حرب اليمن مرتبطة بسوريا

حرب اليمن مرتبطة بسوريا

المغرب اليوم -

حرب اليمن مرتبطة بسوريا

عبد الرحمن الراشد

المنطقة رقعة واحدة، ترتبط حروبها ببعضها مهما بعدت المسافات، خاصة منذ اندلاع الثورات في مطلع عام 2011. القتال اندلع بشكل واسع في اليمن منذ منتصف العام الماضي بعد استيلاء الحوثيين على مدينة عمران، ثم احتلالهم العاصمة صنعاء، ثم صارت حربًا كَبِيرَة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بعد محاصرة الرئيس الشرعي وحكومته.
الاقتتال في اليمن نتيجة للأزمة الإقليمية التي تواجهها إيران في المنطقة، وتحديدًا في سوريا والعراق، حيث تقاتل دفاعًا عن نظامين حليفين لها. فهذه حرب بدأت في الشوارع، ثم تطورت وصارت مواجهات جيوسياسية بين محورين إيراني وعربي خليجي. خوفًا على حليفها نظام الأسد في سوريا، بذلت إيران الدم والمال والسلاح، وتفعل الشيء نفسه في العراق لإنقاذ حلفائها في العراق. من جانبها، اضطرت السعودية للتدخل عسكريًا في جارتها الجنوبية، اليمن، بعد أن سعى الإيرانيون لتغيير النظام عبر حليفهم الحوثي، مع الرئيس المعزول شعبيًا علي صالح، الإيرانيون يعتقدون أن إشغال السعوديين في اليمن هدف بحد ذاته، لمنعهم من مواجهة نشاط إيران في العراق وسوريا. فاليمن بلد كبير، مساحته تبلغ نحو ثلاث مرات مساحة سوريا، وأرضه أكثر وعورة، ولا يوجد فيه نظام مركزي يمكن القضاء عليه بسهولة. وإضعاف السعودية في الجنوب سيعني إضعاف منطقة الخليج بشكل عام، بما يمهد لإيران للتصرف وفق طموحاتها في المنطقة.
وبسبب هذا الترابط الجيوسياسي الحرب في اليمن جزء من الحرب في سوريا. وفصل آخر من مشروع إيران تغيير الخريطة، والتقدم، مستغلة حالة الفوضى التي أوجدتها الثورات. وفي هذه اللحظة تسعى إيران لوضع خصمها الرئيسي، السعودية، وسط كماشة تهددها بين العراق واليمن. والعراق امتداد طبيعي وسياسي لسوريا.
للدفاع عن نفسها، ستحتاج السعودية إلى أن تدعم بشكل أكبر التنظيمات السورية المعارضة، تحديدًا الائتلاف المعارض، حتى تزيد الضغط على إيران التي تعاني كثيرًا هناك. فحرب سوريا صعب على إيران أن تكسبها، أما اليمن فإن السعودية أقدر على الانتصار فيه. غالبية الشعب السوري معادٍ ومنتفض ضد النظام، وحليفه إيران، منذ أربع سنوات، أما بالنسبة لليمن فإن غالبية اليمنيين ذوو علاقة قوية بالسعودية لعقود طويلة. والحكومة السعودية على علاقة خاصة وطويلة مع معظم مكونات اليمن، شماله وجنوبه، مع قبائله، ووجهاء المجتمع، ورجال أعماله. وسبق لإيران مرات الدخول إلى اليمن للتأثير عليه، لكنّها لم تنجح، حتى استثمرت علاقة بنتها دينيًا وسياسيًا مع الحوثيين، وهي جماعة ليست كبيرة بالمقاييس اليمنية، لكنها استغلت الفوضى بعد الثورة وتحالفت مع قوى النظام الذي سقط.
وبسبب فشل إيران في فك الحصار عن نظام الأسد في سوريا، الذي تقاتل عنه مُنْذ عامين، فهي تريد فرض حصار عَلى النظام اليمني الشرعي، بتقديم الدعم للمتمردين، والذي أتوقع أن يتضاعف خلال الفترة المقبلة، ومن خلالهم خلق جيب يهدد السعودية من جنوبها. ومع أن حلفاء إيران نجحوا في إقصاء الحكومة الشرعية من العاصمة صنعاء، ثم لاحقوها وحاصروها في عاصمتها المؤقتة في عدن، فإن التدخل السعودي عسكريًا وسعيه لبناء تكتلات موالية في أنحاء اليمن سيفشل مشروع الكماشة، لكن الفوضى التي خلقها الإيرانيون في اليمن بالفعل قد تشغل السعوديين عن مصالحهم الإقليمية والدفاع عنها. النظر إلى خريطة الصراع الإقليمي تبين طبيعة ومسار النزاع، يتطلب من دول الخليج تقديم المزيد من الدّعم للثورة السورية. الهدف محاصرة النظام السوري وإجبار إيران على القبول بحل إقليمي تحترم من خلاله الكيانات القائمة، وتكف عن نشاطها التخريبي المستمر منذ بدايات الثمانينات، والمسؤول عن لبنان المزعزع، والانقسام الفلسطيني في الأراضي المحتلة، والتنازع الطائفي في العراق، والفوضى في البحرين! هذه كلها قصة واحدة تعبر عن نشاط إيران في المنطقة، والذي سيزداد استباقا لمؤتمر كامب ديفيد الذي تعهد الرئيس الأميركي بتنظيمه لجمع الأطراف الإقليمية المتنازعة عَلى طاولة واحدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب اليمن مرتبطة بسوريا حرب اليمن مرتبطة بسوريا



GMT 19:34 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 19:31 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 19:28 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 19:19 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 19:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 01:29 2023 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

فيسبوك يغير شعاره إلى اللون الأزرق الداكن

GMT 20:43 2023 الإثنين ,01 أيار / مايو

المغرب يُنافس في بطولة العالم للملاكمة

GMT 21:54 2023 الجمعة ,17 شباط / فبراير

الليرة تسجل تدهوراً جديداً فى لبنان

GMT 23:47 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أسواق الخليج تتباين ومؤشر "تداول" يتراجع 0.2%

GMT 20:22 2022 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة "بيتكوين" تخسر أكثر من عشر قيمتها في 24 ساعة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib