فيلم "ما تعلاش عن الحاجب"

GMT 07:11 2018 السبت ,25 آب / أغسطس

فولكس" بولو جي تي آي" تتفوق على "Mk1 Golf GTI"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib