إعادة رسم خرائط المشرق على قاعدة مذهبية
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

إعادة رسم خرائط المشرق على قاعدة مذهبية

المغرب اليوم -

إعادة رسم خرائط المشرق على قاعدة مذهبية

طلال سلمان


تجاوز الحديث عن مرحلة «الحروب» التي تمزق أقطار المشرق العربي، ما بين سوريا والعراق وصولاً إلى اليمن، التخمينات والتقديرات، وباشرت الدوائر المتصلة بأجهزة الاستخبارات الغربية الحديث عن خريطة جديدة لهذا المشرق ودوله، لا سيما بعد التطورات الميدانية الأخيرة في كل من هذه الأقطار.
في هذا المجال، تبرز زيارة الزعيم الكردي مسعود برازاني، رئيس إقليم كردستان العراق لواشنطن، يسبقه إليها مطلبه المعلن بتثبيت انفصال إقليمه (كردستان) الذي يتمتع الآن باستقلال ذاتي في إطار دولة العراق. وهو قد وجد فرصته في الحرب التي شنها «داعش» على العراق واستيلائه على مدينة الموصل ومحافظتها وأجزاء من محافظات أخرى جعلته على أبواب بغداد، لرفع الصوت مطالباً بأن تكون كردستان دولة مستقلة ذات سيادة، تربطها بسائر أنحاء العراق علاقات حسن جوار كالتي بين الدول، وضمنها اتفاق واضح حول نصيب كل من الدولتين في نفط العراق جميعاً.
في المقابل، فإن عشائر الأنبار قد وجدت، عبر «الحرب» التي شهدتها بين الجيش العراقي ومعه وحدات «الحشد الشعبي» على أرضها، من يحرضها على الانفصال الكامل عن دولة العراق، بزعم أن الهيمنة على البلاد جميعاً ستكون للشيعة، ولن يكون للسنة فيها أي دور في الحكم وأي نفوذ، بغض النظر عن النهج المعتمد حالياً في تقسيم السلطة على «المكونات» الثلاثة: الشيعة العرب والسنة العرب والكرد.
ويعتمد من يحرّض عشائر الأنبار على الانفصال منطقاً محدداً: إن الملجأ الفعلي للتخلص من هيمنة الشيعة يتبدى في طلب ضم الأنبار إلى المملكة الأردنية الهاشمية، كون الحكم فيها للسنة، ثم إن لهم أقارب وصلات رحم مع بعض العشائر في الأردن، فضلاً عن أن الملك فيها هاشمي سني، وهو في منزلة ابن العم للملوك الهاشميين الذين حكموا العراق بين العشرينيات وأواخر الخمسينيات، حين قام الجيش بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم بخلع الملك الهاشمي وإعلان الجمهورية (14 تموز 1958).
ويعيش الملك الهاشمي عبد الله بن الحسين مرحلة من القلق، فهو لا يطمئن إلى السعوديين الذين «يذلونه» كلما طلب مساعدتهم لتمويل احتياجاته، في حين يرتاح إلى «دفء العلاقة» مع إسرائيل التي جعلته في موقع «الشريك»، وهكذا وقعت حكومتها مع الأردن اتفاقاً مفتوحاً لإمداده بالنفط والغاز قيمته مليارات الدولارات، كما سهلت له سبل الإفادة من مشروع زيادة منسوب المياه في البحر الميت، وذلك لضخ مياه إضافية عبر قناة تصله بالبحر الأحمر، عند خليج العقبة.
كذلك، فإن الملك عبد الله الثاني يتلقى تطمينات إسرائيلية متواصلة حول احتمال نزوح المزيد من الفلسطينيين إلى الأردن، بسبب ضيق أبواب الرزق في الضفة الغربية والتزايد المتواصل في عدد السكان فيها.
في المقابل، فإن الحرب السعودية على اليمن تتكشف مع عنف تواصلها وجسامة التدمير الذي يحل بالمدن والبلدات ومعسكرات الجيش وصولاً إلى المطارات والموانئ، لا فرق بين مطار مدني وآخر عسكري، عن أهداف عتيقة مضمرة وقد جاء وقت الإفصاح عنها: فالمملكة مترامية الأطراف تريد مرفأ على بحر العرب، يوصلها مباشرة إلى المحيطين الهندي والأطلسي و «يحررها» من مخاطر القبضة الإيرانية على الخليج العربي. وهذا المرفأ يقع في حضرموت، ولا بد من صيغة ما مع هذه المحافظة اليمنية الغنية بمواردها الطبيعية كما بكفاءات أهلها الذين أسهم الكثير منهم في بناء الإدارة في المملكة المذهبة، كما تقدموا الصفوف في التجارة وفي عالم المقاولات، حيث تتربع أسرة بن لادن على قمتها. وليس سراً أن شركات بن لادن هي التي تولت تنفيذ معظم مشاريع الإعمار والطرق في مختلف أرجاء المملكة، بل إن بعض المدن الجديدة ومنها الطائف كانت معزولة لارتفاعها، وإحدى شركات بن لادن ـ الأب المؤسس ـ هي التي شقت الطريق الصعب في قلب الجبال لربط هذا المصيف الجميل بسائر أنحاء المملكة، ولا سيما الحجاز.
ثم إن أرض حضرموت، كما أبلغ بعض الخبراء، تحتوي على كميات محترمة من النفط والغاز. ويُقال إن السعودية هي التي منعت، بتدخل معلن، الشركات الكبرى من إكمال التنقيب، وأساساً: من إعلان نتائجه المذهبة.
وأخيراً، فإن الأهالي في جنوب اليمن هم بالكامل من أهل السنة (الشوافع)، واجتياح الحوثيين بالتواطؤ مع علي عبد الله صالح، يمكن إدراجه في خانة «قهر أهل السنة» بالقوة.
ولأن الغاية تبرر الوسيلة، فقد تم تسويق حرب «عاصفة الحزم» السعودية على اليمن بذرائع طائفية، وأخطرها تصوير الحوثيين وكأنهم مخلوقات من خارج مدار الأرض هبطوا فجأة بطائرات إيرانية في اليمن محاولين السيطرة عليها بالشراكة مع «عدوهم» إلى زمن قريب، الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وهو الآخر «زيدي» المذهب. وهكذا، فإن السعودية إنما تصد «حرباً شيعية» على سنة اليمن، وتحمي عروبة اليمنيين السنة من الغزو الشيعي الإيراني!
وفق هذا المنطق، تصبح الحرب في سوريا وعليها حرباً لاستعادة «السنة»، وهم الأكثرية الساحقة فيها، زمام القيادة في عاصمة الأمويين، بعدما «اغتصبها» العلويون لحوالي ستين سنة، بالقوة، بعد تصفية المواقع القيادية في الجيش من القادة من أهل السنة.
هكذا يتم إسقاط «السياسة» من الحساب، وتصير «عاصفة الحزم» تحريراً لأهل السنة في اليمن من هيمنة الحوثيين خصوصاً والزيديين عموماً على القرار فيها، علماً أن الأئمة من آل حميد الدين، وهم «زيود»، قد حكموا اليمن أكثر من سبعة قرون من دون أن يعترض «الشوافع» فيها على هذا الحكم، خصوصاً أن أهل اليمن، عموماً، قد تخففوا منذ دهر من آفة الطائفية أو المذهبية، ويعتبر الشوافع «الزيود» قريبين منهم، في المذهب، أكثر من الشيعة الإماميين أو الإثني عشرية.
صار لدينا ثلاثة أقطار، أو دول، مطلوب تحريرها من حكم الشيعة، أي وبصراحة مطلقة: إيران.. واستعادتها إلى حضن مذهب الأكثرية الساحقة في الأرض العربية، أي أهل السنة. ولا بأس من إرجاء الحديث عن لبنان وموقع كل من طائفتي الشيعة والسنة في مركز القرار فيه.
لا تحتاج هذه الخطط إلى تبيان مؤداها أو نتائجها على الأرض: إنها «الفتنة الكبرى»، مرة أخرى، تُعاد أو تُستعاد بعد حوالي أربعة عشر قرناً، وبذرائع طائفية أو مذهبية لتغطية الغرض السياسي.
بهذا المعنى تُفهم «خطبة الحرب» التي ألقاها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في قمة شرم الشيخ، مشفوعة باستنفار «الدول العربية السنية» ـ ومعها باكستان ـ لصد الغارة الإيرانية (الشيعية) على اليمن، والسعي لتجنيد الدول العربية، السنية تحديداً، من الأردن إلى المغرب مروراً بمصر، مع محاولة لاستدراج الجزائر، ومحاولة تحييد العراق. أما سوريا، فكانت غائبة كالعادة، وأما لبنان فقد قال ممثله كلاماً خارج الموضوع!
ليس مفيداً طرح الأسئلة الصعبة من نوع: هل من الضروري تدمير ثلاث أو أربع دول عربية بذرائع طائفية بل مذهبية؟ يمكن احتساب «داعش» و «القيادة المؤسسة» في «القاعدة» بين أعظم المستفيدين من هذا التدمير. في حين لن ينفع البكاء أو التباكي على هذه الدول المعرّضة الآن لخطر التمزق والغرق في بحور من دماء أهلها، يستوي في ذلك السنة والشيعة، إذ إن الضحايا سيظلون ضحايا، على اختلاف مذاهبهم، أما الدول فإلى الخراب. ومن الصعب، إن لم يكن من المستحيل، في هذه اللحظة، أن نتخيل عودة العراق وسوريا واليمن (وليبيا في الجهة الأخرى من الخريطة) إلى أوضاع تماثل ما كانت عليه قبل هذه الفتنة الكبرى، التي يتوزع المسؤولية عنها قادة هذه المرحلة من التاريخ العربي، الأقوى أي الأغنى، من بين الذين يحكمون بالحرب التي جوهرها الفتنة.
وقديماً قيل: الفتنة نائمة لعن الله مَن أيقظها!
تنشر بالتزامن مع جريدة «الشروق» المصرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إعادة رسم خرائط المشرق على قاعدة مذهبية إعادة رسم خرائط المشرق على قاعدة مذهبية



GMT 19:50 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

نكتة سمجة اسمها السيادة اللبنانية

GMT 19:48 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

اكتساح حلب قَلبَ الطَّاولة

GMT 19:46 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاءوا من حلب

GMT 19:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

هو ظل بيوت في غزة يا أبا زهري؟!

GMT 19:39 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

... عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض!

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 19:33 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 19:30 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بعيداً عن الأوهام... لبنان أمام استحقاق البقاء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib